أعلن الجيش الروسي، أمس (الخميس)، أنه سيطر بشكل كامل على ميناء ماريوبول التجاري البحري الذي تم تدميره إلى حد كبير، بعد «تحريره» من أيدي مقاتلي جماعة «آزوف» اليمينية المتطرفة شبه العسكرية. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيجور كوناشينكوف، إن القوات الأوكرانية المتبقية في المدينة «تمت محاصرتها، وهي غير قادرة على الفرار من الحصار». ومع ذلك، لم تؤكد أي مصادر أوكرانية رسمية تلك المزاعم. وتخضع مدينة ماريوبول لحصار منذ أسابيع، مع اضطرار سكانها الباقين إلى الصمود من دون ماء أو طعام أو كهرباء. وقال معهد دراسات الحرب الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، إن القوات الروسية «من المحتمل» أن تسيطر على المدينة في الأسبوع المقبل. ويشار إلى أن ماريوبول لها أهمية استراتيجية بالنسبة لموسكو، حيث تسعى روسيا إلى إقامة جسر بري بين منطقة دونباس وشبه جزيرة القرم المحتلة. وتركز القوات الروسية هجماتها على شرق وجنوب أوكرانيا، ويتوقع المحللون، أن تشهد المنطقة هجوماً كبيراً جديداً في المستقبل القريب. في الوقت نفسه، ما زالت الجهود جارية في شمال أوكرانيا لرفع كميات كبيرة من الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها القوات الروسية المنسحبة. - منطقة كييف وكانت القوات الروسية انسحبت من منطقة كييف في نهاية مارس (آذار). وقد طوقت العاصمة مدة شهر بلا جدوى وشنت ضربات عليها. وأعلن كوناشينكوف الأربعاء أيضاً، أن القوات الروسية سيطرت على منطقة ميناء ماريوبول التجاري تماماً. وكانت روسيا أعلنت قبيل ذلك استسلام أكثر من ألف جندي أوكراني في هذه المدينة الساحلية الاستراتيجية التي تحاصرها قواتها وتقصفها منذ أكثر من أربعين يوماً. ونفى رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشينكو، أمس، عبر القناة العامة الألمانية «داس إرستي» استيلاء روسيا على ميناء ماريوبول، معتبراً أن هذه «الأخبار كاذبة»، موضحاً إن «الروس ينشرون قوات جديدة، لكننا ما زلنا صامدين وماريوبول لا تزال مدينة أوكرانية، وهذا يثير غضب روسيا». وأضاف «من الواضح أن الجيش الروسي ارتكب آلاف جرائم الحرب في هذه المدينة». وطالب «المجتمع الدولي بالبرهنة على إنسانيته عبر إنشاء ممرات إنسانية لإنقاذ أرواح». - استئناف إجلاء المدنيين من جهة أخرى، أعلنت أوكرانيا، الخميس، استئناف عمليات إجلاء المدنيين عبر تسعة ممرات إنسانية، لا سيما من ماريوبول بعد يوم من التعليق بسبب الانتهاكات الروسية لوقف إطلاق النار. وسيشكل استيلاء القوات الروسية على ماريوبول انتصاراً مهماً لموسكو؛ لأنه سيسمح بتعزيز مكاسبها من الأراضي الساحلية على طول بحر آزوف عبر ربط منطقة دونباس التي يسيطر عليها جزئياً موالون لها، بالقرم التي ضمتها روسيا في 2014. ويقول خبراء، إن سقوط ماريوبول حتمي، لكن القوات الأوكرانية تواصل المقاومة وباتت المعارك تتركز في المنطقة الصناعية لهذه المدينة. قال الجيش الأوكراني، الأربعاء، إن القصف الجوي الروسي لماريوبول مستمر، ويستهدف خصوصاً الميناء ومجمع آزوفستال للصناعات المعدنية. وتنذر هذه المتاهة التي حوّلها الجنود الأوكرانيون حصناً بلجوئهم إلى ممرات تحت الأرض تمتد كيلومترات، بمعركة شرسة. في المكان، شاهد صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية وصلوا مع القوات الروسية، الدمار في هذه المدينة المحترقة التي يقول الأوكرانيون، إنها «دمرت بنسبة 90 في المائة». ومنذ بداية الأسبوع، تتحدث شائعات غير مؤكدة حتى الآن، عن استخدام الروس أسلحة كيميائية في ماريوبول، بينما تؤكد موسكو أن «خطر الإرهاب الكيميائي» يأتي من الأوكرانيين. - القصف في الشرق من جهة أخرى، تتواصل عمليات القصف في الجزء الشرقي من أوكرانيا. وقد تسببت بمقتل سبعة أشخاص خلال الساعات الـ24 الماضية في مدينة خاركيف (شمال شرق) التي يحاصرها الروس أيضاً منذ بدء الغزو. ودعت كييف سكان هذه المناطق إلى الفرار في أسرع وقت ممكن خوفاً من هجوم روسي كبير وشيك للسيطرة بالكامل على دونباس التي تتقاسمها القوات الأوكرانية مع أعدائها الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 2014. ويرى محللون، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يواجه مقاومة أوكرانية شرسة، يريد تحقيق انتصار في دونباس قبل العرض العسكري الذي يجري في التاسع من مايو (أيار) في الساحة الحمراء في ذكرى انتصار السوفيات على النازيين في 1945. وفي هذا الإطار، أكد ليونيد باسيتشنيك، رئيس إحدى «الجمهوريتين» الانفصاليتين المواليتين لروسيا والمعلنتين من جانب واحد، في هذه المنطقة الشاسعة الغنية بالمناجم، الأربعاء، أن قواته تسيطر الآن على «80 إلى 90 في المائة» من لوغانسك التي تعد أولوية لدى الكرملين. - حشد قوات قالت هانا ماليار، نائبة وزير الدفاع الأوكراني، في تصريحات بثها التلفزيون أمس، إن روسيا تحشد قوات ليس فقط على الحدود الروسية – الأوكرانية، لكن أيضاً في روسيا البيضاء ومنطقة ترانسنيستريا المنشقة عن مولدوفا. ونفت السلطات في ترانسنيستريا، المحاذية للحدود الجنوبية لأوكرانيا، يوم الاثنين، أن تكون روسيا تحشد قوات هناك بما يهدد أوكرانيا. وأضافت ماليار، أن مناطق خاركيف ودونيتسك وزابوريجيا في شرق البلاد تتعرض لضربات صاروخية. وقال حاكم خاركيف، إن أربعة مدنيين قتلوا في سقوط قذائف. وذكرت السلطات الروسية، أن قرى في منطقتين جنوبيتين في روسيا، هما بريانسك وبلجورود، تعرضت لنيران مصدرها أوكرانيا. وقالت روسيا، يوم الأربعاء، إن أكثر من ألف من مشاة البحرية الأوكرانية من لواء لا يزال متحصناً في مدينة ماريوبول المحاصرة استسلموا. ولم يعلق مسؤولون أوكرانيون على الأمر. - الأزمة الاقتصادية دفع الغزو الروسي، وهو أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ 1945، أكثر من 4.6 مليون شخص للفرار إلى خارج أوكرانيا وقتل وأصاب الآلاف، كما وضع روسيا في عزلة متزايدة. وتسببت عقوبات يقودها الغرب في أسوأ أزمة اقتصادية في روسيا منذ 1991 عندما انهار الاتحاد السوفياتي، وفقاً لوصف المحللين. كما أعلنت أكثر من 600 شركة، من بينها «ماكدونالدز»، انسحابها من روسيا. كما حفز الصراع حلف شمال الأطلسي ودفع جارتي روسيا السويد وفنلندا لبحث الانضمام إلى الحلف الغربي.
مشاركة :