وصف الرئيس الأميركي جو بايدن مذابح الأرمن في الحرب العالمية الأولى إبان حقبة الإمبراطورية العثمانية بأنها إبادة جماعية، الأمر الذي أثار سخطا في تركيا. وقالت الخارجية التركية في أنقرة الأحد “نحن نرفض مثل هذه البيانات والقرارات لتشويه الحقائق التاريخية لدوافع سياسية وندين هؤلاء الذين يصرون على هذا الخطأ”. وأضافت الخارجية التركية أن بايدن كرر بذلك خطأ ارتكبه في العام الماضي. وردت تركيا بذلك على بيان لبايدن كتب فيه أن “المذبحة بحق الأرمن كانت واحدة من أسوأ الفظائع التي تم ارتكابها في القرن العشرين، واليوم نتذكر المليون ونصف المليون أرمني الذين تم اختطافهم أو ذبحهم أو تم تسييرهم إلى حتفهم في إطار حملة إبادة، ونحن نشعر بالحزن حيال الموت المأساوي لمثل هذا العدد الكبير من الناس”. اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بالمذابح بحق الأرمن باعتبارها إبادة جماعية يكسر محرما استمر على مدار عقود وكان بايدن اعترف في العام الماضي بالمذابح بحق الأرمن باعتبارها إبادة جماعية ليكسر بذلك محرما استمر على مدار عقود، وفي أعقاب ذلك طالبت أنقرة واشنطن بسحب هذا “الخطأ الفادح”. ويؤكد الأرمن أن مليونا ونصف مليون أرمني قتلوا بشكل منهجي خلال الحرب العالمية الأولى في ظل الإمبراطورية العثمانية المتحالفة آنذاك مع ألمانيا والنمسا والمجر. وهم يحيون ذكرى الإبادة كل عام في الرابع والعشرين من أبريل. وإن كانت تركيا وريثة الإمبراطورية بعد تفككها عام 1920 تقر بوقوع مذابح إلا أنها ترفض توصيفها بالإبادة، مشيرة إلى أن حربا أهلية في الأناضول تزامنت مع مجاعة تسببت بمقتل ما بين 300 و500 ألف أرمني، فضلا عن عدد مساو من الأتراك. وفي العام 2000 أكد 126 باحثا بينهم الحائز على جائزة نوبل للسلام إيلي فيزل في بيان نشر في صحيفة نيويورك تايمز أن “إبادة الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى واقع تاريخي لا يمكن إنكاره”. وصوتت برلمانات حوالي ثلاثين دولة على قوانين أو قرارات أو مذكرات تعترف صراحة بإبادة الأرمن، هي ألمانيا والأرجنتين والنمسا وبلجيكا وبوليفيا والبرازيل وكندا وتشيلي وقبرص والولايات المتحدة وفرنسا واليونان وإيطاليا ولبنان وليتوانيا ولوكسمبورغ وباراغواي وهولندا وبولندا والبرتغال وروسيا وسلوفاكيا والسويد وسويسرا والأوروغواي والفاتيكان وفنزويلا. ولا يزال ملف إبادة الأرمن مقلقا لتركيا التي تتهم عددا من الدول والحكومات باستخدام تلك القضية التاريخية لممارسة الضغوط عليها. بايدن يشهر ورقة المذابح بحق الأرمن ليضغط على تركيا بايدن يشهر ورقة المذابح بحق الأرمن ليضغط على تركيا ويقول تنار أكجام أستاذ دراسات الإبادة الجماعية للأرمن بجامعة كلارك الأميركية إن الإنكار لا يتعلق فقط بمنهج أيديولوجي للماضي، كما أن المطالبة بالاعتراف بالجرائم التاريخية ليست مجرد تعبير عن إدانة أخلاقية في ما يتعلق بالأحداث الماضية. وأردف “إن الإنكار هيكل لا يمكن للمرء ببساطة أن يحيله إلى الأعمال الوحشية السابقة. لقد أدى هيكل الإنكار إلى السياسات الحالية وما زال يفعل ذلك. وفي هذا الصدد سيكون من المناسب والمعقول مقارنة الإنكار التركي بنظام الفصل العنصري في دولة جنوب أفريقيا”. وأكد أكجام أن اعتراف تركيا بالفظائع التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية شرط مسبق لشعبها ليتمكن من العيش في سلام وهدوء، ليس فقط مع بعضهم البعض ولكن مع الآخرين في المنطقة. وترى الحكومة التركية أن الملف مجرد ورقة تمارسها بعض القوى الدولية لفرض ضغوط عليها، لكن مراقبين يرون أن أنقرة لن تقبل أبدا بالاعتراف بمصطلح الإبادة الجماعية لأنه سيشكل معضلة حقيقية وسيدفعها إلى تقديم المزيد من التعويضات بالإضافة إلى الملاحقات القضائية الأرمنية لتركيا، ويفتح الباب أمام إعادة الممتلكات الأرمنية وهو أمر تعتبره أنقرة خطا أحمر لا يمكن الاقتراب منه. ويشير مراقبون إلى أن المسألة لا تهم فقط الجانب المادي عبر التعويضات المالية أو حتى ترميم بعض الكنائس الأرمنية والاعتراف بالحقوق الثقافية واللغوية، بل سيصل الأمر إلى المطالبة بالأراضي التي تعرف بأرمينيا الغربية حيث جبل أرارات الذي يعد رمزا وطنيا للأرمن وهذا أمر لا يمكن أن تقبل به تركيا.
مشاركة :