منظمات المجتمع المدني التي قصدتها في مقالي الأسبوع الماضي، هي تلك التي تضم المُفكِّرين والباحثين والإعلاميين والأكاديميين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، والمؤمنين بالسلام والوئام، والرافضين لكل أشكال التطرف، والحريصين على سيادة الدول، والمحاربين لكل أشكال التبعية والوصاية، والمناوئين لأصحاب الأطماع وللمدمنين على حب السيطرة. هذه هي المنظمات النزيهة ممن لا يبيع خدماته تحت شعارات واهية، ولا ممن ينقل بندقيته من كتفٍ الى آخر حسب المغريات التي يحصل عليها، ولا ممن يعمل على قدر ما ينتفع. المنظمات التي تولد من مبادرات أبناء الوطن، هي التي تتكامل مع المسؤولين الشرفاء لينهض الجميع بالوطن، لأن الجميع معني بحماية البلاد وصونها والذود عنها. وعلينا جميعًا مسؤولين ومواطنين أن نعي أن أي منظمة ليست من نسيج أبناء الوطن لا يمكن لها أن تُحقِّق الهدف المنشود مهما كان وضعها ومكانتها، لأنها من نتاج خبرات الآخرين، فيما نحن أحوج لمن يمتلك حسًّا وطنيًا، وغيرةً على قادته وأرضه وشعبه. فالمنظمات الأجنبية يمكن لنا أن نستأجر خدماتها، وأن نستعير خبراتها لقاء حفنة من الدولارات، ولكننا لا نضمن ولاءها وغيرتها علينا. علينا أن نؤمن بقدرات أبناء البلد الشرفاء، وأن نمنحهم ثقتنا، وأن نُقدِّم لهم كل ما يُعينهم من أجل الدفاع عن وطنهم، خاصة أن لدينا الكثير من الطاقات البشرية، ومن تراكم الخبرات، ومن صدق الولاء لمملكتنا ولقيادتنا. ويخطىء من يظن أن الذود عن الوطن في ساعات المحن هي فقط من مهمة رجل الأمن ورجل السياسة، بل هي أيضًا من مهمة المواطن أيًّا يكن موقعه الاجتماعي أو المهني، وأيًّا يكن حسبه ونسبه، وأيًّا يكن مستوى علمه وحجم ثروته وعدد صكوك أملاكه. لابد من تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بصورةٍ منطقية وأسلوبٍ حضاري، فالوطن العظيم والدين الحنيف أمانةٌ في أعناق الجميع. ومنظمات المجتمع المدني ليست أحزابًا ولا تكتلات، ولا كناية عن محاور وتنظيمات، بل هي أدوات لتأطير الطاقات، ليكون لها دورها الإعلامي في الرد على الحملات المغرضة، ودورها الاجتماعي للحفاظ على نسيج الوطن والتضامن، ودورها البحثي في استشراف التحديات وسبل معالجتها، ودورها الرقابي لمحاربة الفساد الإداري، ودورها التوعوي ضد الأفكار الضالة، وتعزيزالتلاحم الوطني. باختصار هي المعين للمسؤولين لتضم سواعدها إلى سواعدهم من أجل غدٍ أفضل. sbt@altayar.info
مشاركة :