تركيا تتخذ من العمال الكردستاني ذريعة للتمدد شمال العراق

  • 4/27/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشكك قوى سياسية عراقية وكردية في دوافع تركيا من شن عمليات عسكرية في شمال العراق، وآخرها عملية “قفل المخلب” التي أعلنت عن استكمال مرحلتها الأولى في ثلاث مناطق داخل إقليم كردستان، لكنها مستمرة. وتقول تركيا إن الهدف من عملياتها المتكررة في العراق هو القضاء على مسلحي حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تنظيما إرهابيا، لكن هذه الذريعة لم تعد تلقى قبولا من الجهات الرسمية والقوى السياسية العراقية والكردية. وترى هذه الأطراف أن أنقرة تتخذ من وجود عناصر من حزب العمال مبررا للتغلغل داخل المناطق العراقية، والسيطرة على بعض المدن مثل كركوك والموصل، مشيرة إلى أن هناك اليوم نحو تسع عشرة قاعدة تركية في العراق، من بينها خمس عشرة قاعدة عسكرية، وأربع قواعد ذات صبغة استخبارية. أحمد الصحاف: اتفاق بين تركيا وحزب العمال على الدفع بمعظم مقاتليه إلى العراق وحذر السياسي الكردي محمد أمين بنجوني مؤخرا من أن “العملية العسكرية التركية الأخيرة تندرج في إطار الاستعداد لعملية شاملة لاستعادة السيطرة على الأراضي العراقية، والتي من المتوقع أن تبدأ في عام 2023”. وتعتبر أنقرة أن بعض المناطق العراقية مثل الموصل وكركوك أراض تركية تم انتزاعها عبر اتفاقية لوزان الموقعة في العام 1923. وسبق أن طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي بإعادة النظر في هذه الاتفاقية، قائلا “يجب فهم أن كركوك كانت لنا، وأن الموصل كانت لنا.. لماذا هذا الكلام لا يعجبهم؟”. وأوضح بنجوني “أعتقد أن عملية قفل المخلب هي تحضير للعملية الشاملة (المحتملة) التي أعلن عنها رئيس تركيا، ووزير الدفاع، ورئيس المخابرات، لهذا السبب يخططون لشن هجوم واسع النطاق لغزو كردستان من الموصل إلى كركوك”، مشيرا إلى أن “تركيا أنشأت قوة عسكرية من التركمان في كركوك من أجل السيطرة على كركوك، وتستخدم الحرب على حزب العمال الكردستاني ذريعة للسيطرة على آبار النفط وإمدادات الغاز الطبيعي في جنوب كردستان”. واعتبر السياسي الكردي أن “العملية العسكرية تهدف إلى الضغط على الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يعارض محاولات تصدير نفط إقليم كردستان”. وبدأ الجيش التركي في الثامن من أبريل الجاري عملية “قفل المخلب” التي استهدفت حتى الآن مناطق متينا وزاب وأفشين – باسيان شمالي العراق. وتشارك في العملية الجارية القوات الخاصة والقوات الجوية. وهذه هي العملية التركية الثالثة في شمال العراق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث سبق أن شنت تركيا عمليتين عسكريتين في المنطقة عام 2020. وقال الرئيس التركي الاثنين إن عملية “المخلب – القفل” تجري وفق القانون الدولي. ولفت أردوغان إلى أن تركيا تواصل عملياتها ضد من وصفهم بالإرهابيين في الخارج، انطلاقا من إيمانها بأن أمنها يبدأ من خارج حدودها. وشدد على أن تركيا ستواصل عملياتها إلى حين إحكام سيطرتها على حدودها الجنوبية بشكل تام بحيث لا يتمكن أي إرهابي من التسلل إلى البلاد أو الهروب منها. وأثارت العملية العسكرية الأخيرة غضب الحكومة المركزية في العراق، خصوصا وأن تركيا لم تقم بالتنسيق معها مسبقا، واقتصرت على إعلام قادة إقليم كردستان الذين ترتبط معهم بعلاقات وثيقة. وقد استدعت بغداد السفير التركي للاحتجاج على التحرك العسكري لبلاده، وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف إن “العمليات العسكرية في الأراضي العراقية تشكل انتهاكا سافرا لسيادة العراق وتهديدا لوحدة أراضيه، لما تخلفه العمليات من رعب وأذى للآمنين من المواطنين العراقيين”. وأوضح المتحدث أن “الخارجية استدعت سفير تركيا وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، ووصفت في المذكرة العمليات العسكرية بأنها أحادية عدائية استفزازية، ولن تأتي على جهود مكافحة الإرهاب”، مبينا أن “الوزارة جددت المطالبة بالانسحاب الكامل للقوات التركية من الأراضي العراقية بشكل ملزم، لتأمين السيادة العراقية وعدم تجديد أي نوع من الانتهاكات”. وشكك المسؤول العراقي في دوافع العمليات العسكرية التركية المتكررة قائلا إن “الجانب التركي يحمل ذرائع بأن ما يقوم به من أعمال وانتهاك لسيادة العراق يأتي في سياق الدفاع عن أمنه القومي، وفي هذا الصدد نؤكد أن ما يعلن عنه الجانب التركي مرارا بأن هنالك تنسيقا واتفاقا مع الحكومة العراقية بهذا الشأن لا صحة له، وهو ادعاء محض”. ورجح “وجود اتفاق بين الجانب التركي وحزب العمال الكردستاني على دفع معظم مقاتلي الأخير إلى الأراضي العراقية كذريعة لاستمرار الانتهاكات التركية للأراضي العراقية”. Thumbnail وبيّن المتحدث باسم وزارة الخارجية أن “الوزارة لم تتلق ردا على مذكرة الاحتجاج بنصها ومضمونها، ولا نزال ننتظر ذلك عبر القنوات الرسمية والدبلوماسية”، موضحا أن “العراق له الحق في أن يستعين بكافة مصادر القوة على المستوى الثنائي والمتعدد والمنظمات الدولية، بالاستناد إلى ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القوانين الدولية”. ويرى مراقبون أن الشكوك التي تبديها الأوساط الرسمية والسياسية العراقية لها ما يبررها، حيث أن شن تركيا عمليات على أراض عراقية يفترض أن يسبقه تنسيق مع السلطة المركزية، وتكون مثل هذه العمليات محددة مكانيا وزمانيا، وهو ما لا تقوم به أنقرة. ويشير المراقبون إلى أن تركيا في عمليتها الأخيرة استغلت الأزمة السياسية المتفجرة في العراق منذ أشهر، لافتين إلى أن المنظومة القائمة في العراق منذ الاحتلال الأميركي تتحمل المسؤولية الكبرى عن النوازع التركية التوسعية، حيث كان من المفترض أن تتصدى هذه المنظومة منذ البداية لأنقرة لكنها لم تفعل ذلك واقتصرت في كل مرة على التنديد والاستنكار. ويوضح المراقبون أن تركيا نجحت إلى حد كبير على مدى الأعوام الماضية في اللعب على وتر التناقضات الكردية – الكردية، والصراعات بين قيادة إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد، معتبرين أن غياب وحدة الموقف بين هذه الأطراف إزاء التجاوزات التركية يشكل حافزا كبيرا لأنقرة للمضي قدما في مشروعها في شمال العراق. ويرى المراقبون أن ما يغذي أكثر النوازع التركية هو آبار النفط والغاز في شمال العراق، ذلك أن تركيا تستورد أكثر من ثلاثة أرباع حاجتها من الطاقة، فيما ترى أن لها الأحقية في استغلال الثروة النفطية في كركوك على سبيل المثال. وفي هجماتها المتكررة على العراق تستند تركيا على جملة من الاتفاقيات، من بينها اتفاقية أنقرة لعام 1926 واتفاقية “التعاون وأمن الحدود” لعام 1983، التي فتحت المجال أمامها لشن عمليات ضد حزب العمال الكردستاني في الداخل العراقي.

مشاركة :