يترقب الفلسطيني جابر دبابسة (38 عاما)، بقلق شديد، إصدار المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا بشأن إخلاء قريته “خلّة الضبع”، وعدد من التجمعات السكانية المجاورة جنوبي الخليل، بدعوى أنها مناطق “تدريب” للجيش الإسرائيلي. وقال دبابسة إنه ولد في قريته التي يعود تاريخ إنشائها إلى العهد العثماني، ويرفض أي قرار إسرائيلي من شأنه ترحيله عن أرضه. ومنذ 2000، تقدم الجيش الإسرائيلي بقضية لإجلاء السكان من 8 تجمعات سكانية، بدعوى أنها مناطق “تدريب وإطلاق نار”، مدعيا أن المنطقة كانت غير مأهولة قبل 1980، ويُطالب بترحيل السكان، وهو ما ينفيه الفلسطينيون. وفي السادس عشر من مارس الماضي، أجّلت المحكمة العليا الإسرائيلية النظر في القضية إلى يوليو القادم. منذ 2000، تقدم الجيش الإسرائيلي بقضية لإجلاء السكان من 8 تجمعات سكانية، بدعوى أنها مناطق تدريب وإطلاق نار وتقع التجمعات جنوبي مدينة الخليل (جنوبي الضفة الغربية)، ويطلق عليها الفلسطينيون “مَسافر يطّا”، في حين يطلق عليها الجانب الإسرائيلي اسم “جبال الخليل”. وتُصنف “مَسافر يطّا” ضمن المنطقة “ج” حسب اتفاقية أوسلو الموقّعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وتمنع إسرائيل الفلسطينيين من البناء فيها. وصنفت اتفاقية أوسلو 2 (1995)، أراضي الضفة ثلاث مناطق: “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و”ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60 في المئة من مساحة الضفة. ويسكن دبابسة وأسرته المكونة من خمسة أفراد في بيت من الطوب والصفيح، وقال إن الجيش الإسرائيلي هدم مسكنه ثلاث مرات بدعوى البناء دون ترخيص. وأضاف “نعيش في ظروف صعبة دون أي مقومات للصمود، ونتعرض لهجمات المستوطنين واعتداءات الجيش يوميا”. وتابع “لا نتوقع الكثير من القضاء الإسرائيلي، فهو شريك في الاحتلال”. وقال إن “أكثر ما يمكن أن يعطينا إياه، هو البقاء في منازلنا، ومصادرة كافة الأراضي”. وأردف “المعركة هنا على البقاء، لن نرحل ولن نقبل بأي حل أو قرار يمس أراضينا وحقوقنا، سنبقى هنا وبصدورنا العارية سنتصدى للاحتلال”. ويتمنى دبابسة “توفير حياة كريمة لأطفاله، من تعليم ومسكن وحياة دون اعتداءات المستوطنين”. وللوصول إلى خلّة الضبع وبقية التجمعات السكانية المجاورة، ينبغي سلوك طرق ترابية وعرة. يقول الفلسطينيون إنهم شقوها بصعوبة في ظل المنع الإسرائيلي. ومن خلّة الضبع، تشاهد تجمعات سكانية قريبة تعتمد في حياتها على تربية المواشي. ومن التجمع، يمكن مشاهدة البحر الميت (شرقا)، وجبال المملكة الأردنية، وبعض البلدات العربية في النقب كـ”عراد”. وقال محمد الربعي، رئيس مجلس قرية التوّانة الواقعة ضمن مَسافر يطّا، إن إسرائيل “تمارس ترحيلا ممنهجا بحق السكان منذ 20 عاما”. وأضاف “يسعون لتفريغ المنطقة بحجة أنها أراضي تدريب للجيش، لكنّ إسرائيل تسعى إلى طرد السكان لأطماع استيطانية”. وأشار إلى أن السكان يتعرضون يوميا لاعتداءات المستوطنين، حيث تتعرض المساكن والمراعي لهجماتهم. وبجوار التوّانة مستوطنة “ماعون”، التي قال الربعي إنها تضم مدرسة يتدرب فيها فتية المستوطنين على “القتال، ورشق الحجارة، والقتال بالسكاكين وإطلاق النار”. ولا تبعد المستوطنة عن بيت الربعي سوى بضعة أمتار، مبينا أن منزله تعرض لاعتداءات متكررة، واعتقل جميع أبنائه عدة مرات. وتابع “يوميا، نتقدم بشكاوى للشرطة الإسرائيلية ضد المستوطنين، دون جدوى، يوفرون لهم الحماية ويعتقلون أولادنا دون سبب”. بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية تشير إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية وتشير بيانات حركة “السلام الآن” الحقوقية الإسرائيلية إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، قدّم السكان إثباتات للمحكمة الإسرائيلية، بملكيتهم للأراضي، ووجودهم فيها منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في 1967، بحسب فؤاد العمور منسق لجنة “الحماية والصمود” جنوبي الخليل. وبيّن أن من المستندات “كواشين” (أوراق ملكية) من العهدين العثماني والبريطاني في فلسطين، إلى جانب “دفاتر مديونية لتجار فلسطينيين وباعة، تشير إلى أسماء المديونين، ويعود تاريخها إلى ما قبل الاحتلال الإسرائيلي”. ورغم المسعى الإسرائيلي القانوني لطرد السكان، تمارس إسرائيل سياسات أخرى كهدم المساكن والاستيطان الرعوي في مَسافر يطّا.. وأشار إلى أن السكان يُمنعون من البناء، وتتعرض مساكنهم للهدم، في محاولة إسرائيلية لطردهم، الأمر الذي يدفعهم إلى اللجوء إلى السكن في الكهوف. وتابع “تعد الكهوف المكون الأساسي لصمود السكان”، لافتا إلى أن مستوطنين إسرائيليين مسلحين ينتشرون في الجبال، ويعتدون على الفلسطينيين، ويمنعونهم من رعي مواشيهم. ويخشى السكان بعد انقضاء مهلة المحكمة، التي يدرك الفلسطينيون أن المحكمة لن تحكم لصالحهم، أن تنفذ تل أبيب المقترح الذي رفضه السكان، وطرحته الإدارة المدنية عليهم، بإخلاء أربع قرى بشكل كامل وترحيل السكان بصورة نهائية. وأما القرى الثماني الباقية فيُخليها سكانها خمسة أيام شهريا، لصالح التدريبات العسكرية للجيش الإسرائيلي، ما يعني تشريد حوالي 1800 نسمة من السكان. وتبدأ منطقة إطلاق النار”التدريبات العسكرية الإسرائيلية” من قرية جنبا في الجنوب الغربي صعودا باتجاه بئر العِد شمالي، استمرارا بشكل محاذ لخط الهدنة، مرورا بالتجمعات البدوية في الداخل الفلسطيني عام 1948، وصولا إلى منطقة طوبا بمحاذاة مستوطنتي ماعون وكرمئيل.
مشاركة :