أكدت دراسة حديثة، أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بعنوان: «تأثير الحرب في أوكرانيا على حركات التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط»، أن الحرب الروسية في أوكرانيا سيكون لها تأثير عميق في الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، سواء في أوروبا أو آسيا أو الشرق الأوسط، حيث ستلعب التعقيدات الجديدة للجغرافيا السياسية الخاصة بالصراع أدواراً مهمة في تشكيل أطر جديدة للتنافس الاستراتيجي والمصالح الحيوية للأطراف المختلفة، سواء كانت القوى الكبرى أو القوى الإقليمية، ما سينعكس على الترتيبات الأمنية في مناطق عديدة ومنها الشرق الأوسط. وأشارت الدراسة، التي أعدها عزت إبراهيم رئيس تحرير الأهرام ويكلي والخبير في العلاقات الدولية، إلى أن الحرب الدائرة في أوكرانيا تقترن بمتغيرات جديدة في النظام الدولي تمس الحرب على التنظيمات المتطرفة والإرهابية، منها: تراجع النظام الدولي القائم على القواعد، حيث أسهم الإضعاف المتعمد لدور الأمم المتحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية في خلق عالم أكثر فوضوية وقيام دول كبرى بانتهاك حقوق السيادة لدولة أخرى دون رادع من المنظمة الدولية. كما أن عودة التحالفات تعد إحدى أهم المتغيرات الجديدة في النظام الدولي، وفي ظل تصاعد الأزمة الروسية-الأوكرانية، عاد حلف شمال الأطلسي «الناتو» من جديد لاعباً بارزاً على مستوى منظومة الدفاع الغربية بقيادة الولايات المتحدة، إضافة إلى شرعنة فيالق المقاتلين الأجانب (المرتزقة)، حيث جاءت دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي لفتح باب التطوع واستقبال مقاتلين أجانب كالصدمة، خاصة في ظل ردود أفعال دول غربية اختارت الصمت على هذا التوجه، وأثارت الدعوة حالة من القلق بسبب منح الشرعية لمبدأ جلب المرتزقة والمقاتلين من خارج البلاد، حيث يتوقع ألا يتوقف الأمر عند الحالة الأوكرانية وحدها. وذكرت الدراسة أن الحرب في أوكرانيا تبرهن أن الولايات المتحدة الأميركية لا تملك رفاهية الانسحاب، أو التراجع عن التزاماتها في الشرق الأوسط . الأزمة أوضحت الدراسة أن بوادر الأزمة بين روسيا وأوكرانيا بدأت تلقي بظلال كثيفة على مجتمعات العالم النامي ومنها دول الشرق الأوسط، التي بدأت تعاني أزمات فورية بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي والحبوب، وأهمها القمح والذرة، إضافة إلى زيوت الطعام التي تنتج روسيا وأوكرانيا النسبة الأكبر منها على المستوى الدولي (تمثل روسيا وأوكرانيا معاً 29% من إمدادات القمح في العالم)، إذ لم تعد بعض الدول قادرة على الوفاء بتوفير واردات القمح أو النفط في ظل نقص المعروض والارتفاع الحاد في الأسعار بالبورصات العالمية. وبينت الدراسة أنه في ظل غياب أفق الحل السياسي واتساع الفجوة ما بين روسيا والغرب بشأن تسوية الأوضاع على الجبهة الأوكرانية، فإن الموقف الراهن مرشح لمزيد من التدهور وتوظيف كل طرف للأدوات كافة المتاحة في حوزته لتحقيق مكسب على حساب الطرف الآخر، ولعل توظيف معسكر الحلفاء الغربيين لسلاح العقوبات، سيكون له تبعات على مسار الأزمة في الفترة المقبلة وعلى قدرة أطراف بعينها في البلدان المتضررة من الأزمة الكبرى على توظيف التوابع الاقتصادية السلبية لخدمة أهداف سياسية والخروج بمكاسب محددة.
مشاركة :