مبادرات لمواقع التواصل للحد من «المعلومات الزائفة» حول المناخ

  • 4/18/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول دور مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة «الأخبار الكاذبة» بشأن قضايا المناخ، أعلن موقع التواصل «بنتريست» حظر نشر «المعلومات الزائفة» المتعلقة بالتغيرات المناخية. وبينما يتوقع متخصصون أن «تشهد الفترة المقبلة مبادرات مماثلة، في ظل الزخم الذي تحظى به قضايا المناخ»، يؤكد آخرون أن «هذه الجهود لن تحد من (المعلومات الزائفة) خاصةً أن اهتمامات ودوافع مواقع التواصل الاجتماعي تختلف عن اهتمامات المدافعين عن المناخ». موقع «بنتريست» المتخصص في مشاركة الصور والفيديو حول الموضة والديكور واللايف ستايل، كشف عن سياسته الجديدة في بيان تناقلته وسائل الإعلام العالمية، الأسبوع الماضي، فأعلن أنها «تستهدف حظر مشاركة (المعلومات المضللة) المتعلقة بالمناخ، يتم بموجبها حذف أي محتوى ينكر وجود آثار للتغيرات المناخية، أو ينكر دور البشر بالتسبب في الأضرار المناخية، إضافة إلى اتخاذ إجراءات بشأن المحتوى (الزائف والمضلل) حول الحلول لمواجهة التغيرات المناخية، وكذا المحتوى الذي يحرف البيانات العلمية، والمحتوى (الضار أو المضلل) المتعلق بحالات الطوارئ، والسلامة العامة»، إلى جانب «حظر الإعلانات التي تحتوي على (معلومات خاطئة) أو (نظريات مؤامرة) تتعلق بتغير المناخ». وبحسب «بنتريست» فإنها «سوف تتخذ إجراءات ضد من يكرر مخالفة هذه السياسات الجديدة، تصل إلى حد حذف هذه الحسابات». دوغ شريدان، الكاتب المتخصص في اقتصاديات الطاقة العالمية، مؤسس مركز «أبحاث إنيرجي بونيت» المتخصص في شؤون الطاقة، تساءل حول جدوى وجدية إجراءات «بنتريست». وقال شريدان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم المسؤولين عن مواقع التواصل الاجتماعي متحيزون ضد الوقود الأحفوري، وأنه رغم أن تغير المناخ يمثل مشكلة؛ إلا أن هناك أشخاصاً على دراية جيدة، يرون أن البشرية تبالغ في ردة فعلها تجاه هذه التهديدات». وأعرب شريدان عن اعتقاده أن «تلك المجموعات التي تعتقد أن هناك مبالغة في ردة الفعل تجاه التغيرات المناخية، هي من سيتم تصنيف منشوراتها، باعتبارها (أخبار مضللة)، بينما سوف يتم التسامح مع المنشورات التي تتحدث عن العواقب الكارثية للتغيرات المناخية على البشرية». في حين علقت الصحافية علياء حامد، رئيس تحرير مجلة نيتشر (الطبعة العربية)، لـ«الشرق الأوسط» قائلة إن «الفترة الماضية شهدت زيادة في الاهتمام بقضايا المناخ بشكل عام، في أعقاب التقارير الدولية الأخيرة، التي تحدثت عن الأضرار الكارثية والمرعبة لتغيرات المناخ»، موضحة أن «ذلك يضع عبئاً على مواقع التواصل الاجتماعي للعمل مع وسائل الإعلام لمواجهة (المعلومات المضللة) بشأن التغيرات المناخية، كما فعلت من قبل في الانتخابات الأميركية الأخيرة، وفي التعامل مع جائحة (كوفيد - 19)». في السياق ذاته قالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية في تقرير لها، فبراير (شباط) الماضي، إن «آثار التغيرات المناخية تصاعدت بشكل أكبر من المتوقع، وأصبحت نتائجها لا رجعة فيها»، وأن «ما بين 3.3 مليار شخص و3.6 مليار شخص، أي أكثر من 40 في المائة من سكان العالم، يعيشون في أماكن وأوضاع شديدة التأثر بتغير المناخ، وأن ارتفاع مستوى البحار سوف يؤدي إلى تآكل السواحل، وإلى فيضانات وفقدان موارد المياه العذبة». وهنا يعتبر خبراء ومتخصصون أن «سياسة (بنتريست) الجديدة، هي امتداد لسياسات حظر (المعلومات الزائفة) التي اتخذتها منذ عام 2017، عندما قررت حظر (المحتوى المضلل) في قضايا الصحة واللقاحات وغيرها». ونقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية، عن سارة بروما، مدير السياسات في موقع «بنتريست» قولها «استمعنا كثيراً لشكوى خبراء المناخ، من الضرر الذي تتسبب فيه (المعلومات المضللة) حول المناخ، وخاصةً روايات إنكار التغيرات المناخية، وهو نوع من الضرر يهدد سلامة مستخدمي موقع (بنتريست)، وسلامة المواطنين بشكل عام». من جانبه يشكك شريدان في «جدية مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة التغيرات المناخية». ويقول «لا أعتقد أن الدوافع وراء قرارات مواقع التواصل الاجتماعي في هذا المجال، هي نفسها دوافع الخبراء المهتمين بالتغيرات المناخية». ويشير إلى أنه «في ظل اهتمام العالم بالتغيرات المناخية، فإنه يفرض ضغوطاً على المؤسسات الإعلامية، ومواقع التواصل كجزء من الفضاء الإعلامي تستجيب لهذه الضغوط». وتتفق معه حامد بقولها إن «المسألة بالنسبة لمواقع التواصل متعلقة بالمصالح، وعائدات الإعلانات وغيرها»؛ لكنها «في النهاية تستجيب ولو جزئياً لضغوط المجتمع» -على حد قولها-، مشيرة إلى أن «سياسات مواقع التواصل الاجتماعي لمنع (الأخبار المضللة) حول جائحة (كورونا) نجحت إلى حد ما في رصد (الأخبار المغلوطة)، وحظر كثير من المنشورات، وإن ظلت هناك مصالح أخرى تحكم العمل»، على حد قولها. من جهة ثانية وجه أكثر من 200 عالم مناخ، وناشط، ومنظمة تكافح «المعلومات المضللة» في نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، خطاباً مفتوحاً إلى رؤساء «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«غوغل»، و«تويتر»، و«بنتريست»، و«ريديت»، طالبوهم بـ«وضع سياسات لمواجهة (الأخبار المزيفة) حول التغيرات المناخية، أسوة بما فعلوه بشأن جائحة فيروس (كورونا)». ورغم أن الخبراء والمتخصصين يرون أن «(بنتريست) هي المنصة الأولى التي اتخذت خطوات فعلية في هذا المجال»، إلا أن هناك منصات أخرى اتخذت إجراءات تتعلق بالمناخ، ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت «غوغل» عن «منع ظهور أي إعلانات على الصفحات التي تنكر التغيرات المناخية، مما يحرم هذه الصفحات من الأرباح»، بينما قالت شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» في نوفمبر الماضي، إنها «اتخذت بعض الإجراءات لمواجهة (المعلومات المضللة) حول التغيرات المناخية، تتضمن وضع ملصقات معلوماتية على المنشورات المتعلقة بالمناخ، والسماح لمدققي المعلومات المستقلين بوضع تنبيهات حول (المعلومات الخاطئة)، وتشجيع الحصول على المعلومات من المصادر الموثوقة، ومركز علوم المناخ التابع لها»... أما موقع «تويتر» فقال إنه «سيوجه مستخدميه إلى مصادر دقيقة للمعلومات حول المناخ». ويشكك مراقبون في «جدوى سياسات مواقع التواصل الاجتماعي في الحد من (المعلومات المضللة) بشكل عام، والمعلومات الخاطئة حول المناخ بشكل خاص». وهنا يقول شريدان «لست واثقاً من قدرة العالم على التخلص من (المعلومات المضللة)». ويبرر ذلك «بعدم تمكن البعض من تمييز الحقيقة، إضافة إلى عدم حفاظ بعض وسائل الإعلام على الموضوعية». من جهتها ترى حامد أن «منع وحظر (الأخبار أو المعلومات المضللة) غير كاف للحد منها». وتضيف: «لا بد من فتح نقاش عام مع مروجي هذه (المعلومات الخاطئة) ومنكري التغيرات المناخية، ومحاولة إقناعهم والرد على أسئلتهم ومخاوفهم»، مشيرة إلى أن «التجربة أثبتت أن بعض الحسابات التي منعت من النشر على (تويتر) لترويجها (معلومات مضللة) بشأن جائحة (كورونا)، وجدت مساحة للنشر على منصات بديلة مثل (تليغرام)»، لذا «لا بد من ربط المعلومات عن المناخ بحياة المواطن اليومية، ومحاولة الرد على تساؤلاته ومخاوفه».

مشاركة :