سمعة البلاد على الرف

  • 4/30/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سمعة البلاد على الرف مسألة صغيرة يمكن تجاوزها بابتسامة غير أنها يمكن أن تفتح الباب أمام مسائل أكبر، سيكون السائح أمامها حذرا ومرتابا وخائفا من أنه سيقع ضحية في أية لحظة. ضرورة كسب ثقة السائح ثلاث دول عربية هي الأكثر جذبا للسائحين ليست لديها خطوط جوية ذات مستوى رفيع أو على الأقل مقبول. فالمشاجرات بين الركاب على متن طائراتها صارت تقليدا. أما حين يصل المرء إلى مطارات تلك الدول يكتشف أنها ليست أفضل من الطائرات. استقبال سيء لزيارة يحلم أن يقضي السائح من خلالها أيام إجازته براحة واطمئنان وفضول معرفي. أما ما هو أسوأ فإنه يكمن في ما يتعرض له السائح من عمليات غش واحتيال، حتى الصغيرة منها فإنها تؤثر سلبا على طريقة السائح في النظر إلى الشعب. ذكريات سيئة يحملها معه إلى جانب ذكرياته المبهجة وهو يتعرف على حضارات عظيمة وسبل عيش تعطي صورة رائعة عن الإبداع في أعظم تجلياته. المؤلم فعلا أن يواجه السائح لحظات خشنة أخلاقيا تشوش عليه شعوره بالاطمئنان وهو ما يسيء إلى سمعة البلد سياحيا. فإذا كانت الجماعات الإرهابية قد عملت على إفساد السياحة من أجل أن تدمير الوضع الاقتصادي وإزعاج النظام السياسي، ترى لماذا يعمل المواطنون العاديون على ذلك وهم المستفيدون من السياحة؟ هناك ملايين من البشر يعيشون على السياحة في تلك الدول. بالنسبة إلى البعض فإن كون المرء سائحا يعني جيبا مثقوبا ومالا سائبا. ذلك ليس صحيحا. فحتى الأثرياء من السائحين يشعرون بالأسى حين يتعرضون لعمليات نصب صغيرة. يفضلون لو أن سارقهم طلب المال بدلا من أن يغتصبه. في القاهرة اشتريت نوعا رخيصا وصغيرا ومحليا من العلكة من أحد الباعة فإذا به يطلب خمسين جنيها ثمنا له من غير أن يرف له جفن. أشفقت على البائع وعلى نفسي ولكني أشفقت أكثر على مصر بسبب تلك الإساءة التي سيحملها السائح الغريب معه بعد أن يشتري النوع نفسه من العلكة بخمسة جنيهات. مسألة صغيرة يمكن تجاوزها بابتسامة غير أنها يمكن أن تفتح الباب أمام مسائل أكبر، سيكون السائح أمامها حذرا ومرتابا وخائفا من أنه سيقع ضحية في أية لحظة. سيقود كل ذلك إلى شعور بالإحباط يرافق السائح طوال أيام إجازته ويقلل من شعوره بالمتعة وهو ما ينتج عنه ظهور الكثير من الأفلام على مواقع الاتصال الاجتماعي تحت عنوان واحد “لا تزوروا البلد الفلاني”. تلك الأفلام لا تكشف عن حقائق كبيرة بل هي تصور وقائع صغيرة كانت سببا لشعور منتجيها بأن كل الأسباب التي دعتهم إلى زيارة ذلك البلد قد تراجعت بسبب تعرضهم لعمليات خداع مستمر “من المطار وإليه” كما يقول أحدهم. هناك مَن يعتبر السياحة فرصة للنهب وهو ما لا يمكن للدولة بأرقى ما تملك من وسائل دعاية أن تمحو أثره السيء. ما ضر تلك الدول لو أنها تبذل جهدا من أجل توعية مواطنيها بضرورة كسب ثقة السائح بدلا من تشويه سمعتهم وسمعة البلد. فاروق يوسف كاتب عراقي

مشاركة :