تشهد الأسواق الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية عزوفا ملموسا من جانب الزبائن عن الشراء وذلك قبيل أيام من عيد الفطر على عكس ما كان متوقعا. وبدت الأسواق العامة "هادئة" نوعا ما هذا العام، فيما ركزت غالبية الزبائن على شراء الاحتياجات الضرورية فقط، في حين توجه آخرون لإصلاح ملابس أولادهم القديمة لارتدائها في أيام العيد بسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية. ومن المتوقع أن يبدأ عيد الفطر يوم الاثنين المقبل، وذلك بعد 30 يوما من صيام شهر رمضان بحسب المؤشرات الفلكية. ورغم ذلك بدت المحلات التجارية المنتشرة في شارع عمر المختار الرئيسي بمدينة غزة "خاوية" من الزبائن، وسط تخوف التجار من تكبد خسائر فادحة مع نهاية الموسم. ويشتكي محمد دحلان بينما انتهى للتو من بيع قميص لأحد الزبائن داخل محله التجاري بعد جدال طويل على ثمنه، من عدم استطاعته على بيع نصف بضاعته التي استوردها من الخارج في موسم العيد الحالي. ويقول دحلان (29 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما كان يجري ترتيبات داخل محله لبيع البضائع الرجالي إن الزبائن تأتي إلى المحل وتعاين الملابس ولكن لا تشتري شيئا (...) هم يريدوننا أن نبيع بثمن أقل في حين أننا نستورد البضائع بسعر أغلى من السابق". وكان دحلان يأمل تعويض خسائره التي تكبدها على مدار الأشهر الماضية بفعل قلة الحركة الشرائية من خلال بيع البضائع في موسم العيد الحالي إلا أن ذلك لم يحدث لتكدس أصناف عديدة لديه من الملابس. ويرى دحلان أن أسباب عزوف الزبائن عن شراء احتياجات العيد هو تأخر صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية للأسر المتعففة، بالإضافة إلى تأخر رواتب موظفي السلطة الفلسطينية. ويعيش نحو 83 % من سكان القطاع الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة تحت خط الفقر فيما يبلغ معدل الدخل اليومي للفرد دولارين، وذلك بحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، وهو ما يعد الأسوأ عالميا. ويقول مسؤولون في غرفة تجارة وصناعة غزة إن "العوز والفقر ينتشران بشكل قياسي في صفوف السكان ما يجعل الركود يضرب أسواق قطاع غزة خصوصا مع حلول مواسم ومناسبات تتضاعف فيها المصاريف". من جهته يقضى محمود سعد الله (32 عاما) وقته داخل الأسواق لكن دون شراء أي شيء من المحلات سواء ملابس العيد أو حتى الحلويات الخاصة به، كونه لا يمتلك المال لذلك. ويقول سعد الله لـ ((شينخوا)) إن سكان القطاع يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة والأمور تزداد سوءا مع مرور الأيام دون وجود أي خطط إستراتيجية لإنقاذ السكان من الفقر المدقع. وإلى جانب ذلك يشكو سعد الله من وجود ارتفاع ملحوظ في أسعار البضائع المستوردة من الخارج أو المصنعة محليا، مشيرا إلى أن غالبية العائلات المستورة لن تتمكن من الشراء إلا الاحتياجات الضرورية. وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه في عام 2007، وبجانب ذلك شنت إسرائيل أربع عمليات عسكرية واسعة النطاق ضده. وأدت السنوات المتتالية للحصار إلى أن تصبح نسبة البطالة في أوساط سكان غزة من بين الأعلى في العالم بحسب عدة تقارير للبنك الدولي. ولا يختلف الحال كثيرا في الضفة الغربية، حيث تشهد الأسواق العامة ركودا ملحوظا بسبب عزوف الزبائن عنها، وسط شكاوى السكان من غلاء باهظ في الأسعار. وتقول ريم حسن، من رام الله، لـ ((شينخوا)) إنه نتيجة تأخر الرواتب السلطة الفلسطينية "لم نتمكن من شراء احتياجاتنا للاحتفال في العيد"، مشيرة إلى أنها اضطرت أن تشتري ملابس رخيصة الثمن لإدخال الفرحة على أطفالها. وأعربت ريم (29 عاما) وهي أم لثلاثة أبناء عن أسفها لعدم "تجهيز الحكومة الفلسطينية خطة طوارئ لصرف رواتب الموظفين مسبقا كي تمكن السكان من الذهاب إلى الأسواق". من جهته اشتكى محمد بويطل، بائع متجول في رام الله، من عدم تمكنه من بيع بضاعته في الوقت الذي لم يتبق على العيد سوى يومين فقط بسبب الحركة التجارية الضعيفة نتيجة سوء الوضع الاقتصادي. ويقول بويطل لـ ((شينخوا)) إن الأسواق في الأعوام السابقة كانت تشهد اكتظاظا كبيرا من قبل الناس وإقبالا على الشراء، لكن اليوم الشارع شبه خال من الزبائن، معربا عن أمله أن تتحسن الأوضاع في موسم العيد المقبل.
مشاركة :