تحتضن المدينة المنورة العديد من المواقع التاريخية الإسلامية ذات الارتباط الوثيق بالسيرة النبوية،وكانت شاهدةً على مآثر وقصص متنوعة سجلها التاريخ الإسلامي ووردت في الحديث الشريف. ومن هذه المواقع مسجد بني أُنيف، المتخذ من الجهة الجنوبية الغربية لمسجد قباء مكاناً بارزاً يفد إليه زوار المدينة المنورة خلال رحلتهم الإيمانية للحج والعمرة، ضمن العديد من المواقع المماثلة للوقوف على التاريخ الإسلامي الذي شهدته طيبة. وذكر الباحث التاريخي الدكتور فؤاد بن ضيف الله المغامسي، إنَّ هذا المسجد الذي لا يبعد كثيراً عن مسجد قباء، يعود لبني أُنيف وهم حي من بلي أحلاف لبني عمرو بن عوف من الأوس أهل قباء، مُضيفاً أنه ورد عند من أرَّخوا لهذا الموقع التاريخي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعود الصحابي الجليل طلحة البراء -رضي الله عنه- حيث روى ابن زبالة عن عاصم بن سويد عن أبيه قال: سمعت مشيخة بني أنيف يقولون: صلَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما كان يعود طلحة البراء قريباً من أُطمهم، وهو طلحة بن البراء بن عمير بن وبرة من بني أنيف البلوي الأنصاري، وقد ورد أَن طلحـة بن البراءِ مرض، فعاده النبي -صَلَّى الله عليه وسلم-، فلما انصرف قال: “إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا فإنه، لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله”. ويُبين أنه روي أَن طلحة توفي ليلًا، فقال قبلها: ادفنوني وأَلحقوني بربي، ولا تَدْعوا رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم-، فإِني أَخاف عليه اليهود أَن يصاب في سببي، فأَخبر رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم- حين أَصبح، فجاءَ حتى وقف على قبره، وَصَفَّ الناس معه، ثم رفع يده فقال: “اللهم القَ طلحة وأنت تضحك إليه وهو يضحك إليك”. وقد شهد مسجد بني أُنيف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ، ترميماً حافظ على شكل بنائه الحجري التاريخي، ضمن ترميم عدد من المساجد التاريخية بالمملكة بشكل عام والمدينة المنورة بشكل خاص، وذلك ضمن برنامج العناية بالمساجد التاريخية في مناطق المملكة، وهو مُتاح للصلاة والزيارة على مدار الساعة، ويّفد إليه الباحثون في السيرة النبوية والمؤرخون والزوار.
مشاركة :