حسابات سياسية رسمية وراء تغييب قطر وتركيا وإيران في "الاختيار 3"

  • 4/16/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عرض المسلسل المصري “الاختيار 3” أربع عشرة حلقة من حلقاته حتى مساء الجمعة، ولم تتضمن أحداثه التي تركز على فترة حكم الإخوان لمصر حضورا مباشرا لكل من إيران وتركيا وقطر، وهي الدول التي أشار الإعلام المصري في وقت سابق إلى أنها لعبت دورا في مساندة حكم الإخوان، في موقف قال مراقبون إنه يعبر عن حسابات سياسية في مسلسل معد خصيصا لتقديم الرواية الرسمية المصرية للأحداث. وكانت تركيا وقطر وإيران الحاضر الغائب في بعض الأحداث السياسية والأمنية التي تطرق إليها الجزء الثالث من المسلسل المصري “الاختيار 3″، على عكس الجزأين السابقين اللذين كان الحضور فيهما أشد وضوحا من العام الجاري. وأدى التحسن في العلاقات السياسية بين القاهرة والدوحة وأنقرة إلى تحويل الإشارات إلى تلميحات في السياق الدرامي، لأن الكثير من المشاهدين يتعاملون معه على أنه يتضمن وجهة نظر رسمية، الأمر الذي جعل مصر أكثر حرصا على عدم التصريح هذه المرة، ما يفيد بأنها تريد الحفاظ على ما تحقق من تقدم نسبي في علاقاتها مع كل من تركيا وقطر. جهاز الأمن المصري لا يريد الدخول في مناوشات جديدة، وعمل على توثيق فترة حساسة جدا في تاريخ مصر دون ذكر أسماء دول تورطت في عمليات عنف وتحريض وجاءت التلميحات في حالة طهران مختلفة نسبيا عن حالتَيْ أنقرة والدوحة، وعلى الرغم من عدم حدوث تطورات -إيجابا أو سلبا- على مدار السنوات الماضية إلا أن تطرق المسلسل إلى دورها بعد أحداث الثورة المصرية في يناير 2011 تضمن إشارة مباشرة إلى رغبة الإخوان في تشكيل حرس ثوري في مصر دون ذكر إيران صراحة. وأحدثت الحلقة الثالثة عشرة التي أذيعت الخميس وتضمنت شخصية مخابراتية أجنبية -حملت في المسلسل اسم “يامن عدنان”، زار مصر بجواز سفر سياحي رفقة فوج من بلده- ردود فعل عديدة؛ لأنه لم يُكشَف عن هويتها وتم فسح المجال لتكهنات متباينة. وتبدو الشخصية لممثل الحرس الثوري الإيراني وهو في زيارة إلى القاهرة يقوم خلالها بجولة في المنطقة التي يوجد فيها ضريح ومسجد الحسين بن علي بن أبي طالب، وتم اختيارها بعناية للإيحاء بأنها شخصية إيرانية مهمة. ونشرت وسائل إعلام مصرية عديدة عقب سقوط نظام الإخوان في يوليو 2013 الكثير من القصص المثيرة عن العلاقة بين الجماعة وطهران ومحاولة تشكيل نموذج مصغر للحرس الثوري في مصر، وذاع صيت رواية تتعلق بشخصية إيرانية مخابراتية كبيرة زارت القاهرة آنذاك وكان الأمن المصري يتابع تحركاتها واجتماعاتها مع قيادات الإخوان، واضطرت إلى مغادرة البلاد بعد اكتشاف مخططها. ويُبرز مسلسل “الاختيار” دور الأجهزة الأمنية المصرية في مواجهة جماعة الإخوان واليقظة التي كانت تتحلى بها هذه الأجهزة في مواجهة العديد من التحديات الداخلية والخارجية، ومن المفترض أن يتطرق إلى دور كل من تركيا وقطر وإيران، وهي الدول الثلاث التي ظل الإعلام يوجه إليها اتهامات بالتدخل في الشؤون المصرية قبل وبعد وخلال عهد الإخوان الذي لم يستمر سوى عام واحد. ورأت الجهات الأمنية التي أشرفت على إنتاج المسلسل أن الحضور الغائب للدول الثلاث في “الاختيار 3” صيغة مهمة وحكيمة وتجنب القاهرة الحرج السياسي، حيث أوحت ولم تصرح، ما يعني أنها لا تريد الدخول في مناوشات جديدة، وعملت على توثيق فترة حساسة جدا في تاريخ مصر دون ذكر أسماء دول قيل إنها تورطت في عمليات عنف وتحريض. Thumbnail ومن المؤكد أن “الاختيار 3” عمل فني – سياسي يتضمّن تلميحات عديدة، من أبرزها أن أجهزة الأمن المصرية كشفت مبكرا خيوط التلاقي بين الدول الثلاث وجماعة الإخوان، وهذه التداخلات انتهى زمانها وصارت القاهرة منفتحة ومستعدة لتطوير العلاقات مع تركيا وقطر، شريطة التخلي تماما عن هذه اللعبة القديمة. وكانت التلميحات التي أصابت تركيا وإيران أكبر من تلك التي أصابت قطر، فالأخيرة لم يأت ذكرها طوال الحلقات الماضية إلا في سياق تسجيل للقيادي الإخواني خيرت الشاطر تحدث فيه عن حضّ الجزيرة على نشر الفوضى في المنطقة. بينما جاء ذكر الدولتين الأخريين صراحة على لسان أحد أبطال العمل، والذي تحدث عن مفاضلة الإخوان بين نموذجي تركيا وإيران في الحكم، وقال إن الجماعة أقرب إلى تكرار تجربة النموذج التركي في مصر. ويقول مراقبون إن “الاختيار 3” حرص على تجنب التوقف عند الحكومة القطرية تصريحا وتلميحا، وجاءت الإشارة الواضحة من زاوية الجزيرة، وكأن القاهرة تريد القول إن العقدة لا تزال تكمن في هذه القناة التي لم تتوقف عن المشاغبة. وتحظى كل حلقة في المسلسل بمناقشات مختلفة بين المصريين، وصار بعضهم يتسلون بلعبة فك الشفرات التي يتضمنها، ومع استمرار التلميح إلى شخصيات وجهات متعددة يحتاج المواطنون إلى قاموس سياسي وأمني يساعدهم على ربط الأحداث ببعضها البعض وحل الألغاز التي يتضمنها العمل، خاصة عند الحديث عن إيران وتركيا وقطر.

مشاركة :