أزمة مديونية قد تطيح بسنوات التنمية في الاقتصادات الصاعدة

  • 12/8/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كشف مختصون في بنك التسويات الدولية الذي يعرف باسم البنك المركزي للبنوك المركزية في تقريرهم ربع السنوي، أن الأسواق المالية تمر بحالة من الهدوء المشوب بالحذر، وأعرب مختصو البنك عن قناعتهم بأن هناك مجموعة من المؤشرات الدولية في سوق السندات تشير إلى أن الأوضاع غير مطمئنة، وأن الاقتصاد العالمي لا يزال عرضة لاضطرابات خطيرة. وحذر رئيس الوحدة المالية والاقتصادية في البنك، من الانخداع بنجاح الصين بتحقيق استقرار جزئي، معتبرا أن ذلك قد يخلق شعورا زائفا بالأمان، ونوه بتباطؤ تدفقات رأس المال في البرازيل وروسيا، باعتبار ذلك مؤشرا على أن عدم اليقين لا يزال يؤثر بشكل واضح في الأسواق المالية، وأن المستثمرين لا تزال لديهم حساسية من وقوع تقلبات مفاجئة في الأسواق، أو إجراءات غير متوقعة من البنوك المركزية لتحقيق الاستقرار واستعادة التوازن، دون أن تكون الأسواق المالية مؤهلة للتعامل مع تلك التغيرات بعد. ويحذر التقرير من تنامي ظاهرة القروض المعدومة في منطقة اليورو، التي اعتبرها كبيرة للغاية. وحول أسباب تنامي تلك الظاهرة وخطورتها الاقتصادية يعلق توماس ماك جيل مختص تحليل البيانات المصرفية لـ "الاقتصادية" قائلا "إن السبب الرئيسي لتنامي ظاهرة الديون المعدومة في منطقة اليورو، يعود إلى ارتفاع نسبة الإقراض خاصة للشركات، مع افتقادها القدرة على السداد جراء تراجع معدلات النمو الاقتصادي، واليونان المثال الأبرز، لكن هذا لا يجب أن يجعلنا نغض الطرف عن إيطاليا والبرتغال وإيرلندا وإلى حد ما إسبانيا". وأضاف "طالما ظل الطلب الاستهلاكي المحلي في منطقة اليورو منخفضا، وظلت الأسواق الناشئة تعاني أزمة اقتصادية تجعلها غير قادرة على زيادة وارداتها من البلدان المتقدمة، وظل سعر النفط في انخفاض ما يعني ضعف القدرة الاستثمارية الخارجية للبلدان النفطية". لكن أخطر ما جاء في التقرير ما اعتبره البعض تناقضا بين نمو الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي. إذ أوضح معدو التقرير أن أي تحسن في مؤشرات الاقتصاد الأمريكي ستضر بالاقتصاد الدولي، وأن زيادة أسعار الفائدة الأمريكية، وما سيرافقها من ارتفاع في قيمة الدولار ستنعكس على قدرة البلدان النامية والأسواق الصاعدة على الاقتراض، ولربما تفقد بعض دول العالم قدرتها على تحمل تكلفة القروض الجديدة، إضافة إلى العجز عن سداد ما عليها من ديون. وبلغة الأرقام يوضح التقرير أن إجمالي السندات الدولارية ارتفع إلى 9.8 تريليون دولار خلال الربع الثاني من هذا العام، وأن الائتمان الدولاري في الأسواق الصاعدة ومن بينها البرازيل والصين وروسيا والهند تضاعف منذ عام 2009 ليصل الآن إلى أكثر من ثلاثة تريليونات دولار. ولـ "الاقتصادية" تعلق الدكتورة أليس أو هاجون أستاذة الاقتصادات الناشئة قائلة "ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي قد تزيد الوضع المتردي للاقتصاد العالمي تعقيدا، إذ يمكن أن تفجر أزمة مديونية تطيح بسنوات من التنمية الاقتصادية للاقتصادات الصاعدة، فبعض التقديرات الموثوق بها تصل بديون الاقتصادات الناشئة حاليا إلى 23.5 ترليون دولار، والمشكلة أن ارتفاع قيمة الدولار تعني عمليا ضياع أي جهود لرفع معدلات النمو، لأنها ستذهب لتسديد الديون". وتؤكد الدكتورة أليس أنه يصعب وضع الأسواق الصاعدة في سلة واحدة، فدولة مثل الصين على الرغم من أن ديونها الخارجية أضعاف ماليزيا أو الفلبين، إلا أنها أكثر قدرة على السداد من تلك البلدان جراء القدرة والحجم العملاق لاقتصادها. وإذا كان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي من 3.3 في المائة لهذا العام إلى 3.1 في المائة، وقلص توقعاته بشأن النمو الاقتصادي للعام المقبل إلى 3.6 في المائة، فإن الارتفاع المتوقع للنمو بين العامين الجاري والمقبل، يمنح المشهد الاقتصادي العام بعض الإيجابية، ويكشف عن قدرة الاقتصاد الدولي على تجاوز عديد من العقبات الراهنة، شريطة أن تعيد الاقتصادات الناشئة وعديد من اقتصادات منطقة اليورو هيكلة اقتصادها الوطني، وإدراك طبيعة التغيرات المقبلة في سوق المال العالمية، وأبرزها قرب نهاية عصر "القروض زهيدة الثمن" وأنه بمجرد رفع أسعار الفائدة الأمريكية فإن عملية الاقتراض الدولي ستصبح مكلفة أكثر مما قبل، وأنه لن يعود من المجدي الاقتراض من أجل تحقيق النمو كما جرى العرف خلال العقد الماضي.

مشاركة :