باريس - عندما تشعر بالجوع والرغبة في تناول الطعام، هل لأنك فعلا تشعر بالجوع؟ أم بسبب انفعالات تريد الترويح عنها ما يعني أن الطعام يفقد معناه الأصلي وهو تغذيتنا بالعناصر التي نحتاجها حتى نكون قادرين على التصرف جسديا. تنم قدرة الشخص على التعبير عن مشاعره -سواء الإيجابية منها أو السلبية- عن تمتعه بقدر كبير من الاتزان الداخلي، فضلا عن كونها مقياسًا للصحة النفسية الجيدة، في حين يؤدي كبت المشاعر إلى التنفيس عنها بطرق ذات أضرار بالغة على الصحة العامة، كإيذاء النفس أو الانعزال أو تناول الطعام بشراهة. ويعد التنفيس الانفعالي في الطعام، أو ما يسمى "الجوع العاطفي"، أخطر أنواع التنفيس النفسي، نظرًا لأنه يُدخل الكثيرين في دوائر مفرغة من الحزن والسمنة والندم، خاصة في فصل الشتاء الذي يتسم بتقلبات مناخية تثير الشعور بالكآبة والحزن. والرغبة ملحة في تناول الطعام دون إحساسه بالجوع، هي حالة مؤقتة من اللاوعي وتتحول في الأغلب إلى الشعور بالندم الشديد فور تناول الطعام مباشرة، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة، أو ذوات الأجسام القابلة للزيادة. والأشخاص الذين يربطون بين حالتهم المزاجية ورغبتهم في تناول الطعام، غالبًا ما يتناولون أطعمة تحتوي على الكثير من السعرات الحرارية، مما يزيد من احتمال إصابتهم بأمراض نفسية وعضوية جديدة. وتورد صحيفة "نو بونسي" الفرنسية بعض الخصائص التي تساعد على التمييز بين الجوع الحقيقي والجوع الانفعالي، فيما تعلق بالجوع الحقيقي، أنه يظهر تدريجيًا ويزداد بمرور الوقت، وينشأ الجوع في المعدة، لأنه إحساس فسيولوجي. وتضيف "هنا نكون على دراية بما سنأكله، ويمكننا التحكم فيه والتخطيط له. وهنا يكون لدينا خيار تحديد نوع الطعام الذي نريد استهلاكه في ذلك الوقت المحدد. بشكل عام نختار الأطعمة المغذية والأطباق الصحية والمتوازنة التي تشبعنا" أما في الجوع الانفعالي، فيظهر هذا النوع من الجوع بشكل مفاجئ. فما بين الحين والآخر نشعر بشغف مفاجئ للطعام الذي نحتاج إلى إشباعه على الفور. وتقول الصحيفة الفرنسية "لا يأتي من المعدة لأنه ليس إحساسًا فسيولوجيًا. ينشأ هذا الجوع في العقل نتيجة لصور معينة أو تصورات ذهنية للطعام. ببساطة عندما تفكر أو تتخيل نوعًا من الطعام يصبح الدافع قوياً لدرجة أنه يفقدنا السيطرة على الجوع". وتضيف "يصبح النظام الغذائي فوضويًا. إذ يأكل الجائع هنا بشكل تلقائي ودون رقابة، ودون قياس الكميات أو اختيار الأطعمة بشكل متعمد. في هذه الحالة نأكل بدافع النزوة، وبدافع الضرورة، بكميات كبيرة ودون اختيار متعمد. بشكل عام نستهلك في هذا النوع من الجوع الأطعمة عالية السعرات الحرارية والأطعمة المعالَجة للغاية، والدهون والسكريات العالية وقيمتها الغذائية المنخفضة. هذه الأطعمة، بالإضافة إلى كونها ضارة لا تشبعنا، أو إنها تشبعنا لفترات زمنية قصيرة جدًا". ويوضح تقرير الصحيفة أن الاختلافات بين المفهومين واضحة وبديهية. إذا انتبهنا للإشارات فسيكون من السهل علينا فهم نوع الجوع الذي نتعامل معه. وينصح الخبراء لتفادي الوقوع في شراك الجوع الانفعالي بان نظل متيقظين. عندما نشعر بالجوع نتوقف للحظة وحاول تحديد نوعه، باتباع المعايير المذكورة سابقًا. بعد ذلك سيكون من المفيد جدًّا أن نتزود بدفتر مدوّن فيه ملاحظة المواقف أو المشاعر التي تثير فينا جوعًا انفعاليًّا. يلجأ بعض الأشخاص إلى هذا النوع من النظام الغذائي لتهدئة القلق، والبعض الآخر للتوقف عن الشعور بالحزن أو الفراغ. بمجرد تحديد الانفعالات المحفزة يصبح بالإمكان اكتساب أو تطوير إستراتيجيات تأقلم صحية. يومكن اللجوء إلى التأمل والتنفس البطني والكتابة العلاجية. وقبل كل شيء علينا استعادة وظيفة الطعام وتذكر إنه وقود لاجسامنا وليست طريقًا مختصرًا لقلقنا حتى لا نواجه الألم. وفي حال عجزنا عن السيطرة على جوعنا العاطفي ينصح باللجوء للخبراء قبل تفاقم الامر وخسارة لياقتنا البدنية.
مشاركة :