نزيف بشري يهدد الخطوط الجوية الجزائرية بسبب الظروف الاجتماعية والمهنية

  • 4/22/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فتح إعلان نقابة طياري الخطوط الجزائرية عن خطط لرحيل جماعي للعاملين داخلها من الطيارين بسبب الظروف الاجتماعية والمهنية لهم الباب بمصراعيه أمام التكهنات بشأن مستقبل الشركة المملوكة للدولة. وترى أوساط جزائرية أن الغموض بات يكتنف مستقبل الشركة، فقد تتجه للخصخصة أو حتى الإفلاس في حال توقف دعم الخزينة العمومية، وهو الأمر الذي دفع بالعشرات من الكوادر إلى التفكير في تغيير وجهتهم إلى شركات طيران أخرى دولية وعربية. وبحسب النقابة المنضوين تحت لوائها، فإن نحو مئة طيار جزائري من شركة الخطوط الجوية يستعدون للالتحاق بشركات طيران دولية وحتى عربية، بعدما فقدوا الأمل في تحسن الظروف المهنية والاجتماعية. نحو مئة طيار جزائري من شركة الخطوط الجوية يستعدون للالتحاق بشركات طيران دولية وحتى عربية بحسب نقابة الطيارين وكانت حزمة من الإجراءات التقشفية الجديدة قد دخلت حيز الخدمة، وطالت الطيارين، وهو الأمر الذي سرع بحالة الاحتقان التي تشهدها بما يهدد الشركة المحتكرة للنقل الجوي في البلاد بنزيف بشري، يشابه كثيرا الهجرة الجماعية التي قام بها 1200 طبيب جزائري من القطاع العام إلى المستشفيات الفرنسية مؤخرا. ويبقى مصير الشركة الحكومية غامضا خاصة في ظل تضارب التصريحات وبداية تشدد المواقف، خاصة في ظل الخسائر التي تكبدتها الشركة خلال الجائحة الصحية وحظر الطيران الذي طبقته الجزائر لنحو عامين، مقابل الالتزام بكتلة رواتب ضخمة مقارنة بعائدات الشركة، فالخطوط الجزائرية التي تملك في أسطولها نحو 60 طائرة تشغل نحو 10 آلاف موظف وعامل. ومنذ بداية العودة التدريجية للنشاط العادي خلال الأشهر الأخيرة، بدأت معالم أزمة حقيقية داخل الشركة، خاصة مع تحرك النقابة في الآونة الأخيرة لوقف ما تصفه بـ”السيناريوهات” التي يتم تحضيرها لخصخصة الشركة بدعوى إخضاعها للمعايير الاقتصادية الحقيقية وتمهيدا للمنافسة، في ظل عزم السلطات العليا للبلاد على فتح المنافسة الجوية أمام الشركات الخاصة والدولية العاملة. ويرى الأمين العام لنقابة الطيارين التقنيين الجويين الجزائريين خالد خليفاتي أن “غلق الشركة لأبواب الحوار والتفاوض حول الوضعية المهنية والاجتماعية العالقة، وغياب مشروع واضح للمؤسسة بعد الأزمة التي عصفت بها بسبب مخلفات كوفيد - 19، يدفعان كوادرها والعاملين فيها إلى التفكير في مستقبلهم والاستعداد للأسوأ”. ولفت إلى أن “الطيارين لم يعارضوا قرارات الشركة بعد غلق المجال الجوي خلال مرحلة انتشار وباء كورونا بسبب ظروفها الصعبة، وعبروا عن تضامنهم مع الشركة باعتبار مدة الوقف بمثابة عطل لهم، وعدم الاعتراض على تقليص الأجور إلى النصف بعد الفتح الجزئي للمجال الجوي”. لكن يبدو أن حزمة الإجراءات التقشفية التي تستعد إدارة الشركة لإدخالها حيز التنفيذ قريبا، في محاولة للحفاظ على بعض التوازنات المالية الداخلية وحماية الشركة من الإفلاس، لم تقنع فئة الطيارين، ولذلك يستعد العشرات منهم للالتحاق بشركات عالمية وعربية. ويأتي في صدارة تلك الإجراءات حرمان الطيارين من ثلاث تذاكر مجانية في السنة، ومستحقات التكليف بمهمة، التي ستجعل الطيار في أزمة إذا حدث وتعرض لطارئ ما خارج الوطن. وضعية مهنية واجتماعية حرجة وضعية مهنية واجتماعية حرجة وفي المقابل نفت إدارة الخطوط الجوية الجزائرية أن تكون قد أغلقت أبواب الحوار مع العمال والشركاء الاجتماعيين، وأن الوضع المالي الصعب، والأعباء الكثيرة التي أثقلت ميزانيتها، وعلى رأسها تعويض تذاكر الزبائن بعد غلق المجال الجوي، كما أن نشاطها حاليا يخضع لأوامر السلطات العليا وعدد الرحلات الحالي وفق الفتح الجزئي يمثل 25 في المئة من مجموع الرحلات التي كانت معتمدة في سنة 2019، هو الذي يحتم عليها اللجوء لمخطط تقشف تكون أعبائه متقاسمة بالتساوي بين جميع عمال الشركة. لكن التجاذبات بين الإدارة والنقابات العمالية مستمرة داخل الشركة، خاصة في ظل إصرار ممثلي الطيارين على أن “إجراءات الإدارة هي استفزاز وحرمان للعمال من حقوقهم الطبيعية، وأن تلاشي فرص العثور على حلول توافقية يهدد الشركة بنزيف بشري، عبرة هجرة جماعية نحو شركات أخرى”. وكانت آخر بوادر ارتباك التسيير الإداري في الخطوط الجوية الجزائرية، الإعلان عن عزل مدير التسويق بالشركة بسبب منشور على صفحتها بموقع فيسبوك وردت فيه مفردات غير ملائمة للتوجهات السياسية للدولة، وهو ما يكرس خضوع الشركة لمختلف التأثيرات الخارجية، وافتقادها للتسيير الاقتصادي الذي يحقق لها توازنها وعوائدها كغيرها من شركات النقل الجوي. وتوجد خطة في برنامج الحكومة الجزائرية لمراجعة القطاع بخصخصة النقل الجوي وتكون وزارة النقل قد استقبلت العشرات من العروض من الخواص والشركات العالمية، بحسب ما ورد على لسان وزير النقل السابق عيسى بكاي، لكن ليس بعيدا أن تصطدم الخطة بمعارضة شديدة داخل الشركة من طرف ما يعرف بـ”أنصار الملكية العامة” الذين يخشون المنافسة الخارجية. وقدم وزير النقل تطمينات للقاعدة العمالية في الشركة المقدرة بنحو 10 آلاف موظف وعامل، لما ذكر أن “المشكلة لا تكمن في تعداد الطبقة الشغيلة، بقدر ما تكمن في توزيع تلك الطبقة وفي الاستفادة من إمكانياتها”، وإذ ظهر من كلام المسؤول أن الحكومة لا يوجد في مخيلتها مخطط تسريح، إلا أن صخبا يسود الشركة حول قرب مرحلة الخصخصة والتسريح.

مشاركة :