أثرت التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب الأوكرانية بقوة، خاصة على قطاع الصناعة الألمانية وشركات البناء، حيث أظهر استطلاع للرأي حدوث تعكر ملحوظ في المناخ في هذين القطاعين. ووفقا لـ"الألمانية"، يرى معهد الاقتصاد الألماني "آي دبليو" أن قطاع الصناعة وشركات البناء يقفان على وشك الركود وهي الحالة التي لا ينمو فيها الإنتاج بل ينكمش. وتنعقد آمال الاقتصاد الألماني على قطاع الخدمات الذي لا يزال يتوقع تحقيق نتائج أفضل من 2021 في هذا العام بسبب انتهاء قيود مكافحة جائحة كورونا. وفي تصريحات صحافية أمس، قال ميشائيل جروملينج الخبير الاقتصادي في المعهد "نعول على أن يظهر قطاع الخدمات قدرة قوية تنشر الاستقرار". ورغم ذلك، فإن جزءا من قطاع الخدمات لديه نظرة متشككة حيال المستقبل، وكتب المعهد "لكن التفاؤل يغلب وبفارق كبير بأن القطاع بإمكانه تحقيق تحسن مقارنة بالعام الماضي وذلك وفقا للوضع الحالي للأمور". في المقابل، رصد الاستطلاع ترديا ملحوظا في المعنويات داخل قطاع الصناعة، حيث تراجعت نسبة الشركات التي تتوقع حدوث نمو في الإنتاج من 55 في المائة، في استطلاع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إلى 37 في المائة، فقط في الاستطلاع الحالي. وفي سياق متصل، أظهرت النتائج تضاعف نسبة الشركات المتشائمة إلى 28 في المائة. وذكر المعهد أن الفارق بين الإجابات الإيجابية والإجابات السلبية للشركات التي شملها الاستطلاع تراجع من 40 نقطة مئوية إلى عشر نقاط مئوية فقط. ورأى أن القطاع على وشك الركود، مشيرا إلى أن الأسعار العالية للطاقة التي واصلت الارتفاع أخيرا بسبب الحرب، زادت من مشكلات الشركات، إضافة إلى الخوف من حدوث صعوبات إضافية في التوريد وفي الحصول على المواد. وأوضحت النتائج أن معسكر المتشائمين في قطاع البناء تساوى تقريبا مع معسكر المتفائلين، حيث يعاني القطاع بالفعل منذ فترة طويلة اختناقات التوريد وارتفاع تكاليف الطاقة التي تفاقمت بسبب الحرب. ورغم الأعباء الناجمة عن الحرب والجائحة، أعرب نحو 40 في المائة، من كل الشركات التي شملها الاستطلاع عن أملها في أن يتجه العام الحالي نحو الأفضل، وتمثل هذه النسبة تراجعا بمقدار عشر نقاط مئوية مقارنة باستطلاع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وتتوقع الشركات المقدمة للخدمات بالذات، أن يقبل المستهلكون على إنفاق الأموال التي وفروها خلال الجائحة، كما تأمل عديد من الشركات في تعويض استثماراتها التي تأجلت حتى الآن. وقال جروملينج إن التوقعات الحالية للإنتاج عند الشركات لا تشير بوجه عام إلى وجود أزمة في التوظيف أو الاستثمار "لكن الوضع الجيوسياسي المتغير بشكل مفاجئ يمكنه أن يغير المعنويات بين الشركات بسرعة". وكان الجزء الأول من الاستطلاع جرى في الفترة بين 1 و13 آذار (مارس) الماضي، حيث حصل المعهد على 1660 إجابة قابلة للتحليل، وجرى الجزء الثاني بمشاركة 833 شركة في الفترة بين 14 و27 من الشهر الماضي وجرى الجزء الثالث في الفترة بين 28 آذار (مارس) الماضي حتى 10 نيسان (أبريل) الجاري وحصل المعهد على 506 إجابات قابلة للتحليل. وأثقل التدخل الروسي في أوكرانيا كاهل الاقتصاد الألماني، الذي يعاني تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة، ما يدفع البلاد إلى ركود خلال العام الجاري. وقد يفاقم تصعيد الصراع مع موسكو بفرض حظر كامل على واردات الطاقة الروسية أزمة الاقتصاد، وفقا لحسابات نموذجية للبنك المركزي الألماني. وجاء في التقرير الشهري للبنك، الذي نشر أمس الأول "في سيناريو متفاقم للأزمة، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام الحالي بنحو 2 في المائة، مقارنة بـ2021". ولا يستبعد التقرير حدوث اختناقات في إمدادات الغاز على وجه الخصوص، حيث سيكون من الصعب على المدى القصير التعويض تماما عن نقص الإمدادات من روسيا بزيادة الواردات من دول أخرى منتجة، ووفقا لـ"الألمانية"، يأتي أكثر من نصف واردات الغاز في ألمانيا من روسيا. وجاء في التقرير أن عواقب توقف واردات الطاقة الروسية ستستمر في إثقال كاهل الاقتصاد الألماني في العامين المقبلين أيضا وستؤدي إلى انخفاض في النمو. ولا يستبعد التقرير ارتفاع معدل التضخم على نحو كبير لفترة طويلة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. وفي سياق متصل، دعت الوكالة الاتحادية الألمانية لحماية البيئة إلى إلغاء ضريبة القيمة المضافة على الأطعمة النباتية، لتعزيز النظم الغذائية الصحية والممارسات الصديقة للمناخ. وقال ديرك ميسنر رئيس الوكالة، في تصريحات صحافية أمس، "اتباع نظام غذائي نباتي يخفف العبء على البيئة، وصحي علاوة على ذلك". وذكر مينسر أنه من المنطقي أيضا إعفاء الأطعمة النباتية تماما من ضريبة القيمة المضافة في ضوء الارتفاع الحاد في أسعار الفاكهة والخضراوات. وقال "يجب أن يكون كل شخص قادرا على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي، حتى أصحاب الدخل المنخفض". وتصاعد الجدل في ألمانيا بشأن خفض أسعار بعض الأطعمة مع ارتفاع التضخم. ويؤيد جيم أوزدمير وزير الزراعة هذه المطالب، لكن الحكومة الائتلافية الثلاثية في برلين مترددة حيال هذا الأمر. ويشير المترددون إلى حزم إغاثة بمليارات اليوروهات تم تمريرها بالفعل. وأوضح ميسنر أن الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة للمنتجات النباتية سيكون إضافة جيدة للجهود السابقة، ولأنه أيضا يخفف الأعباء عن تلك الفئات التي بالكاد استفادت من حزم الإغاثة حتى الآن، على سبيل المثال المتقاعدون ذوو الدخل المنخفض". وفي الوقت نفسه، يرى ميسنر أن قصر جهود إصلاح ضريبة القيمة المضافة على ذلك غير كاف، موضحا أن المطلوب هو مفهوم شامل يقلل بشكل منهجي من العبء الضريبي على المنتجات الصديقة للبيئة ويلغي الإعفاءات الضريبية على المنتجات التي تضر بالبيئة بشكل خاص. وكقاعدة عامة، تبلغ ضريبة القيمة المضافة 19 في المائة في ألمانيا. ويدعم معدل مخفض 7 في المائة للمنتجات التي تخدم الصالح العام - بما في ذلك الأطعمة الأساسية مثل الحليب واللحوم والفواكه والخضراوات والمخبوزات. وتدعم وكالة البيئة الاتحادية وزارة البيئة في الأمور المتعلقة بمكافحة التلوث وإدارة النفايات وإدارة موارد المياه والقضايا البيئية المتعلقة بالصحة.
مشاركة :