n هل المياه الجوفية أحد العناوين المهمة لوزارة البيئة والمياه والزراعة؟ هل تعطيها الأولوية قبل الزراعة وتوسعاتها؟ لماذا لم تدخلها في برامج الوزارة الإرشادية؟ ستظل المياه الجوفية نقطة ضعف، تتوارثها الأجيال القادمة. لماذا لا تحظى المياه الجوفية بقوة الوزارة ونفوذها وإمكانياتها وخبرتها؟ أقول بهذه الأسئلة لأن الوزارة مسؤولة أمام الجميع حاضرا ومستقبلا، وستظل ما لم تغلق أبوابها.n نجد الوزارة تتحدث عن الزراعة وإنجازاتها. تقدم سنويا الإحصائيات الزراعية بما تحمل من أرقام. تتفاخر بإسهاماتها في الدخل الوطني، لكنها تتجاهل تكلفة المياه الجوفية التي استهلكتها هذه الزراعة، مقارنة بأسعار مياه تحلية البحر التي تكلف مليارات الريالات سنويا. إنه الماء يا سادة حيث تسري الروح في سائله دون أن نراها.n نمارس جور السحب الجائر من المياه الجوفية بزراعات عشوائية لا يتوقف ريها طول العام، ولا نلقي بالا للزراعات الموسمية الموفرة للمياه الجوفية، مثل زراعة الحبوب ومنها زراعة القمح الأهم لكسرة الخبز مع شربة الماء. هذا الماء يبحث عن إدارة وسيظل. لماذا لا يحظى بالأولوية؟ لماذا لا يكون خطا أحمر يهابه الجميع؟n هذا مشروع إعادة تأهيل المدرجات الزراعية- في مناطق الجنوب الغربي- بتطبيقاته الزراعية القائمة يؤكد أن تنمية المياه الجوفية في هذه المناطق المطيرة -المهمة- لا تعني شيئا للوزارة ومشروعها. وكأن الهدف من مشروعها هذا تجفيف المياه الجوفية في هذه المناطق. الماء يبحث عن وزارة تحميه وتدافع عنه. الماء وطن. وهذا أحد عناوين كتبي العديدة عن المياه.n أجد أن أحد مؤشرات عدم الاهتمام بالمياه الجوفية وتنميتها هو تجاهل المدرجات المهجورة، والمتهدمة -وهي الأغلب- والتي هي بحاجة لحصرها، نوعا ومساحة وموقعا. بحاجة لتشخيص علمي يعرض مشاكلها ويحدد احتياجاتها من منظور مائي وبيئي. فهي في مجموعها -أي المدرجات- أشبه بأوعية لاستقبال مياه الأمطار وتجميعها وتخزينها في تربتها لتغذية المياه الجوفية. وهذه وظيفتها الرئيسية عبر القرون وستظل كذلك.n تتهدم هذه الأوعية (الحجرية) وفي هذا تناقص لأعدادها. الكثير منها انقرض من الوجود، وهذا يعني انقراض تربتها معها وإلى الأبد. أيضا تنجرف تربة ما تبقى منها سنة بعد أخرى، وفي هذا ضياع للماء، وضياع لمهد الزراعة وضياع للكثير من متطلباتها كنظام بيئي ومائي وزراعي.n سنويا تجرف مياه الأمطار تربة الجبال المطيرة النادرة. وفي هذا موت للغطاء النباتي، بجانب استحالة بناء مدرجات جديدة في ظل تأخرنا عن أداء متطلبات إنقاذها. النتيجة النهائية تصحر وهبوط حاد لمناسيب المياه الجوفية. وهذا موت غابات شجر العرعر خير مثال وشاهد. عيب علينا مشاهدة ما تؤول إليه من تصحر ونحن في موقف المتفرج.n المدرجات الحجرية منظومة بيئية مائية زراعية في مناطق الجنوب الغربي من المملكة صمدت لقرون، وحاليا تتهدم في ظل وجود وزارة آلت إليها المسؤولية، فنجدها لا تحرك ساكنا للاهتمام بهذا التراث المتجدد الوظيفة والأهمية والدور.n المؤشرات تؤكد أن وزارة البيئة والمياه والزراعة تتجاهل تماما تأهيل بيئتنا المطيرة لتغذية المياه الجوفية، وكأن الماء لا يعني لهم شيئا. ونتيجة لذلك قلت بفشل مشروع إعادة تأهيل المدرجات الزراعية قبل أن يبدأ. كيف نزرع قبل تأسيس مشاريع تغذية المياه الجوفية الإستراتيجية للحاضر والمستقبل؟ سؤال طرحه ضرورة وطنية. سؤال ملهم يجعل القلق يتعمق ويتوسع.n جعلنا الماء في خدمة أنفسنا ومصالحنا ولم نجعل أنفسنا ومصالحنا في خدمة الماء. أقول بهذا استنادا إلى العبر والدروس المهمة والإستراتيجية، التي وردت في كتابي بعنوان: (التوسع في زراعة القمح والشعير والأعلاف خلال خطط التنمية الخمس الأولى (1970 - 1995 م) وأثره على المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية). ما يجعلني لا أمل من تكرار عنوانه أمامكم. حتى العنوان جزء من رسالتها في الكتاب. ويستمر الحديث بعنوان آخر.twitter@DrAlghamdiMH
مشاركة :