أصيب 150 فلسطينيا خلال صدامات عنيفة وقعت صباح اليوم (الجمعة) في باحات المسجد الأقصى شرق مدينة القدس وسط تنديد وغضب فلسطيني رسمي وشعبي. وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، أن طواقمها نقلت 150 مصابا خلال الصدامات إلى مستشفيات المدينة المقدسة لتلقي العلاج بينهم صحفيون ومسعفون، واصفة جروح عدد منهم بالخطيرة. واندلعت الصدامات عقب اقتحام الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد البالغ مساحته 144 دونما، بحسب مصادر فلسطينية وإسرائيلية، فيما جرى تداول مقاطع فيديو للقوات الإسرائيلية وهي تهاجم المصلين بينهم نساء وكبار السن. وقالت مصادر فلسطينية لـ ((شينخوا)) إن قوات الشرطة استخدمت الأعيرة المغلفة بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع والصوت لتفريق جموع الفلسطينيين. ولاحقا اقتحمت قوات الشرطة المصلى القبلي في ساحات المسجد الأقصى واعتدت على المعتكفين فيه وأطلقت قنابل الغاز عليهم وشنت حملة اعتقالات واسعة بين صفوفهم طالت أكثر من 100 شخص. وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان، إن عشرات من الفلسطينيين بعضهم ملثمون نظموا مسيرة في باحات الحرم القدسي وهم يحملون الأعلام الفلسطينية ورايات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأطلقوا مفرقعات وألعابا نارية في الهواء وألقوا الحجارة. وأضاف البيان أن المشتبه بهم جمعوا الحجارة والألواح الخشبية بقصد الإخلال بالنظام، وبدأت أعمال شغب عنيفة شملت إلقاء الحجارة والأغراض وإطلاق المفرقعات والألعاب النارية وأعمال شغب والعبث بالنظام. وتابع البيان أن الشرطة اضطرت إلي دخول الحرم القدسي والعمل على "تفريق وصد المنتهكين العنيفين والسماح للمصلين الآخرين بمغادرة المكان بأمان"، مشددا على أن قوات الشرطة "ستواصل العمل بحزم ضد المخالفين والخارجين عن القانون من أجل ضمان الأمن والسلم العام". من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بحسب ما نشرت الإذاعة الإسرائيلية العامة، العمل على تهدئة الخواطر في الأقصى وباقي المناطق، مشددا في الوقت نفسه على الاستعداد لجميع السيناريوهات، وأن قوات الأمن مستعدة لأداء كل مهمة. واندلعت المواجهات بعد وقت قصير من أداء آلاف الفلسطينيين صلاة فجر اليوم الجمعة، وسط هتافات من التكبير والتهليل احتجاجا على نية جماعات يهودية متشددة دخول الأقصى لذبح القرابين. وتعليقا على ذلك، اعتبرت الرئاسة الفلسطينية على لسان المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة في بيان وزع على الصحفيين، أن ما حدث من اقتحام للمسجد الأقصى ودخول قوات الشرطة الإسرائيلية إلى المصلى القبلي "تطور خطير وتدنيس للمقدسات، وهو بمثابة إعلان حرب" على الشعب الفلسطيني. وطالب أبو ردينة الجهات الدولية بالتدخل الفوري لوقف "هذا العدوان الإسرائيلي الهمجي على المسجد الأقصى حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة"، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني "لن يسمح للقوات الإسرائيلية وجماعات المستوطنين بالاستفراد بالمسجد الأقصى وسيدافع عنه مهما كلف الأمر". بدوره، أدان وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي، اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلين، وحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعيات الحادثة. وقال الهدمي لـ((شينخوا)) إن أغلب الإصابات تركزت في الأجزاء العلوية من أجساد المصابين، معتبرا أن اقتحام المسجد الأقصى بهذه الأعداد الكبيرة من أفراد الشرطة يدلل على أن "الاقتحام كان مبيتا". كما اعتبر الهدمي أن ما جرى "انتهاك فظ للوضع التاريخي القائم بالمسجد الأقصى"، مؤكدا الحاجة العاجلة لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ووقف الانتهاكات الإسرائيلية. من جهته، أعلن مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي، أن الرئيس محمود عباس على تواصل مع أطراف عربية ودولية من بينها الأردن والإدارة الأمريكية لوضعها في خطورة مخططات السلطات الإسرائيلية في الجمعة الثانية من رمضان. وقال الرويضي لـ ((شينخوا)) إن الشعب الفلسطيني من حقه الدفاع عن المسجد الأقصى كونه "جزءا من عقيدة المسلمين، ولن نسمح بأي حال من الأحوال باستمرار الاعتداء من قبل الحكومة الإسرائيلية ومستوطنيها على أولى القبلتين وثالث الحرمين". كما اعتبرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية أن ما جرى من استباحة للمسجد الأقصى و"تدنيس" للمسجد القبلي وتحطيم نوافذه واقتحامه بالأحذية وتعرُّض للمصلين المسلمين الآمنين داخله هو دفع باتجاه "حرب دينية". وقالت الوزارة في بيان إن الحكومة الإسرائيلية تسعى لتنفيذ رؤيتها الهادفة للسيطرة على المسجد الأقصى بساحاته ومرافقه ومبانيه وإرضاء المستوطنين الذين يعملون على مدار الوقت لممارسة طقوسهم وشعائرهم التلمودية الداعية "لذبح القرابين". كما حملت حركة (حماس) الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن كل ما يترتب على "الاعتداءات الوحشية" من مخاطر تمس بمشاعر الشعب الفلسطيني وسكان القدس الذين يخوضون معركة حقيقية في الدفاع عن المسجد الأقصى. وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في بيان إن الفلسطينيين في القدس "ليسوا وحدهم في معركة الأقصى، بل معهم فصائل المقاومة الفلسطينية، والجماهير في الضفة الغربية وداخل إسرائيل لنصرة المسجد الأقصى". أما حركة الجهاد الإسلامي فاعتبرت أن "الاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى جريمة يتحمل الاحتلال كامل المسؤولية عنها"، محذرة من أن استمرار "العدوان في الأقصى يجعل المواجهة مع إسرائيل أقرب وأصعب مما تظن". ويسود المسجد الأقصى حاليا هدوء حذر ويجري تنظيف باحاته من الحجارة وقطع الخشب بعد فتح أبوابه والسماح للمصلين بدخوله. وتأتي المواجهات في المسجد الأقصى وسط خشية من تصاعد التوترات في الضفة الغربية والقدس مع حلول شهر رمضان كما جرى العام الماضي حيث شهد حي الشيخ جراح شرق المدينة المقدسة توترات بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية على خلفية إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها لصالح جمعيات يهودية. يشار إلى أن التوتر في المسجد الأقصى كثيرا ما كان سببا لجولات من التصعيد بين الفلسطينيين وإسرائيل منها "هبة النفق" التي اندلعت في العام 1996 احتجاجا على حفر وافتتاح إسرائيل للنفق الغربي أسفل الأقصى والتي استمرت ستة أشهر. وفي العام 2000 فجرت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارئيل شارون بمرافقة 2000 من أفراد الشرطة المدججين بالسلاح الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى" والتي استمرت لعدة أعوام.
مشاركة :