ولتر لاكوير يقرأ ويحلل البوتينية في 'روسيا ومستقبلها مع الغرب'

  • 4/25/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يظل المعروف عن الروسي فلاديمير بوتين وأفكاره ورؤاه وآرائه قليل جدا، فكل ما يعرف عنه ملامحه الغامضة، وسياساته الأكثر غموضا، ورجولته التي يتفاخر بها، ونشاطه في ریاضة الجودو وغیرھا من أنواع الریاضة، وظهوره بمظهر الراعي للأمة الروسية الذي يواجه أزمة اقتصادية كبرى، وتصنيفه الشعبي المرتفع لدي الروس، وكل هذا لعبت وسائل الإعلام الممسوك من قبل الدولة دورا في ترسيخه ترسيخ صعود نجمه وشعبیته. وبالتأكيد هناك قراءات وتحليلات لكتاب ومفكرين أوروبيين وأميريكين سعت إلى تتبع شخصيته في مختلف مستوياتها انطلاقا من التكوين المعرفي والسياسي والعسكري له. ومن بين هؤلاء كان المؤرّخ  الأميركي وولتر لاكوير في كتابه "البوتينية.. روسيا ومستقبلها مع الغرب" والذي خصص فصلا كاملا لرصد وتحليل مكوناته ومراحل تطورها. الكتاب يدرس ويقيم الآفاق المحتملة لمستقبل روسيا، والأهم "المشروع الروسي" (أيديولوجيا كان أم عقيدة) حيث يرى لاكوير في كتابه الذي ترجمه د.فواز زعرور وصدر عن دار الكتاب العربي أنه "من بین الدستة الأخیرة من الزعماء الاثني عشر الذین جرى اختیارھم لحكم الاتحاد السوفییتي وروسیا، جمیعھم، باستثناء الأخیر منھم، لم یكن مجیئھ مینطوي على أیة مفاجأة. فجمیعھم كانوا أعضاء في المكتب السیاسي للحزب، الھیئة الرسمیة الحاكمة. كان من الطبیعي لعضو ھذه الھیئة أن یكون الزعیم التالي للبلاد. كان اختیار فلادیمیر بوتین أكثر استثنائیة بكثیر، لكن السیاسات التي انتھجھا لم تكن كذلك. لقد رأى المتابعون للمشھد الروسي بأن صعود بوتین إلى سدة السلطة كان یمكن معارضته والوقوف في وجھه ـ متأثرین ربما بإحدى مسرحیات بیرتولد بریخت الأقل إثارة التي كتبت إبان العهد النازي حول الصعود القابل للممانعة إلى سدة السلطة من قبل آرتورو وي ملك تجارة القرنبیط. لكن البراھین المتوفرة بشأن مصداقیة ھذه الروایة لیست قاطعة إلى ھذا الحد. من حیث المبدأ، فإن أي شيء كان قابلا للحدوث في أعقاب فترة حكم یلتسن المدمرة والفوضویة. لكن في ضوء كل ما كان معروفا عن التاریخ والتقالید الروسیة والشؤون السوفییتیة الحالیة، فإن ظھور دیكتاتوریة قومیة كان أكثر ترجيحا من أي احتمال آخر حتى خلال فترة التسعینات. وقد رأى بعض الاقتصادیین بأن ثروات النفط والغاز لا تستطیع المساھمة إلا بنصف الدخل القومي الروسي في الحقبة البوتینیة. ھذا صحیح، لكن دخل النفط والغاز كان عاملا حاسما، فھو یسھم إلى حد بعید في نھوض الاقتصاد بشكل عام، وفي مجمل الخطط الاجتماعیة والسیاسیة التي أطلقتھا حكومة بوتین والتي استفاد منھا السكان، ً وأخیرا ولیس آخرا إسھامه في خدمة سیاسة بوتین الخارجیة والعسكریة. وتطرق لاكوير في كتابه إلى الحدیث عن العقیدة الجدیدة الآخذة بالظھور شیئًا فشیئًا في روسیا. مؤكدا إن معظم البلدان، حتى معظم القوى العظمى، قادرة على البقاء والاستمرار من دون عقیدة أو رسالة أو مصیر واضح، ولكن لیس روسیا. وأضاف "تنطوي العقیدة أو الإیدیولوجیة الروسیة على عدة مكونات: الدین (عقیدة الكنیسة الأورثوذكسیة، رسالة روسیا المقدسة، روما الثالثة والقدس الجدیدة)، الوطنية/ القومية (مع اصطفافات باتجاه الشوفینیة)، النمط الروسي من الجیوبولتیك، الأوراسیة، شعور القلعة المحاصرة، والزابادوفوبیا (الخوف من الغرب)، الذي ابتدعه الفیلسوف والمنظر الإیدیولوجي نیقولاي دانیلفیسكي كـ "ثقافة غربية"). یعرف طلاب الآدب الروسي الأوائل بأن الإیمان بفردیة روسیایعود عملیًا إلى بدایاتھا؛ الكتاب (غالبا تجار) الذین كانوا في الخارج عادوا یحملون قناعة بأن الروس كانوا أفذاذا فریدین من نوعھم ولیس لھم نظیر. ھذا ینطبق مثلا على أفاناسي نیكیتین من إقليم تفير، الذي ذھب إلى الھند عدة مرات قبل فاسكو دا غاما؛ وینطبق على نستور أسكندر الذي كتب عن سقوط القسطنطینیة وعلى مكسیم مكسیموس وھو راھب من جبل آثوس، كان قد دعي إلى روسیا واستقر ھناك. إضافة لذلك، كانت ھذه القناعة مقترنة عادة بعقیدة أخرى - الروسوفوبیا، أي الیقین بأن كل الأجانب كانوا ضد روسیا. من غیر الواضح سبب ھذا الغموض، لأن موقف العالم الخارجي من روسیا في عھد إیفان الثالث وایفان غروزني (الرھیب) كان موقفًا لا یتسم بالعدائیة بقدر ما یتسم بالافتقار إلى الاھتمام الحقیقي. ويلفت إلى أن ھنالك جذور راسخة متأصلة للمسیحیة الروسیة المخلّصة، المتمثلة بالإیمان برسالة خاصة من الله. كان ھذا الإیمان موجودًا لدى أمم أخرى بالطبع، سیما في القرن التاسع عشر؛ ولكن في معظم الحالات كان ھذا الإیمان بمثابة مرحلة عابرة، في حین أنه في روسیا ظل راسخا حتى ما بعد السلافوفیل، الذین ھم أكثر المؤمنین تعصبًا لھذا النوع من الرسائل اللاھوتیة. لا ینبغي إذن أن یكون بمثابة مفاجئة أن المسیحیة السیاسیة شھدت مولدًا علمانیًا جدیدًا خلال الفترة السوفییتیة، وأنھا ظھرت مجددًا في عصرنا كجزء من البحث عن مشروع روسي جدید. ويرى لاكويرأن الأوراسیة الجدیدة، التي ھي عبارة عن معتقد ھام من معتقدات العقیدة الروسیة الجدیدة، تستند إلى الافتراض القائل بأن أصول الدولة الروسیة موجودة في آسیا أكثر منھا في أوروبا؛ وأن التعایش مع المغول والتتار والقبائل الآسیویة أسھم إلى حد بعید في تشكیلروسیا؛ وأن على روسیا أن تبحث عن مستقبلھا في آسیا بعد أن رفضھا الغرب. یمكن القول بأنه زواج بین آنا كارنینا وجنكیز خان. لا تتماشى أفكار المدرسة الأوراسیة الجدیدة مع التفكیر الأوراسي لأواخر القرن التاسع عشر والمدرسة التاریخیة الفلسفیة لفترة العشرینات، الذي كان أكثر حرصا وذكاء. تلقى الأوراسیون الجدد زخما جدیدًا من خلال كتابات لیف غومیلیف حول علم نشوء الأعراق والانفعالیة العاطفیة، والتي أصبحت سائدة بعد تفكك الاتحاد السوفییتي. لقد حققوا أیضا قدرا أكبر من الشعبیة مع صعود الصین ومنطقة شرق آسیا/الباسفیك عموما. تكمن مزایا العقائد الأساسیة لأقصى الیمین الروسي في غموض معانیھا نسبیًا؛ فھي یمكن أن تعني شیئًا ما، ولكنھا أیضا تعني شیئًا آخر. قد تعني الانفعالیة العاطفیة استعداد أمة ما أو مجموعة ما من الناس لتقدیم التضحیات في سبیل معتقداتھم. في ضوء الأھمیة المتراجعة لأوروبا، یمكن بناء قضیة منطقیة حول اھتمام روسیا الشدید بأسواق شرق آسیا، واھتمامھا الأكبر بآسیا عموما. ولكن بالنظر إلى أصولھا وتاریخھا، وكذلك مؤثراتھا الثقافیة ومعطیاتھا الدیمغرافیة، لیس ھنالك سوى قدر ضئیل من الدعم لفكرة أن روسیا ھي أساسا قوة آسیویة. فالغالبیة العظمى من الروس لا یعیشون في آسیا، والعدید من أولئك الذینیعیشون في سیبیریایتحینون الفرص لمغادرتھا. علاوة على ذلك، لا یبدي الآسیویون كثیرا من الحماس لاحتمال حدوث ھجرة روسیة. وھكذا یمكن للأوراسیة الجدیدة أن تصنف كإیدیولوجیة تضم باقة متنوعة من العقائد والأذواق، ولیس الحقائق. وفي الفصل الذي خصصه لاكوير للرئيس بوتين يقول "أصبح بوتین رئیسا الآن، مع ذلك فلم یعرف سوى القلیل عن آرائه. ھل كان في أعماقه مصلحا، متعاطفًا مع اللیبرالیین، أم إنه كان محافظا؟ ھل كان یرید تغییر البلد، أم إنه كان یرى أن من أولویاته تھدئة البلد وتحقیق الأمن والطمأنینة بعد سنوات من الاضطرابات وعدم الاستقرار؟ كان سیبدو من غير الواقعي أن نتوقع من أحد خریجي مدرسة الـ كي جي بي أن یعمد إلى تحویل المجتمع الروسي إلى مجتمع دیمقراطي. ولكن ھل سیقبل بالتغییرات التي كانت قد حدثت في عھد غورباتشیف، أم إنه سیعمد إلى إنتاج نظام استبدادي صارم یتجه شيئا فشيئا نحو اليمين، استنادا إلى نظرة عالمیة رجعیة محافظة؟ ھل سیكون تركیز النظام الجدید على السیاسة الدیمقراطیة أو الخارجیة؟ ھذه الأسئلة الأساسیة وغیرھا تركت من دون جواب لفترة لیست بالقصیرة. كانت ھنالك مؤشرات ودلائل متناقضة، ولكن بحلول عام 2005 ترسخ الانطباع بأن الباعث المحافظ والقومي كان الأقوى. كان أولئك الذینیعملون معه جنبًا إلى جنب والراغبین في أن یشاركوا انطباعاتھم ینظرون إلیه على أنه وطني شدید الحذر یمسك بأوراق اللعب قريبا من صدره، لا یثق بالآخرین، باستثناء قلة قلیلة ربما من ذوي الخلفیة المشابھة لخلفیته. من الواضح أنه لم یؤمن بالاشتراكیةیوما، ناھیك عن الشیوعیة. لا یبدو بالتأكید أنه كان یعتقد بأن روسیا كانت مستعدة للتحرك بخطى سریعة في الطریق نحو الدیمقراطیة. ويتابع "مثله الأعلى حینھا كان یوري أندروبوف. لكن أندروبوف لم یكن مھتما إلى ذلك الحد بالقومیین الروس في الأجھزة التي كان یرأسھا. بوتین، من جھة أخرى، في الوقت الذي لم یكن فيه عضوا في ھذا الفصیل، كان أكثر میلا للإصغاء إلیھم؛ كان میالا للقادة والمفكرین السیاسیین القومیین لأیام روسیا القیصریة وبعض أولئك الذین تركوا روسیا بعد 1917. المفارقة، في ھذا الوقت، أن دعم بوتین كان أضعف في الأجھزة منه في باقي شرائح الدولة والمجتمع. من غیر المعروف سبب ھذه الحالة، ولعلھا تغیرت منذئذ، سیما مع الحرب الشیشانیة الثانیة. لم یكن بوتینیثق بالحكومات الأجنبیة، الأمر الذي لم یكن مفاجئا على نحو خاص ، حیث إنه كان قد تلقى تدریبه على ھذا العمل". ويتساءل لاكوير: ما هي البوتينية؟ ويجيب " البوتینیة ھي رأسمالیة الدولة، سیاسة اقتصادیة لیبرالیة لكنھا أیضا تنطوي على قدٍر كبیر من تدخل الدولة - تدخل شامل تقریبًا عندما یتعلق الأمر بالقضایا الھامة. إنھا حكومة استبدادیة، لكن ھذا لیس جدیدًا في التاریخ الروسي، حیثیجري التخفیف من حدة الاستبدادیة وتلطیفھا بالفساد وعدم الكفاءة. ھنالك برلمان، لكن أحزاب المعارضة لیست حقیقة في المعارضة. ھنالك صحافة حرة، لكن الحریة مقصورة على الصحف الصغیرة وینبغي على النقد ألا یتمادى أكثر من اللازم. ھنالك دستور، لكنه لیس بالدلیل أو المرشد الأفضل لوقائي روسیا وحقائق روسیا المعاصرة. كان ھنالك دستور ستالیني عام 1935، یقال بأنه أكثر الدساتیر دیمقراطیة في العالم، لكنه لم یكنیمت بصلة لممارسات الستالینیة. بات الأمر برمته مادة مغریة للتھكم والسخریة البائسة والنكات. یدرك المؤرخون بأن كل نظام وخاصة كل نظام سیاسي متطرف، ھو نظام مختلف وفرید من نوعه غالبًا. لا شك بأن البحث عن عقیدة سیاسیة روسیة جدیدة ھو أمر فرید من نوعه لأن الانتقالات من الشیوعیة كانت محدودة جدا وكل منها كان مختلفا عن غيره، سواء كان ذلك في الصین أو فیتنام أو أوروبا الشرقیة. ويضيف أن العدید من المراقبین الوثیقي الصلة بالمشھد الروسي يعتقدون بعدم وجود طلب كبیر حالیًا على إیدیولوجیة جدیدة، والاھتمام بھذا الموضوع ھو اھتمام ضئیل للغایة. إذا ما تشاجر الناس، فشجارھم في معظم الحالات ھو حول الشؤون المالیة - حول دخلھم أو استثماراتھم وأرباحھم، وحول أفضل السبل المتاحة لخدمة مصالحھم - لیس حول المسائل الإیدیولوجیة أو المادیة الدیالكتیكیة. لا یعني ھذا أن أولئك الذینیدیرون دفة الحكم في البلاد یحرصون فقط على استثماراتھم. فحقیقة أنھم أصبحوا من أصحاب الملیارات لا تجردھم من أھلیة الظھور بمظھر الوطنیین الحریصین على العیش في بلد قوي جدیر بأن یكون لاعبًا أساسیًا في میدان السیاسة العالمیة. الوطنیةیمكن تلطیفھا والتخفیف من حدة مضامینھا ومدلولاتھا، لكنھا لا تختفي بالضرورة بوجود الثروة والدخل المرتفع. لو أعدنا صیاغة ما قاله كارل ماركس في قالب جدید، لأمكننا القول بأن البنیة الأساسیة المالیة لا یزال لھا تأثیر على البنیة الأساسیة الإیدیولوجیة والسیاسة المتبعة. ھنالك مصلحة واضحة لطبقة النبلاء الجدد في الإبقاء على الوضع الراھن من دون تغییر ویمكن للوطنیة أن تكون ذات فائدة مؤكدة في ھذا السیاق. وبحسب ما أوضحه أندرانیك میغرانیان وھو ناطق بلسان النظام الجدید، فھم یریدون سلطة قویة ولیس فوضى. لقد استعادت الدولة في عھد بوتین آلیة عملھا التقلیدیة، واستعادت كذلك فاعلیتھا وسلطتھا على مواردھا، وأصبحت أكبر مؤسسة مسؤولة عن وضع قوانین اللعبة. قد یكون النظام دیكتاتوریًا استبدادیًا، لكنھ بحاجة إلى موافقة مواطنیه. ويؤكد أن  أھم مكون من مكونات الإیدیولوجیة الجدیدة ھو القومیة التي یصحبھا نزعة عداء للغرب. إن أصول ھذا العداء المتادي للغرب غیر واضحة على الإطلاق؛ لم یكن العداء لأمریكا موجودًا قبل الحرب الباردة بتلك الدرجة المھمة. ولكن من ٍ منظور عملي أكثر واقعیة،ینبغي أنیكون لھ علاقة بضرورة أن تقوم منظمة FSP ، خلیفة KGB ، بتبریر وجودھا ومیزانیتھا وسیاستھا. لأنه ما لم یصر إلى حمایة روسیا من أعدائھا الخطرین والأقویاء والماكرین، فسوف تتعرض البلاد إلى الدمار مرة أخرى. من ھنا كانت الحاجة للإبقاء على ھذا الجھاز الأمني الضخم والمكلف تحت رئاسة طبقة النبلاء الجدد التي تحكم البلاد. ھذه باختصار شدید ھي الأركان الأساسیة للإیمان بتفكیر ھذه الطبقة الجدیدة. ويواصل التساؤل: ماذا عن عقیدة بوتین؟ ويقول "إنھا لیست في الحقیقة سمة دائمة الحضور في التاریخ الروسي - بالرغم من كل شيء، لم یسبق لأي وزیر قیصري قط أن أصبح موضوعا لمثل ھذا الثناء والمدیح. إحدى شركات الفودكا أطلقت على منتجاتھا اسم بوتین، وكذلك منتجات مخفوق اللبن والكرامیل والآیس كریم والكباب والطماطم المقاومة للصقیع. لعله كان قد سعى لذلك بمغامراته وھو عاري الصدر في سیبیریا وتوفا. أو لعل ذلك حدث لأنه كانیبدو أكثر شبابًا بكثیر ویتحرك بسرعة تفوق سرعة بریجینیف وخلفائه المباشرین. من الواضح أن البلاد كانت بحاجة لمثل ھذا الشخص. في مدینةیاورسلاف غیر البعیدة عن موسكو، كان لا بد من احتجاز مجموعة من النسوة في إحدى عیادات الطب النفسي بسبب إعجابھم الخارج عن السیطرة بالرجل الذي كان یرتدي بزةً بیضاء (كي یشبه الطائر) ویطیر مع اللقالق البیضاء في سیبیریا في طائرة شراعیة معلقة. لم یكن ھذا لیحصل مع ستالین أو خروتشوف أو بریجینیف.

مشاركة :