دخلت العملية الروسية في أوكرانيا شهرها الثالث دون أن تلوح في الأفق نهاية للقتال الذي أودى بحياة الآلاف وشرد الملايين وحول المدن إلى أنقاض. وفي مواجهة العقوبات المتزايدة والمقاومة الأوكرانية الشرسة التي تدعمها الأسلحة الغربية، واصلت روسيا قصفها من مسافات بعيدة وبدأت هجومًا جديدًا في الشرق. وهنا يقول الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف: إن العملية العسكرية لبلاده في أوكرانيا جاءت في المقام الأول لحماية العمق الإستراتيجي لروسيا ومنع الغرب وواشنطن من ضرب أمن البلاد من خلال الحدود الأوكرانية. ويُضيف سولونوف بلافريف، خلال تصريحاته لـ” المواطن “، أن مع دخول العملية العسكرية شهرها الثالث حققت الكثير من الإنجازات الميدانية بالأخص في ماريوبول وعزل أوكرانيا عن ساحل البحر الأسود. وتكمن أهمية ماريوبول في نقطتين الأولى أن أراضي هذه المدينة هي الطريق البري الموصل من روسيا وشرق أوكرانيا مع شبه جزيرة القرم، وتُعد الميناء الأهم والأكبر من حيث القدرة على بحر أزوف. التسلسل الزمني لأحداث العملية العسكرية: 24 فبراير بدأت روسيا عمليتها العسكرية من ثلاث جبهات في أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، مما أسفر عن فرار عشرات الآلاف؛ وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: إنه يشن “عملية عسكرية خاصة” لنزع سلاح أوكرانيا و”تخليصها من النازيين”. بينما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر: “روسيا شرعت في طريق الشر، لكن أوكرانيا تدافع عن نفسها”. 28 فبراير أول محادثات بين الجانبين لم تسفر عن أي تقدم وسط اتهامات من الغرب وواشنطن بارتكاب روسيا جرائم حرب. أول مارس روسيا تضرب برج إرسال تلفزيوني في كييف وتكثف قصفها لخاركيف في الشمال الشرقي ومدن أخرى، فيما اعتُبر تحولًا في التكتيكات مع تلاشي آمال موسكو في شن هجوم سريع على العاصمة. الثاني من مارس قال رئيس بلدية ماريوبول: إن القوات الروسية قصفت المدينة الساحلية الجنوبية لمدة 14 ساعة ومنعت المدنيين من المغادرة، في بداية حصار موسكو للمدينة. وتنفي روسيا استهداف المدنيين. كما وصلت القوات الروسية إلى وسط مدينة خيرسون الساحلية المطلة على البحر الأسود، لتصبح أول مركز حضري كبير تسيطر عليه. 3 مارس روسيا وأوكرانيا تتفقان على فتح ممرات آمنة للمدنيين الفارين. غرق سفينة شحن بالقرب من ميناء أوكراني بعد ساعات من انفجار في سفينة أخرى في ميناء آخر، كما أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تقول: إن مليون شخص فروا من أوكرانيا. 4 مارس القوات الروسية تستولي على محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وهي الأكبر في أوروبا؛ ورفض حلف شمال الأطلسي دعوة أوكرانيا لفرض مناطق حظر طيران، قائلًا: إن من شأن ذلك تصعيد الصراع. 9 مارس أوكرانيا تتهم روسيا بقصف مستشفى للولادة في ماريوبول ودفن الناس تحت الأنقاض، كما قالت روسيا في وقت لاحق: إن المستشفى لم يعد يعمل وإن المقاتلين الأوكرانيين احتلوه. 13 مارس روسيا توسع من حربها إلى عمق غرب أوكرانيا، وتطلق صواريخ على قاعدة في يافوريف بالقرب من الحدود مع بولندا العضو في حلف شمال الأطلسي. قال مسؤول محلي: إن الهجوم أسفر عن مقتل 35 شخصًا وإصابة 134. أوكرانيا تتهم روسيا بقصف مسرح في ماريوبول حيث كان يتحصن مئات المدنيين. وتنفي موسكو ذلك. 25 مارس موسكو تشير إلى تقليص طموحاتها والتركيز على الأراضي التي يطالب بها الانفصاليون المدعومون من روسيا في الشرق، فيما تشن القوات الأوكرانية هجومًا لاستعادة السيطرة على البلدات الواقعة خارج كييف. 30 مارس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقول: إن أكثر من أربعة ملايين شخص فروا من أوكرانيا. كما اقترحت أوكرانيا تبني وضع “دولة محايدة” خلال محادثات في إسطنبول. أول إبريل أوكرانيا تستعيد المزيد من الأراضي حول كييف من الجنود الروس الذين تركوا القرى المدمرة والدبابات المهجورة في أثناء ابتعادهم عن العاصمة. الثالث والرابع من إبريل أوكرانيا تتهم روسيا بارتكاب جرائم حرب بعد العثور على مقبرة جماعية وجثث لأشخاص أطلقت عليهم النار من مسافة قريبة في بلدة بوتشا بعد استعادتها من القوات الروسية. ينفي الكرملين مسؤوليته ويقول: إن صور الجثث مزيفة. 8 إبريل أوكرانيا وحلفاؤها يحملون روسيا مسؤولية هجوم صاروخي على محطة للقطارات في كراماتورسك أسفر عن مقتل 52 شخصًا على الأقل كانوا يحاولون الفرار من هجوم يلوح في الأفق في شرق البلاد. نفت روسيا مسؤوليتها عن الهجوم. 14 إبريل غرق السفينة الحربية الروسية موسكفا في البحر الأسود بعد انفجار وحريق تقول أوكرانيا: إنه نجم عن ضربة صاروخية. تقول روسيا: إن السفينة غرقت بعد انفجار ذخيرة. تعتقد واشنطن أن السفينة الحربية أصيبت بصاروخين أوكرانيين. 18 إبريل روسيا تبدأ هجومها على شرق أوكرانيا وتطلق العنان لآلاف القوات، فيما وصفته أوكرانيا بمعركة دونباس، وهي حملة للاستيلاء على إقليمين وتحقيق أي نصر في ساحة المعركة. 21 إبريل بوتين يعلن “تحرير” مدينة ماريوبول الساحلية بجنوب شرق أوكرانيا بعد شهرين من الحصار، رغم تحصن مئات من المدافعين عن المدينة في مصنع ضخم للصلب. بوتين يتوعد: الرئيس الروسي فلاديمير أكد يوم أمس الاثنين أن الغرب لن ينجح في تقسيم المجتمع وتدمير الدولة الروسية؛ وقال بوتين، خلال اجتماع لهيئة النيابة العامة الروسية: “إن خطة الدول الغربية تتضمن تقسيم المجتمع الروسي وتدمير البلاد من الداخل، ولكن لن يتمكنوا من ذلك”. وأضاف بوتين: “روسيا تواجه ضغوط العقوبات غير المسبوقة”، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الروسي لديه فرصة للعمل بثبات ودون إخفاقات في الظروف الحالية”. وتابع: “تقوم الحكومة حاليًّا بتنفيذ تدابير واسعة النطاق لدعم المواطنين الروس، ويجب علينا ضمان عمل آليات الدعم الاجتماعي، بما في ذلك تحويل المعاشات التقاعدية في الوقت المناسب ودفع التعويضات للأسر الصغيرة والأسر الكبيرة على حد سواء، والتوسع في برامج تعزيز العمالة”، لافتًا إلى أن المجتمع يُظهر نضجًا وتضامنًا ويدعم قواتنا المسلحة ويدعم جهودنا الرامية إلى ضمان أمن روسيا القومي بدون قيد أو شرط، ويدعم المواطنين الذين يعيشون في “دونباس”.
مشاركة :