أظهرت نتائج مراكز الاقتراع في فرنسا فوز الوسطي الليبرالي امانويل ماكرون بما بين 57.6 و58.2 بالمئة من الأصوات، فيما حازت منافسته مرشحة التجمع الوطني (اليمين المتطرف) مارين لوبان ما بين 41.8 و42.4 بالمئة من الأصوات، بينما تراوحت نسبة الامتناع عن التصويت ما بين 27.8 و29.8 بالمئة. وبذلك يكون ماكرون قد تغلب على منافسته اليمينية المتطرفة لوبان بفارق مريح في الانتخابات التي أجريت اليوم الأحد، ليفوز بفترة رئاسية ثانية ويضع نهاية لما كان يمكن أن يكون زلزالا سياسيا في فرنسا. وانطلقت صيحات الفرح عندما ظهرت النتائج على شاشة عملاقة أسفل برج إيفل، حيث لوح أنصار ماكرون بعلمي فرنسا والاتحاد الأوروبي. واحتضن الناس بعضهم بعضا وهتفوا "ماكرون". وفي المقابل، أطلق حشد من أنصار لوبان في حزن صيحات الاستهجان والصفارات في قاعة استقبال مترامية الأطراف بإحدى ضواحي باريس. وأقرت لوبان بهزيمتها في الانتخابات الرئاسية لكنها تعهدت بمواصلة الكفاح السياسي في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية في يونيو القادم. وقالت لمؤيديها الذين راحوا يهتفون باسمها "لن أتخلى عن الفرنسيين أبدا". وتابعت "أظهر الفرنسيون مساء اليوم رغبة في ثقل موازن قوي ضد إيمانويل ماكرون، رغبة في معارضة ستواصل الدفاع عنهم وحمايتهم". واعتبرت أن ما حصدته من أصوات في الانتخابات الرئاسية يشكل "انتصارا مدويا"، بعد أن أشارت التقديرات التي نشرتها مراكز الاستطلاع إلى فوز منافسها. كما وعدت بمواصلة كفاحها السياسي. وهنأ قادة الاتحاد الأوروبي الأحد ماكرون بإعادة انتخابه رئيسا لفرنسا. ورأى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن أوروبا يمكنها "التعويل على فرنسا لخمسة أعوام إضافية". وكتب في تغريدة على تويتر "في هذه المرحلة المضطربة، نحتاج إلى أوروبا صلبة وإلى فرنسا ملتزمة تماما من أجل اتحاد أوروبي أكثر سيادة وأكثر إستراتيجية"، فيما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "أبدي ارتياحي إلى التمكن من مواصلة تعاوننا الممتاز. معا، سنمضي قدما بفرنسا وأوروبا". بدوره هنأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إيمانويل ماكرون بإعادة انتخابه رئيسا لفرنسا، مبديا "سروره بمواصلة العمل" معه، ومؤكدا أن فرنسا هي أحد حلفاء المملكة المتحدة "الأكثر قربا". وغرد جونسون بالفرنسية الأحد قائلا "أهنئ إيمانويل ماكرون بإعادة انتخابه لرئاسة الجمهورية الفرنسية. فرنسا هي أحد الحلفاء الأكثر قربا والأكثر أهمية. أنا مسرور بأن نواصل العمل معا على موضوعات رئيسية بالنسبة إلى بلدينا والى العالم". واعتبر رئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي الأحد أن فوز ايمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية هو "خبر رائع لكل أوروبا". وهنّأ المستشار الألماني أولاف شولتس الأحد ماكرون على فوزه في الانتخابات الرئاسية، معتبرا أن الذين صوّتوا له أرسلوا "إشارة قوية لصالح أوروبا". وكتب على تويتر بالفرنسية "تهانينا"، مضيفا بالألمانية قائلا "تهانينا، عزيزي الرئيس إيمانويل ماكرون. لقد أرسل ناخبوك اليوم إشارة قوية لصالح أوروبا. يسعدني أننا سنواصل تعاوننا الجيد". وأظهرت لقطات في وسائل التواصل الاجتماعي قيام شرطة مكافحة الشغب الفرنسية بمهاجمة وإطلاق الغاز المسيل للدموع علي متظاهرين كانوا يحتجون وسط باريس على إعادة انتخاب ماكرون لولاية رئاسية ثانية. وأظهرت صور على تويتر محاولة الشرطة تفريق حشد معظمه من الشبان الذين تجمعوا في حي شاتليت بوسط باريس للاحتجاج على فوز ماكرون على زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في جولة الإعادة. وماكرون (44 عاما) هو أول رئيس فرنسي يُعاد انتخابه لولاية ثانية خلال 20 عاما، منذ إعادة انتخاب جاك شيراك عام 2002 بعدما هزم منافسه آنذاك والد مارين لوبن، جان-ماري لوبان. غير أن هذه الانتخابات تندرج في سياق نسبة امتناع عن التصويت قياسية تُقدّر بـ27.8 بالمئة بحسب المعهد الفرنسي للرأي العام، وهي نسبة غير مسبوقة في دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية منذ 1969 (31.3 بالمئة). وعلى سبيل المقارنة، حصل ماكرون عام 2017 على 66.10 بالمئة من الأصوات متقدّما بفارق كبير على لوبان (33.90 بالمئة). Thumbnail وتمكنت لوبان (53 عاما) بحصولها على ما بين 41.8 و42.4 بالمئة من الأصوات، من رفع اليمين المتطرف إلى مستوى قياسي في فرنسا، ما يُنذر بأن الرئيس سيواجه صعوبات كبيرة. وسيكون أول تحد أمامه الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية المقررة في حزيران القادم. ووعد زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي حلّ في المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات، بأن تكون الانتخابات التشريعية المقررة في 12 و19 يونيو، جحيما بالنسبة لماكرون، معتبرا أنه رئيس "انُتخب بشكل سيء". وقال إن "الجولة الثالثة تبدأ هذا المساء". ووُصف ماكرون بـ"رئيس الأثرياء" خصوصا بسبب قرارين اتخذهما في بداية ولايته ولم يقبلهما اليسار أبدا وهما إلغاء الضريبة على الثروات وتخفيض إعانات السكن. وأثارت مواقفه الخلافية بشأن مسائل عدة وممارسته العمودية للسلطة استياء جزء من الفرنسيين الذين اعتبروا أنه بعيد جدا عن واقع حياتهم اليومية والصعوبات المادية التي يواجهونها في نهاية كلّ شهر. وجراء أعمال العنف خلال تظاهرات "السترات الصفراء" وتعامل قوات الأمن مع المتظاهرين إضافة إلى معاملة المهاجرين (الأفغان والسوريين والسودانيين...) بشكل "مهين"، وفق منظمات غير حكومية دولية ووطنية خصوصا في كاليه (شمال)، فقد ماكرون بشكل نهائي جزءا من اليسار رغم أنه يتحدر من التيار السياسي ذاته. وخسرت لوبان للمرة الثالثة في مسيرتها انتخابات رئاسية. ولم تفلح مرة جديدة في تجاوز العتبة الكبيرة التي يمثلها انتصار اليمين المتطرف في فرنسا، لكن بحصولها على نتيجة مرتفعة، تضع لوبان عائلتها السياسية وأفكارها الراديكالية بشكل أكبر في صلب الساحة السياسية الفرنسية. وتحصد لوبان ثمار إستراتيجية طويلة اتّبعتها منذ عقد لـ"نزع شيطنة" صورتها، فقد خففت حدة خطابها وبدت بمظهر المرشحة القريبة من مخاوف الفرنسيين، حتى أنها رفضت وصفها بأنها من اليمين المتطرف رغم أنه في الواقع لم يتغيّر برنامجها، خصوصا في ما يخصّ الهجرة. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :