المتتبع للأحداث المتتالية لهذا التنظيم الموبوء وخطره المتعاظم، جعل العالم بعدّته وعتاده يتجشَّم وعثاء السفر، ويُعرِّض قواته وسمعته للنزال الحربي الذي توصلوا في نهاية دراساتهم الاستراتيجية أن الحل العسكري هو العلاج الناجع لهذا الفايروس المُعدي في جسد العالم، حيث تعاملوا معه وكأنه مُخرج سنوات تراكمية طويلة الأمد؛ بينما عمره الزمني -أرضاً- لا يتجاوز عدة سنوات، أما - فكراً- فهو حتماً منتج خطط له بشكل احترافي مستغلين أربابه ضعف الشرعية في الأقطار التي سيطر عليها، والتي كانت سبباً مباشراً في تقوية شوكته، وفرض سيطرته على الواقع كمكوّن لا يقبل إلا بالعنف في حل مشكلاته مع خصومه. لقد أكسب التدخل الروسي أولاً والبريطاني ثانياً التنظيم الإرهابي أهمية كبرى في حسابات المحللين السياسيين الذين أخذوا يُنظِّرون لماهية التدخل وما هي أهدافه؟ وتناسوا أن الكفة غير متوازنة لا سياسياً ولا عسكرياً بين طرفي المعادلة، فمن البديهي ألاَّ يُقارن تنظيم حديث التجهيز بقوى عُظمى لها من الخبرة العسكرية والقتالية ما يُمكِّنها من إنهاء النزاع في فترة قياسية، وما حرب فوكلاند في عهد تاتشر عنا ببعيد؛ فقد أعادت الوضع خلال شهرين ونصف فقط إلى وضعه الطبيعي بعد أن أراد الأرجنتينيون السيطرة عليها، مما يعني أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الهدف الأساسي لهذا الوجود لا يستهدف القضاء على التنظيم باعتباره مصدر خطر دولي، ومنبع لتصدير العنف في سياقاته المُتعددة لدول العالم، بل إن المُبتغى -بالذات للروس- هو تسجيل موقف إيجابي مع الحليف الإستراتيجي لمنهجيّتهم السياسية المتمثلة في نظام الأسد، وأهمية استمراريته من جهة، وضمان دور تقوم بلعبه في الساحة العربية المُضطربة من جهةٍ أخرى؛ بعد أن تحوَّل ربيعها الأخضر إلى خريف أصفر تساقطت معه كل أوراق نجاة شعوب هذا الربيع من نِير الديكتاتورية إلى ظهور مؤشرات تقود المنطقة لحرب عالمية ثالثة يكون لداعش -التنظيم الهُلامي- قصب السبق في نشوبها، وتسجيل اسمه في سجلات التأريخ كمُحرِّك أساسي لها. Zaer21@gmail.com
مشاركة :