رغم أن روسيا هي المستهدفة بالعقوبات الأمريكية والغربية على وقع الحرب الأوكرانية المندلعة، لكن تلك العقوبات كما يؤكد محللون وخبراء سلاح ذو حدين ارتد بتداعياته السلبية الكبيرة كذلك على الدول الفارضة للعقوبات وعلى اقتصاداتها وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي تشهد معدلات تضخم قياسية هي الأعلى منذ عقود. ووفق مؤشر أسعار المستهلك الصادر عن وزارة العمل الأمريكية قبل أيام، فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 8.5 بالمائة على مدى عام واحد، و1.2 بالمائة على مدى شهر واحد فقط في مارس الماضي، بعدما زاد بنسبة 0.8 بالمائة في فبراير، وهو ما يظهر تعاظم التأثير السلبي للحرب الأوكرانية في هذا المضمار. وأوضحت الأرقام الرسمية الأمريكية أن أسعار الوقود وحدها ارتفعت خلال شهر مارس، بنسبة 18.3 بالمائة مقارنة بشهر فبراير، وتمثل بذلك أكثر من نصف حجم التضخم، وأن أسعار السكن والغذاء أسهمت كذلك في ارتفاع معدلات التضخم. وقال أحمد الخطيب المحلل والخبير الاقتصادي في حديث إلى سكاي نيوز عربية: «التضخم في الولايات المتحدة وصل إلى نحو 9 في المائة وهي نسبة كبيرة لم يسجل مثلها منذ أكثر من 4 عقود، والوضع المتأزم القائم هذا يدفع إلى التخوف من ارتفاعات أكبر في نسب التضخم، ما ينعكس سلبا وبشكل حاد على كلفة المعيشة، وخاصة أن الارتفاع في الأجور والرواتب هو أقل من ارتفاع مستويات التضخم، وهو ما يثقل كاهل المواطنين الأمريكيين بأعباء معيشية ثقيلة». وأضافت أنه مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية: «بتأثيراتها الخطيرة على الاقتصاد العالمي والأمريكي طبعا، والتي لا أحد يعرف متى ستنتهي هذه الحرب أو كم ستستغرق من الوقت، ولهذا كله فتأثيراتها تتصاعد على الولايات المتحدة، وخاصة في الإطار الاقتصادي، وسيكون هناك ارتفاع أكبر في نسب التضخم، وقد يلجأ البنك الفيدرالي حيال ذلك خلال اجتماعه القادم إلى رفع سعر الفائدة بنصف نقطة أو أقل». في الوقت نفسه حذر نائب رئيس مصرف «دويتشه بنك» كارل فون رور، من احتمال ارتفاع معدل التضخم في ألمانيا إلى 10% في حال تقليص واردات الطاقة من روسيا. وقال في حديثه إلى صحيفة فرانكفورتر الجمانية، يوم السبت: «نتوقع أن يبلغ معدل التضخم خلال العام الماضي 7-8 %. ومن الممكن أن يبلغ 10% وحتى أكثر من ذلك في حال الحد من واردات الطاقة». وأضاف: «يجب أن نكون جاهزين لاحتمال ارتفاع وتائر التضخم إلى المستوى الذي لم نره منذ السبعينيات من القرن الماضي». كما أشار إلى أنه في حالة الحد من واردات الطاقة، يمكن أن يواجه الاقتصاد الألماني ركودا، موضحا: «إذا حصلت هناك مشاكل في إمدادات النفط والغاز، فسيكون هناك بالفعل خطر حدوث ركود، أو حتى انكماش في الاقتصاد الألماني، مع ارتفاع معدلات نمو الأسعار في نفس الوقت». وختم بالقول: «لكن هناك شيئا واحدا يجب ألا نغفل عنه، وهو أن لدى ألمانيا شركات قوية واقتصادا قويا».
مشاركة :