أثارت استعانة الحكومة المغربية بمجموعة من مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق برنامج “فرصة” لمحاربة البطالة في المملكة، انتقادات واسعة. وقالت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني والاجتماعي، فاطمة الزهراء عمور، مخاطبة عددا من المؤثرين الذين حضروا الحفل “إننا نعول عليكم، ونريدكم أن توصلوا كلمتنا لكل الشباب المغربي في المدينة والبادية”، مضيفة أن كل الشباب عندهم هواتف ذكية اليوم، نريدكم أن تكونوا سفراء لبرنامجنا من أجل إنجاحه، وأن شبابنا يجب أن يثق في قدراته، وأمامنا فرصة للإقلاع. وشددت الوزيرة، الثلاثاء، بحضور عدد من “صانعي المحتوى” بالمغرب، أو ما يسمّى بالمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، على أن برنامج “فرصة” يفتح آفاقا واسعة أمام الشباب المغربي. ووصف عدد من الصحافيين مبادرة الوزيرة بغير السليمة والبعيدة عن أساليب التواصل الحكومي والمؤسساتي، معتبرين ما أقدمت عليه الوزيرة “ينم عن تجاهل وتهميش كبير للإعلام والصحافيين والصحافة الوطنية”، والتي من المفروض أن تكون جسرا للتواصل بين الحكومة والمؤسسات من جهة، والمواطنين من جهة أخرى. يونس دافقير: خلق منافسة بين الصحافيين والمؤثرين يسيء للصحافة وأكد الأكاديمي محمد بودن أن منح المؤثرين “شيكا على بياض غير مناسب تماما للعمل المؤسسي ولم يكن سببا في تطور اليابان وسنغافورة وروندا وغيرها وأن الارتكاز على المؤثرين يعني الافتقاد إلى رؤية لأن أربعة مؤثرين فقط قد يكون تأثيرهم مختلفا بشأن نفس المشروع، ومشاريع السيادة الوطنية ينبغي أن تكون محصنة وقائمة على حس سليم وعميق”. من جهته علّق رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية عثمان مودن على صفحته في فيسبوك أننا “نظمنا أكثر من 20 لقاء بمختلف جهات المملكة، شرحنا وناقشنا بلغة واضحة وصريحة لا تخلو من نقد مع عموم المواطنات والمواطنين بالجامعات والجماعات الترابية وهيئاتها والمدارس العمومية ومقرّات جمعيات المجتمع المدني، مقتضيات قانون المالية لسنة 2022 ومن ضمنها برنامج ‘فرصة’ و’أوراش’، في وقت كان فيه ما يسمّى المؤثرون يرقصون ويستعرضون أجسادهم وتفاهاتهم على تيك توك وإنستغرام”. وأضاف مودن أنه “مع الحكومة الجديدة أصبح لهؤلاء موطئ قدم في مؤسسات الدولة الرسمية وأصبح وزراؤنا يعتمدون عليهم في تسويق الخطاب الرسمي والبرامج الكبرى للدولة، إنه العبث في أبهى تجلياته؟ العبث بتاريخ الدولة المغربية ومؤسساتها الرسمية، والعبث ببرامج ملكية”. يذكر أنه تم تكليف وزيرة السياحة والصناعة التقليدية، المنتمية إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، بمهمة تنزيل برنامج “فرصة”، وهو برنامج يهدف إلى مواكبة وتمويل 10 آلاف من حاملي المشاريع في جميع قطاعات الاقتصاد، رغم أن هذه المهمة تدخل ضمن مجال واختصاصات وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، التي يشرف عليها يونس السكوري من الأصالة والمعاصرة. وقالت وزيرة السياحة موجهة كلامها للمؤثرين الذين سيقومون بتسويق هذا المشروع إن “برنامج ‘أوراش’ يعيد الثقة إلى الشباب المغربي، ويتيح للمواطنين الدخول في عالم المقاولة والمساهمة في الاقتصاد الوطني”، مضيفة “شبابنا يجب أن يثقوا في قدراتهم، وأمامنا فرصة للإقلاع”، كما شددت أيضا على أنه خلال الشهور الماضية تم تنظيم عدد من اللقاءات مع عدد من المقاولين، متوقفة عند ما اعتبرتها أربعة معيقات تحد من طموح الشباب المقاول؛ “الرأسمال، والمحيط والإدارة والقدرة على تنزيل المشروع”. واعتقد سامي المودني رئيس تحرير في قناة “ميدي1.تي.في” ورئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أننا تجاوزنا مرحلة السخرية من وزراء في حكومة يغطون على فشلهم التواصلي باستقدام من يوصفون “بمؤثرات” و”مؤثري” شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن “ما عايناه، في حفل إطلاق برنامج فرصة يدعو إلى الألم، لأن الحكومة التي لا يقدّر بعض وزرائها على إجراء حوار تلفزيوني لمواجهة المواطنين والمواطنات ومحاولة إقناعهم، تقدم لنا أشخاص من دون عمق معرفي ولا فكري ولا حتى بإنجاز رياضي أو علمي أو ثقافي، على أنهم نموذج للشباب”. وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض دور المؤثرين في التسويق ليس جديدا حيث استخدمت الشركات الوجوه المعروفة، مثل المشاهير أو الرياضيين، في إعلاناتها التلفزيونية أو الإذاعية لبيع منتجاتها بشكل أفضل، فإن المنتقدين المغاربة يعيبون أن تلجأ الحكومة إلى هؤلاء الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفهم مؤثرين، وإهمال المؤسسات الإعلامية ومؤسسات أخرى لها مصداقية. المنتقدون المغاربة يعيبون أن تلجأ الحكومة إلى هؤلاء الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفهم مؤثرين، وإهمال المؤسسات الإعلامية ومؤسسات أخرى لها مصداقية وعلق نوفل بوعمري، محام ومحلل سياسي، أن هذه الحكومة تعمد الآن إلى قتل الصحافة ودور الصحافيين باسم بدعة المؤثرين، فبعد استعانة وزير التعليم بهؤلاء، ها هي وزيرة السياحة تستغيث بهم في برنامج فرصة الذي يفترض أنه برنامج اقتصادي موجه للشباب، مضيفا أن الحكومة ضاقت ذرعا بالصحافة فعوضتهم بما يسمى بالمؤثرين للترويج لبرامج تستهدف قطاعات اجتماعية واسعة. وأضاف “فقط سؤال: معلوم أن المؤثرين حوّلوا صفحاتهم إلى صفحات مدرّة للدخل، هذا حقهم، فهل الترويج لهذه البرامج الحكومية سيكون بالمقابل؟! الفرق بين المؤثر والصحافي بسيط. فالمؤثر ينقل ما يتابعه للمتابعين هدفه الربح، والصحافي مهنة تعتمد على طرح الأسئلة والتحليل، ليبرز وجهة نظره بأن هذه الحكومة تكرس هدم الوسائط المجتمعية بدل تقويتها”. في المقابل يرى يونس دافقير، رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية، في تدوينة على فيسبوك، أنه لا يحبذ الشعبوية “وإن كانت في مصلحتي ومصلحة قبيلتي (الصحافيين)، لذلك هذا التوجه نحو خلق منافسة بين الصحافيين والمؤثرين ليس صحيحا، ويسيء للصحافة وليس للمؤثرين”، مشيرا إلى أن “السياسي أو المسؤول يتعامل مع المؤثرين من باب أنهم آلية تسويق وتواصل وليس من باب أنهم صحافة، لأن السياسي أو المسؤول براغماتي بطبيعته، يبحث عن أكبر عدد من الجمهور لتبليغ رسالته أاو مشروعه، والحقيقة المرة اليوم أن الجمهور الكبير يوجد عند المؤثرين وليس الصحافيين”. وتتم معظم عمليات التسويق عبر المؤثرين اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي، أصحاب النفوذ الجزئي والمدونون كوسيلة أكثر فعالية من حيث التكلفة للعلامات التجارية لاكتساب مصداقية فورية خصوصا في صفوف الشباب. وطالب سامي المودني وزراء الحكومة بدعوة الشباب المغاربة وهم كثر (يكفي أن يبحث عنهم مستشارو الوزراء)، حققوا إنجازات علمية وثقافية وشبابية، لكن يبدو أن وهم اللايك وعادة البارطاج قد أعميا بصيرة مسؤولينا السياسيين”.
مشاركة :