أوضح د. سعود بن إبراهيم الشريم -في خطبة الجمعة- أن شهر رمضان لنعمة كبرى من الله بها على عباده؛ ليجعلوا منه شهر إقبال وإخبات، وشهر تخلية فتجلية فتحلية، وشهر تزوّد للادخار، وشهر ذكر وبر، وشهر صوم وقيام، وشهر صدقة وتقوى، إنه شهر الطاعات برمتها، وإن من جملة تلكم الطاعات الدعاء، فهو العبادة المشروعة كل حين، غير أن شرف الزمان وما يحمله من سكينة للنفوس وروحانية، وطمأنينة وانشراح إبان تصفيد الشياطين فيه يجعله في الشهر آكد، ولمظنة القبول أرجى، فإن الله جل شأنه قد ذكره مقروناً بآيات الصيام فقال وهو أصدق القائلين: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ". وأضاف: هذه الآية قد تضمنت دعاء العبادة ودعاء المسألة، أما دعاء العبادة فهو كل عبادة أمر الله بها بصيغة الوجوب أو الاستحباب، فإذا أداها المسلم فكأنما توسل بها إلى الله جل شأنه أن يأجره عليها، ويكرمه بنعيمه، ويزحزحه عن عذابه، وأن يصلح بها شأن دينه وأمر دنياه، وأما دعاء المسألة فهو الطلب الصريح من الله لقضاء الحاجات الدنيوية والأخروية وكلا الدعاءين -دعاء العبادة ودعاء المسألة- حق خالص لله دون سواه، وإنه متى صرف لغيره صار شركاً بالله تعالى: "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ". وبيّن أن الله جل شأنه إذا أراد بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، وعلى المرء ألا يستكثر شيئاً في الدعاء، فإن كل ما يظنه كثيراً فهو في ملك الله قليل، وكل ما يراه عسيراً فهو في جنب الله يسير. وأبان أن للدعاء مفاتيح لا يحسنها كل أحد، وهي كثيرة جداً، منها لإخلاص ومتابعة هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، وذلك بالتزام آداب الدعاء وترك الاعتداء فيه بالصراخ أو رفع الصوت فوق المعتاد عملا بقول الله: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، وعملاً بالحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال للصحابة لما رفعوا أصواتهم بالذكر: أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً بصيراً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. تأدية صلاة الجمعة في الحرم
مشاركة :