كشفت مصادر مطلعة لـ(الجزيرة)، عن أن وزارة العمل تدرس حالياً إمكانية توفير خدمة تأجير العمالة الزراعية من خلال شركات الاستقدام الأهلية كحل بديل عوضاً عن الحاجة للتأشيرات الموسمية الزراعية. ويأتي هذا التوجه في إطار تحرك وزارة العمل الحالي نحو السعي لإيجاد حلول جذرية لتوفير العمالة الموسمية الزراعية للشركات الزراعية والمزارعين، والعمل على حل حاجة المزارعين بمختلف مناطق المملكة، كما يأتي في إطار وضع عدد من السياسات الجديدة لمعالجة المشاكل التي تواجهها سوق العمل السعودية، وبما يكفل تنظيمها خصوصاً بعد انتهاء حملة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة. وبحسب المصادر ذاتها، فإن وزارة العمل تعكف حالياً على توفير البيانات الزراعية والمهن والجنسيات التي طلبت من قبل الشركات الزراعية والمزارعين في مناطق المملكة.. ويأتي هذا التوجه في الوقت الذي طالب مجلس الشورى في توصية له خلال جلسته الأخيرة وزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة العمل للتغلب على الصعوبات التي تواجه المزارعين في الحصول على العمالة الزراعية. واتخذت الحكومة مؤخراً قرارًا من شأنه دعم أصحاب المزارع الصغيرة والمتوسطة من خلال إعفائهم من إصدار بطاقات عمل لأربعة عمال والبالغ كلفتها 2400 ريال سنوياً، في المقابل يسهم ذات القرار في التصدي لظاهرة المتاجرة بتأشيرات عمالة النشاط الزراعي أو الرعي من قبل بعض المزارعين عبر سوء استغلال تسهيلات الاستقدام المتاحة.. حيث لاحظت الجهات المعنية ضخامة أعداد العمالة الوافدة المحسوبة على النشاط، وكذلك قيام البعض ممن استقدموا تلك العمالة بتركهم يعملون لدى الغير في أنشطة أخرى ليست لها علاقة بالزراعة أو الرعي مما ينتج عنه آثار سلبية عديدة.. حيث وافق مجلس الوزراء على قصر تطبيق البند (ثانياً) من قرار مجلس الوزراء رقم 353 وتاريخ 25-12- 1432هـ فيما يتعلق بالعمالة الفردية في نشاط الزراعة والرعي، على الحالات التي يزيد فيها عدد العمال في هذا النشاط على ستة عمال وذلك بإعفاء أربعة من الوافدين العاملين في هذه المنشآت إذا كان مالكها يعمل في إدارة منشأته بشرط ألاّ يكون مسجلاً في أي منشأة أخرى من تطبيق القرار بحقها والذي ينص على تحصيل مقابل مالي عند إصدار رخصة العمل أو تجديدها للعمالة الوافدة من جميع منشآت القطاع الخاص قدره 2400 ريال سنوياً لمصلحة صندوق الموارد البشرية عن كل عامل وافد يزيد على متوسط عدد العمالة الوطنية في هذه المنشآت. وجاء هذا الدعم بعد أن أبدى بعض المزارعين تذمرهم من تحديد عدد العمالة في المنشآت الزراعية؛ إذ لا يسمح للمزارع بالحصول على أكثر من أربع تأشيرات فقط، وفي حال طلبه أكثر من ذلك فإن المزرعة تصنف كمؤسسة تجارية؛ وبالتالي يطبق عليها نظام السعودة وإصدار بطاقات عمل لكل عامل وكلفتها 2400 ريال سنوياً أسوة بالعمالة التجارية؛ ما يضر بالنشاط الزراعي. وكانت وزارة العمل قد أبقت على شرطها المتعلق بتأشيرات عمالة النشاط الزراعي الخاص غير التجاري والمتضمن السماح بمنح تأشيرات إضافية لأصحاب المزارع الصغيرة والمتوسطة ممن تتجاوز احتياجاتهم الأربع تأشيرات بعد تحويل صفة النشاط من النشاط الزراعي الخاص إلى الإنتاج الزراعي والحيواني والتسجيل كمنشأة تجارية. ويأتي تمسك الوزارة بقرارها على خلفية ما كشفته مصادر مطلعة لـ(الجزيرة) في وقت سابق عن رفع لجنة حكومية توصياتها بضرورة إعفاء المزارع الصغيرة والمتوسطة من إجراءات وزارة العمل الخاصة بتحديد عدد العمالة وتطبيق السعودة. وأوضحت المصادر في حينه، أن وزارة العمل بررت تحفظها تجاه تلك التوصية إلى أن نشاط الزراعة والرعي في المملكة يُعتبر من الأنشطة التي لا تتضح فيها الفوارق بين كون هذا النشاط تجارياً أو كونه نشاطاً للاستخدام الشخصي غير التجاري أو الاستخدام التجاري المحدود، وأنها وفي ظل هذا الواقع لاحظت من مراجعة أعداد العمالة الوافدة في هذا النشاط وجود مؤشرات لسوء استغلال تسهيلات الاستقدام المتاحه ومنها ضخامة أعداد العمالة الوافدة المحسوبة على النشاط، وكذلك قيام البعض ممن استقدموا تلك العمالة بتركهم يعملون لدى الغير في أنشطة أخرى ليست لها علاقة بالزراعة أو الرعي مما ينتج عنه آثار سلبية عديدة. كما أكدت الوزارة أن ذلك يأتي في إطار سعيها إلى إعادة النظر في تصنيف هذا النشاط من منظور تنظيم وضبط الاستقدام وتوطين الوظائف، وفق معيار مبني على التفريق بين النشاط التجاري والنشاط الشخصي، وذلك لكون استمرار الوضع القائم يشكّل ثغرة يتم من خلالها تدفق عمالة وافدة بأعداد كبيرة تفوق الحاجة الفعلية للنشاط وتسريبها لسوق العمل لتعمل في أنشطة أخرى غير الزراعة والرعي، وهو الأمر الذي يعيق جهود تنظيم الاستقدام وتوطين الوظائف. ومن هذا المنطلق، بينت «العمل» أنها حددت ضمن برامجها نشاطاً بمسمى «نشاط الإنتاج الزراعي والحيواني» إلى جانب «النشاط الزراعي الخاص» ووفقاً لذلك يتم السماح لمن لديه مزرعة أو قطيع من الحيوانات للاحتياج الشخصي غير التجاري أن يحصل بحد أقصى على 4 عمال وتعامل هذه الفئة معاملة العاملة المنزلية، فيما يتم السماح لمن تتجاوز احتياجاته أكثر من 4 عمال باستقدام عمالة وفق المعايير الموضوعة لذلك، بحيث يلزم في هذه الحالة تحويل صفة النشاط من «الزراعي الخاص» إلى «الإنتاج الزراعي والحيواني» والتسجيل كمنشأة تجارية أسوة بالمنشآت الصناعية والخدمية والتجارية الأخرى، خصوصاً أن الاستثمارات في المشاريع والمنشآت الزراعية يُعتبر أكبر مقارنة بكثير من المشاريع والمنشآت الصغيرة في الأنشطة الصناعية والخدمية الأخرى التي تعمل وفق الأسس التجارية.
مشاركة :