أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية مساء السبت تضرر 29 موقعا بمصفاة الزاوية غربي البلاد، إثر اشتباكات شهدتها المدينة بين مجموعات مسلحة مساء الجمعة، وهو ما من شأنه أن يعمق أزمة النفط في البلاد بعد موجة الإغلاقات لحقول ومواني نفطية طيلة الأسبوع الماضي. وأكدت المؤسسة في بيان "تعرض عدة مواقع بمصفاة الزاوية إلى أضرار متفاوتة، بسبب الاشتباكات المسلحة التي حدثت مساء الجمعة". وتعد مصفاة الزاوية لتكرير النفط أكبر مصفاة نفطية في البلاد، وتقع على بعد 40 كيلومترا غربي العاصمة طرابلس، وتدار من قبل شركة الزاوية لتكرير النفط التابعة للمؤسسة الوطنية، وافتتحت المصفاة عام 1974، وتنتج حاليا ما يقدر بنحو 120 ألف برميل من منتجات النفط في اليوم الواحد، وغالبية إنتاجها يتم تصديره عبر خطي النفط والغاز الرابطين مع إيطاليا وميناء مليتة. وأوضحت مؤسسة النفط الليبية أن "الإحصاءات الأولية تشير إلى تضرر 29 موقعا، من ضمنها خزانات المشتقات النفطية وخزانات أخرى متعددة"، مشيرة إلى أن "فرق الصيانة والسلامة بالشركة تقوم بأعمال التقييم والحصر والمعالجة حتى اللحظة". وطالبت المؤسسة الجميع بضرورة ضبط النفس وإبعاد المنشآت النفطية عن أي أعمال مسلحة، من شأنها أن تعرض حياة العاملين للخطر وتضر بالبنية التحتية لقطاع النفط المتهالكة أصلا. وشهدت مدينة الزاوية ليل الجمعة اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة متناحرة، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ما أدى إلى سقوط قتيل وجرحى في صفوف العناصر المسلحة من ميليشيات القصب والفار اللتين تسيطران على المدينة. وفيما لم تُعرف بعدُ أسباب الاشتباكات، إلا أنها عادة ما تندلع في إطار سعي الميليشيات المسلحة للحصول على مكاسب على الأرض، وبسط نفوذها في أماكن سيطرة الأخرى. وعلى إثر هذه الأحداث، أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تعليماته لوزارة الداخلية، بضرورة أن يكون لمديريات الأمن دور في حل المشاكل التي تحدث في عدد من المدن، وآخرها ما حدث في الزاوية، وضرورة ضبط من ساهم في ترويع أهالي المدينة، واتخاذ الإجراءات الضبطية والقانونية تجاه مثل هذه الأحداث، وضرورة أن تقدم وزارة الداخلية موقفا تفصيليا حول هذه الحادثة، والمتسببين فيها والإجراءات المتخذة حيالهم. وقال الدبيبة خلال لقائه مكونات وزارة الداخلية بطرابلس "من يفكر في استخدام السلاح بمعزل عن القانون تجب محاسبته، وعدم ترك الفرصة للمواطن بأخذ حقه بيده لأن هذه جريمة يعاقب عليها القانون"، موضحا أن "حجز حريات الناس دون إذن من النيابة يعتبر ظلما، ولن نقبل بحدوث ذلك دون إجراءات قانونية، وهذا واجب وزارة الداخلية". ونددت وزارة الداخلية في الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا بأحداث الزاوية، وطالبت الجميع بضبط النفس والتوقف عن القتال. وقالت وزارة الداخلية في بيان إنها تابعت عن كثب وقلق بالغ المواجهات المسلحة "الدامية"، التي تجري في مدينة الزاوية. وناشدت الميليشيات المنخرطة في أعمال العنف ضبط النفس والتوقف عن القتال فورا، وتغليب صوت العقل واللجوء إلى الحكمة درءا للدماء، مؤكدة أن "من غير المقبول على الإطلاق أن يتقاتل الإخوة لفرض مصالح أشخاص وإحكام سيطرتهم، خاصة في المناطق السكنية، مما أدى إلى ترويع السكان الآمنين". وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مجمع الزاوية النفطي إلى أضرار جسيمة نتيجة الاشتباكات المسلحة، فقد سبق أن شهد أحداثا مماثلة خلال السنوات الماضية، جراء سيطرة الميليشيات المسلحة على مدينة الزاوية، وهي ميليشيات ترتبط بعلاقات متناقضة. كما تتصارع بصفة مستمرة على مناطق النفوذ وطرق التهريب. وتأتي الاشتباكات في وقت يشهد قطاع النفط في ليبيا، وهو مصدر الدخل الحيوي الوحيد للبلاد، منذ أسبوع موجة من الإغلاقات لحقول وموانئ النفط من قبل مكونات اجتماعية في الجنوب والوسط والجنوب الغربي والشرقي، بسبب الصراع والانقسام السياسي بين القوى السياسية والتنافس الجاري بين حكومتين على السلطة. وطالب مقفلو النفط في بيانات مصورة لهم بـ"خروج حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة من المشهد، وتسليمها السلطة إلى الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا". وبسبب ذلك، أعلنت مؤسسة النفط الليبية حالة "القوة القاهرة" في عدد من المنشآت النفطية، بينما كشف وزير النفط محمد عون أن بلاده "تخسر في اليوم الواحد نحو 60 مليون دولار"، جراء الإغلاقات. وعلى إثر ذلك، دعت المستشارة الأممية الخاصة بليبيا ستيفاني ويليامز إلى إنهاء إغلاقات النفط في البلاد، وعدم استخدام إنتاجه "سلاحا سياسيا لتحقيق أغراض سياسية". ويأتي ذلك في ظل تصاعد المخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية بعد الانقسام الحاصل، على خلفية تنصيب باشاغا رئيسا لحكومة جديدة بدلا من حكومة الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب.
مشاركة :