الفطريات fungi كائنات حية دقيقة، خالية من صبغ اليخضور أو الكلوروفيل لذلك فإنها تعيش معيشة رمية على الكائنات الحية الميتة أو بقاياها، أو معيشة طفيلية على الكائنات الحية، أو تتكافل مع بعض الكائنات الحية في نظام لتبادل المنفعة أو تعيش معيشة افتراسية على بعض الحيوانات الأولية. الفطريات تمتلك أقوى جهاز تحليلي إنزيمي، وإفرازي حامضي، فهي تحلل الخشب، والجلود، والشعر والعظام، والأظافر والأظلاف، والوبر والثمار والأوراق والأزهار النباتية وتحطم الزجاج، وتفتت الصخور بالتعاون مع بعض الطحالب في تركيب يسمى الأشنات وحديثا تكيفت بعض الفطريات لتحلل البلاستيك والبترول. الفطريات تحول المخلفات الحيوانية والزراعية والصناعية والغذائية إلى مواد مفيدة كالأعلاف، والبروتين والدهون، والكربوهيدرات والفيتامينات، والمضادات الحيوية، والكحولات والهرمونات. والفطريات تمرض الإنسان والنبات والحيوان، والكائنات الحية الدقيقة، وتساهم بدور فاعل في خصوبة التربة وإنضاج الثمار. وهي كانسات مهمة للمخلفات الأرضية. ووضعت الفطريات في مملكة مستقلة تحتوي الأقسام، والرتب، والعائلات والأجناس والأصناف. وهي تنقسم إلى قسمين كبيرين قسم الأعفان الذي منه الفطر الأسود (الميوكر) والفطر البني الفاتح المنتج لسموم الأفلاتوكسن والقسم الثاني يشمل الفطريات الزقية (الكيسية) والبازيدية. الفطر الأسود (الميوكر) يعيش في المكيفات والبيئات الرطبة الطينية، وعلى الأنوف للإنسان والحيوان، وعلى الجلد، والشعر وفي الفم، ويسبب السل الفطري. وهو في هذه الأماكن يعيش متوازنا مع بعض أنواع البكتيريا والحيوانات الدقيقة وأي خلل في نظام الاتزان الحيوي لتلك الكائنات الدقيقة، أو ضعف في الجهاز المناعي فإن هذه الفطريات تخرج عن دورها الاتزاني وتتحول إلى كائنات انتهازية تهاجم الأغشية الأنفية والحلقية والفمية وأغشية العيون والجلد، لذلك من يصاب بمرض الإيدز يكون عرضة للغزو الفطري في الفم والحلق والقصبات الرئوية والجلد، وهذه المخاطر تزداد عند الزناة والمثليين. وحتى نأمن الغزو الفطري خاصة الأعفان التي منها الفطر الأسود علينا بالنظافة الدائمة للأيدي، والأنوف والفم والوجه، والأذرع والأرجل حتى نزيل هذه الفطريات من تلك الأماكن الحساسة ودائمة التعرض للتلوث بالفطريات الانتهازية. لذلك أمرنا الله تعالى بالوضوء عند كل صلاة حيث نغسل أكفنا أولا، ثم نستنشق الماء في أنوفنا وأفواهنا، ونغسل وجوهنا وأرجلنا في نظام تطهيري دائم لا يعطي الفرصة لنمو تلك الفطريات في أنوفنا وأفواهنا وعلى أيدينا وأذرعنا وأرجلنا. وقد قام بعض الباحثين في جامعة الإسكندرية منذ ثلاثين عاما بدراسة العلاقة بين الوضوء وبين أعداد الفطريات والبكتيريا في الفم والأنف وعلى الوجه، وجاءت النتائج توضح أهمية الوضوء في الحماية من الأعفان. والإسلام يحافظ على النظافة العامة للبدن بالاستحمام لغسل الجمعة، وغسل رفع الجنابة والغسل للعيدين، وفي الوقت الذي كانت فيه القذارة في بعض الديانات عبادة كانت النظافة في الإسلام من الإيمان واستخدام السواك من السنة. المسلمون هم الذين نشروا الحمامات العامة في إسبانيا والدول التي فتحوها، ونشروا الميضات للوضوء في المساجد. النظام الفطري الدقيق والمقدر يؤكد لا مجال للمصادفة والعشوائية في الخلق وأن كل شيء مخلوق بقدر معلوم ونظام دقيق كما قال تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى? كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) طه (50)، أي أعطى كل مخلوق صفاته المتوافقة مع وظيفته في الحياة، ثم هداه إلى ما يعينه على تحقيق وظيفته في الحياة. إن عالم الفطريات عالم دقيق ومنظم، وإن غابت الفطريات من الحياة اختلت الحياة وفسد النظام البيئي الأرضي. وللفطريات أهمية اقتصادية عظيمة حيث يمكن استغلالها في تحويل ثمار النخيل غير الصالحة للاستخدام الإنساني والحيواني نستخدمها في إنتاج الكحول الإيثيلي بعمليات تخمر ميسرة واستخدام الكحول الناتج في التطهير، والتنظيف والتعقيم، وفي التفاعلات الصناعية. كما يمكن انتاج مضادات الحيوية والهرمونات والفيتامينات باستخدام ثمار النخيل الرديئة والثمار التالفة. وتستخدم الفطريات في تحويل مخلفات الحيوان ومخلفات الحظائر في انتاج السماد العضوي البديل للأسمدة الكيماوية وإنتاج المزروعات العضوية الصحية. وتستخدم الفطريات في انتاج الدهن والبروتين من مخلفات مصانع الغذاء والأسواق والمطاعم، والمدارس والفنادق والبيوت. ويزرع عيش الغراب (المشروم) على المخلفات الحقلية، ومخلفات نباتات الأرز والذرة والقمح والشعير وتحويلها من مواد ثانوية إلى مشروم مغذ وصحي ومفيد. وتستخدم الفطريات في انتاج الغاز الحيوي من مخلفات حظائر الأبقار، والجاموس والأغنام وغيرها. وحتى نحمي أنفسنا من الغزو الفطري والحماية من الأمراض، علينا مداومة تنظيف فلتر المكيف وعدم تركه دون تنظيف حتى لا ينمو عليه فطر الأسبرجيللاس المسبب للسل الفطري. علينا التأكد من صلاحية الفستق والفول السوداني، والجوز واللوز وعدم نمو فطر الاسبرجيللاس فلافس عليه المنتج لمادة الأفلاتوكسين المسببة لسرطان الكبد. علينا التخلص من الثمار الفاسدة وعدم تركها في المطبخ وتكون جاهزة للهجوم والغزو لأي مادة غذائية صالحة لنموها في المطبخ. علينا بالنظافة الدائمة للثلاجات وخزانات تخزين المواد الغذائية والتخلص من الأشياء الفاسدة. في النهاية علينا أن نحمد الله تعالى على نعمه، وعلى ديننا المتوافق مع الحقائق العلمية والدال على الحفاظ على الكليات الخمس: (البدن، والنفس، والدين، والعقل، والحرية). انظر كتابنا الأعفان في خدمة الإنسان وكتابنا الغزو الفطري.
مشاركة :