اللبنانية براءة الأيوبي: ثمة اختلاف كبير بين السرد القصصي والروائي

  • 4/19/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تقول الكاتبة اللبنانية براءة الأيوبي إن الرواية هي الفن الذي جعلها تعبر عن مكنونها وتطلق العنان لقلمها وحبرها ومشاعرها، وإنها “المساحة الفعلية” التي أتاحت لذاتها “التبختر” بين أروقتها. وتضيف في حوار معها بمناسبة صدور روايتها “ورد جوري” أخيرا، أن التفكير لازمها منذ زمن طويل لكتابة الرواية والدخول إلى عوالمها التي عشقتها قارئة قبل أن تعبر إليها كاتبة. وتتابع بقولها “خطوة كهذه احتاجت مني وقتا حتى تنضج وتتضح معالمها رغم شوقي الكبير إلى خوض غمارها. ذلك أنه من واجب الكاتب أن يتقن صنعته، شأنه في ذلك شأن أي مبدع في أي مجال آخر، هذا إن أراد التميز وترك بصمة خاصة به”. براءة الأيوبي: القدرات السردية للكاتب تتجلى بشكل أوضح لدى الروائي بطلة الرواية فتاة تدعى “ورد”.. فتاة أنكرتها عائلتها لانتمائها لا لشيء إلا لكونها أنثى، فعاشت بعيدا عن طموحات ذكورية بائسة لا ترحب بالمولود إلا إذا كان ذكرا، فترعرعت لدى جدتها، لكن ذاتها البريئة ظلت تهفو لعائلة ترسم خارطة طريق جديدة لروحها. ومع وفاة الجدة ابتدأت “ورد” رحلة خذلانها، فاقدة معنى الاستقرار بانتقالها قسرا من مكان إلى آخر. ولا تتوقف التفاصيل عند حكاية فتة فحسب، بل هي حكاية مجتمع كامل وتأريخ لحقبة مضطربة، إذ تدور أحداث الرواية التي تقع في 318 صفحة في حقبة زمنية حاسمة من تاريخ لبنان الحديث، فتبدأ بانتهاء الحرب الأهلية، مرورا بمرحلة الاغتيالات السياسية، وصولا إلى عامنا الذي توالت فيه الكوارث من وباء وانهيار اقتصادي وانتهاء بالانفجار الكارثي لمرفأ بيروت الذي يعتبر نقطة تحول هامة سواء على صعيد مصير “ورد” أو على مستوى مستقبل وطن يتأرجح بين الموت والحياة. وتقر الكاتبة أن الرواية هب التي تشعر أنها من خلالها تستطيع التعبير أكثر عن ذاتها الكتابية وتطلق العنان لقلمها وحبرها ومشاعرها. وبشأن الظروف التي دفعتها لكتابة هذه الرواية، تقول الأيوبي “ليس هناك ظروف بعينها، لكن الرواية تحمل بين سطورها حتما حكايا أشخاص عايشتهم أو سمعت عنهم من مقربين أو أصدقاء أو حتى عابري سبيل. جذور كل شخصية ممتدة لتصل الواقع بالخيال، وتتناول جانبا من الحالات الإنسانية بمشاعرها الصاخبة والمتقلبة بين فرح وقلق وخوف وحب وحنين”. وتؤكد الأيوبي أن روايتها تتداخل فيها الظروف الاجتماعية والسياسية والنفسية في توليفة تغذي الأحداث، وتحمل بين طياتها رسائل واضحة حول الحرب والحب والعلاقات الإنسانية التي شوهتها الماديات ونالت من بريقها. وترى الأيوبي أن ثمة اختلافا كبيرا بين الأسلوب السردي الروائي وأسلوب القصة القصيرة. ففي القصة، “على الكاتب أن يبني الشخصيات والأمكنة والأزمنة والأحداث بعيدا عن أي استفاضة، بحيث يصل بالقارئ إلى ضفة الأمان سريعا، من دون أن يؤثر ذلك على جودة النص أو يقلل من أهميته كعمل إبداعي”. كما أن على القاص كما تقول، “أن يمتلك مهارة انتقاء الحدث الذي سيتمحور حوله النص القصصي، بالإضافة إلى كفاية الإيجاز، بحيث ينتج عوالمه المختلفة التي يعبر من خلالها عن مشاعره ويحقق غاياته السردية، مانحا القارئ لذة الإشباع والاكتفاء في مساحة زمنية ونصية ضئيلة”. أما بشأن الرواية، فإن المسألة تبدو مختلفة، ذلك أن الروائي هو “صاحب القرار”، وهو “من يملك مفتاح تحديد المساحة الزمنية التي سيفردها لكل شخصية أو حدث”. وتتابع الأيوبي بقولها “القدرات السردية للكاتب تتجلى بشكل أوضح لدى الروائي الذي يستطيع أن ينفذ إلى أدق التفاصيل ويتغلغل بين مسامات المشاعر والترددات النفسية وينسج بعباراته رسما بيانيا عن الشخصيات قد يطول أو يقصر بشكل يخدم أهدافه وتوجهاته السردية”. وتشير في هذا السياق إلى أن كتابة القصة القصيرة شكلت بالنسبة إليها جسر عبور نحو الرواية، فقد تمكنت بواسطتها من كشف النقاب عن ذاتها الكتابية وقدراتها السردية بعيدا عن النصوص النثرية الوجدانية التي تمرست عليها واعتادتها. وتوضح الأيوبي التي صدر لها سابقا كتابان هما “ذاكرة روح” (نصوص) و”المسكونة” (قصص)، أنها لا تفضل تحديد إطار معين لتوجهاتها الكتابية مستقبلا. وتقول: “من وجهة نظري، على الكاتب أن يتبع مشاعره في موضوع إنجازاته الكتابية. فقد يكتفي، في مرحلة ما، برصف أحاسيسه بشكل نصوص نثرية متفرقة، أو قد تقوده اللهفة في توقيت آخر إلى العمل السردي الروائي، أو قد يرغب في التقاط أحداث متفرقة وبناء نصوص حولها”.

مشاركة :