اللبنانيون لا يعقدون أيّ آمال على الانتخابات القادمة

  • 4/30/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فقد اللبنانيون ثقتهم في الطبقة السياسية، فعزفوا عن الإنصات إلى المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة، بينما ازداد تعصّب بعضهم وتمسكهم بدعم الأحزاب الحالية التي تتنصل من كل الكوارث الحاصلة في البلاد وتقدم نفسها في صورة المنقذ من الهلاك المحتوم. وترشحت المستقلة هانيا الزعتري للبرلمان للمرة الأولى. وتجوّلت في الأزقة المتعرّجة في السوق القديم في مدينة صيدا الساحلية لتخبر العمال والتجار الفقراء أن معالجة الأزمة الاقتصادية المدمرة في لبنان هي على رأس أولوياتها. وقالت لأحمد أبوظهر البالغ من العمر 70 عاما، وهو أحد النجارَين اللذين بقيا في الشارع الذي زارته "يجب أن تأخذ الخطة الاقتصادية بعين الاعتبار الأشخاص المهمشين مثلك وتمنحهم فرصة للحياة من جديد". كانت هذه المهندسة المرشحة مدفوعة بالثقة والأمل. لكن حماسها قوبل بتجاهل ونفور يعكسان مخاوف واسعة النطاق من أن التصويت في منتصف مايو لن يؤدي إلا إلى إدامة الوضع الراهن القاتم. ومع تدهور لبنان المتواصل لأكثر من عامين، يجب أن يكون التصويت حاسما لمستقبل الطبقة الحاكمة في البلاد. حيث دفعت قبضتها على السلطة التي استمرت لعقود لبنان إلى الخراب. كارمن جها: أشعر بالخيبة وهذه الفرصة الأخيرة قبل الهجرة من لبنان وتعدّ انتخابات مجلس النواب في الخامس عشر مايو الأولى منذ بدء الانهيار الاقتصادي في لبنان في أواخر سنة 2019. ولم تفعل الفصائل الحكومية شيئا تقريبا لمعالجة الانهيار، تاركة اللبنانيين يكافحون بأنفسهم وهم يغرقون في الفقر، دون كهرباء أو دواء أو أي مظهر آخر للحياة الطبيعية. وتعد هذه أيضا أول انتخابات منذ الرابع من أغسطس 2020 تاريخ الانفجار الكارثي في ​​ميناء بيروت الذي أودى بحياة أكثر من 215 شخصا ودمّر أجزاء كبيرة من المدينة. ويُذكر أن الدمار أثار موجة غضب واسعة النطاق من الفساد المستشري وسوء الإدارة في الأحزاب التقليدية. وظهر جيل جديد من نشطاء المعارضة السياسية مثل الزعتري بعد موجات حاشدة من الاحتجاجات التاريخية التي اندلعت في أكتوبر 2019 وأسقط خلالها اللبنانيون هوياتهم الطائفية مؤقتا وهتفوا في صوت موحّد لإسقاط النخبة الحاكمة. ويحاول النشطاء بناء تلك المشاركة السياسية والوعي في لبنان لإحداث التغيير. ومع ذلك، تنقسم جماعات المعارضة المعلنة عن نفسها على أسس أيديولوجية في كل قضية تقريبا، بما في ذلك كيفية إنعاش الاقتصاد. ونجد نتيجة لذلك ما لا يقل عن ثلاث قوائم معارضة مختلفة في المتوسط ​​في كل دائرة من 15 دائرة انتخابية بزيادة قدرها 20 في المئة عن انتخابات 2018. وتتنافس 103 قوائم تضم 1044 مرشحا على الهيئة التشريعية المكونة من 128 مقعدا، والتي تنقسم بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين. ويخشى الكثيرون النتيجة المرتقبة، حيث أثبت أبرز السياسيين في لبنان، وكثير منهم أمراء حرب وزعماء ميليشيات من أيام الحرب الأهلية (1975 - 1990) أنهم يتمتعون بقدر كبير من المرونة. وهم يحتفظون بمقاعدهم من انتخابات إلى أخرى ويمكن أن يضمنوا الإفلات من العقاب، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى نظام تقاسم السلطة الطائفي وقانون الانتخابات البالي الذي يضمن مقاعدهم في البرلمان. ويمكن لأحزابهم حشد الأتباع الذين يظلون موالين بشدة لأسباب طائفية أو أيديولوجية على الرغم من الغضب من حالة البلاد، حيث جعلت الأزمة الاقتصادية الشعب أكثر اعتمادا على المحسوبية والأموال التي توزعها الأحزاب. بول نجار: انتخاب المتهمين في الانفجار إهانة مباشرة للضحايا وللبلاد ويعتبر الكثيرون أن الانتخابات عملية غير مجدية، وقالت كارمن جها، الأستاذة المشاركة في الدراسات السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت "أشعر بخيبة أمل شديدة. ولأكون صريحة، هذه هي الفرصة الأخيرة قبل الهجرة من لبنان". وكانت جها تنتقل إلى إسبانيا في الصيف حيث لم تعد تشعر بالأمان في البلاد. وأضافت “من غير المقبول أن يضيعوا الزخم الذي كان في الشوارع والمآسي التي يعاني منها الناس". وفي الفترة التي سبقت التصويت، زُيّنت الشوارع بلوحات إعلانية ضخمة وملصقات لمرشحين بوعود غير محتملة بالتغيير. وكانت هذه علامة متناقضة على الأموال التي تُنفق على الحملات بينما يستمر انهيار العملة مع تفاقم التضخم والفقر والجوع.يُذكر أنه في العامين الماضيين غادر أكثر من 250 ألف شخص البلاد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 7 ملايين نسمة. وحاولت أبرز الفصائل استغلال الغضب من انفجار الميناء لتحقيق مكاسب في الانتخابات، بدعوى أنها تدعم الإصلاح. ونشر حزب القوات اللبنانية المسيحية رسائل أصر فيها على أنه ضغط من أجل رقابة أفضل في الميناء قبل الانفجار الذي نتج عن مئات من الأطنان من نترات الأمونيوم المخزنة عشوائيا في مستودع بالميناء. وقد اتحدت الطبقة الحاكمة لمنع التحقيق في الانفجار. ومع ذلك، فإن جماعة حزب الله التي تهيمن على المشهد السياسي والحكومة تروج في حملتها بأنها تريد إجراء تحقيق. وفي تحد صارخ ترشّح وزيران سابقان مطلوبان للتحقيق في إهمال جنائي في ما يتعلق بتفجير الميناء. وينتمي الاثنان علي حسن خليل وغازي زعيتر إلى حركة أمل الشيعية المتحالفة مع حزب الله. وقال بول نجار، والد أصغر ضحايا الانفجار البالغة من العمر ثلاث سنوات "إذا تم انتخابهما مرة أخرى، فسأجد في ذلك إهانة مباشرة لكل البلاد وجميع ضحايا الانفجار ولكل إنسان عادي بقي في هذا البلد". وتابع النجار، وهو مدير جماعة الدعوة السياسية التي تشكّلت حديثا "كلنا إرادة" أن الانتخابات كانت فرصة تاريخية، لكنه أعرب عن إحباطه من فشل المعارضة في التوحد. وصرّح "ليست لدينا رفاهية التفكير في اليمين واليسار والوسط والاشتراكية أو الليبرالية، نحن في حالة صراع من أجل البقاء. إما أن ننجو أو نغادر". عماد سلامة: تمويل القوائم المستقلة يمنحها فرصة تغيير الواقع وفي مدينة جونيه الشمالية، قال المرشح جاد غصن الصحافي الذي قرر مؤخرا الترشح للانتخابات ضمن قائمة "مواطنون ومواطنات في دولة" اليسارية، إن الانقسامات كانت واضحة منذ البداية. وأضاف "نجد 300 مجموعة سياسية تدعي أنها من المعارضة والثورة، وليس لدينا أي هيكل لإجراء نقاش أو محاولة التنسيق بين كل هذه الجماعات المعارضة". ويخوض غصن الانتخابات في دائرة المتن الشمالي مع أصغر مرشحة فيرينا العميل البالغة من العمر 25 عاما. وخارج مقهى ستاربكس اقتربت العميل من رجل قال إنه يصوت للقوات اللبنانية، أحد الأحزاب المسيحية التقليدية الرئيسية. وذكر أنه منفتح على التغيير، لكنه لم يسمع عن العديد من الأحزاب الأخرى. واحتشدت مجموعة من المراهقين للترويج لحزب مسيحي آخر أسسه الرئيس ميشال عون المتحالف سياسيا مع حزب الله. وكان علامة قوية على سيطرة الأحزاب السائدة على الناخبين. وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية - الأميركية عماد سلامة إن القوائم المستقلة الجديدة "غير طائفية، مما يجعلها تفتقر إلى الدعم المجتمعي، وهو الخطاب السائد في السياسة اللبنانية. فلو تموّلت الجماعات بشكل جيد، أو دعمتها قوى أجنبية مثل الأحزاب التقليدية، لكان من الممكن أن يكون أمامها فرصة أفضل".

مشاركة :