ملاحظات نقدية

  • 4/29/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أصبحنا في سوق «حراج» كل يسمسر على خناقة له فيها نصيب من المعلوم وغير المعلوم   كما اعتادت فضائياتنا العربية فتحت طوال شهر رمضان بازار المسلسلات والتمثيليات والبرامج واشتعلت هذه المرة منافسة بين الفنانين والفنانات «خناقات» شهدتها المنصات والمواقع في السوشال ميديا، ما أسهم في التهاب المعارك عن بُعد واستمرار «الردح» كما يقول التعبير المصري الشهير شعبيًا، وتجاوزت خناقاتهم حدود احتمال المتابعين ما ترك اثرًا سلبيًا بالغًا على مكانةٍ كانت لهم في الوجدان العربي العام عندما كانوا يمثلون فقط. ولما فتحوا نيران ألسنتهم على بعضهم البعض كانت كبواتُ كثيرٍ منهم مدوية واستثمرت المنصات على اختلاف أهدافها وغاياتها وبكل وسائلها ذلك المناخ المحموم بالغضب والحسد وتحولت المسألة إلى نميمة أو «عقرة» كما نقول في تعبيرنا الشعبي الخليجي. وللأسف ارتفعت اسهم النميمة والوقيعة والعقرة وراح قطاع عريض يتداول فيديوات تبادل فيها فنانون وفنانات نشر غسيلهم بطريقة لا تليق، حتى غدا الكل ضد الكل، ثم اصطف البعض مع البعض ضد البعض، فاختلط حابل الفنانين بنابل الفنانات في خناقات كلامية صاخبة، يُفترض انها لا تعني المشاهدين من قريبٍ أو بعيد لكنها بقدرة قادر خطفت الاضواء والاهتمام حتى من كثير من المسلسلات. ولعل الجمهور وجد فيها بديلًا ساخنًا عن المسلسلات ورتابة بعضها، ووجد فيها مادة «واقعية» فراح يتسلى بأخبار تطورات وامتدادات الخناقات التي بدا ان البعض ينفخ فيها كل لحاجة في نفسه ولغاية لا تخلو من تجارة وشطارة وبعض العيارة!! وحتى الفضائيات دخلت على خط الخناقات حتى لا تخرج من حرب الخناقات بلا غنائم، فاستضافت وتحدثت وشعللت، حتى انشغل المشاهد بأخبار الخناقات والقيل والقال والفضائح. فهل مل الجمهور العربي من رتابة المسلسلات والتمثيليات فاستهوته الخناقات واقبل عليها، إلى درجةٍ اصبحنا نشك انها خناقات حقيقية لها اسبابها ودواعيها وانما هي خناقات مفتعلة ومتفق عليها لتكون بديلًا من المسلسلات التي بارت بضاعة كثيرٍ منها، وأيضًا هي فرصة لفنانين وفناناتٍ انحسرت عنهم الاضواء والنجومية والذي منه فأرادوا العودة إلى بؤرة المسرح العام باختلاق وافتعال خناقات، وحين نجحت الخناقة الأولى انهمرت وانثالت علينا خناقات وراء خناقات وخلافات وكلمات ولقاءات وحوارات واللي ما يشتري يتفرج، واصبحنا في سوق «حراج» كل يسمسر على خناقة له فيها نصيب من المعلوم وغير المعلوم والمفهوم وغير المفهوم. ثم ابتدعت بعض الفضائيات خناقاتٍ لحسابها الخاص ومن انتاجها حين عزّت عليها الخناقات فرتبت مع بعض الفنانين والفنانات سيناريوهات لبرامج سرعان ما تشتعل فيها الخناقة بين الضيف ومقدم البرنامج وترتفع حرارة الكلام والايماءات والحركات بغية جذب وحلب عددٍ اكبر من المشاهدات لضمان الاعلانات الممول الرئيس للقناة. وهكذا وبعد ان انتهينا من خناقات الفاشينستات ابتدعوا عباقرة زمانهم خناقات الفنانين والفنانات لندخل في متاهات الكلام «اللي ما يودي ولا يجيب». نحن اذن امام ظاهرة فنية عامة سلبياتها على المجتمع وعلاقاته وسلبياتها على مجتمع الفن وعلاقاته سيئة لا سيما ان البعض خرج عن حدود ما يحتمل أو تحتمل الخناقة بين اثنين وذهب إلى مسائل شخصية وخاصة جدًا في جوٍ ومناخ يشجع هؤلاء على التمادي ليربح ويكسب دون اهتمام لما سيخسر البعض من سمعتهم ولما سيصيب العلاقات من آثار. في الختام نقول ارحمونا رحمكم الله من خناقاتكم وان كان ولا بد من ان تتخانقوا وتتعاركوا بالكلام والالفاظ والعبارات، فليكن ذلك في نطاقكم ومحيطكم ولا تعملوا جاهدين قاصدين مع سبق الاصرار إلى نشرها وتوزيعها وترويجها، فكل ما يجري لا علاقة له بالفن والفنانين والابداع الفني.

مشاركة :