باريس - أعلن الإليزيه السبت، بعد اتصال بين الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن فرنسا سترسل مزيدًا من المعدات العسكرية والمساعدات الإنسانية لأوكرانيا فيما اعلنت بريطانيا بدورها عن مزيد تسليح القوات الاوكرانية لمواجهة الغزو الروسي. وفيما أعرب الرئيس الأوكراني عن شكره لماكرون على "شحنات المعدات العسكرية النوعية التي تسهم في المقاومة الأوكرانية"، أشار الرئيس الفرنسي "إلى استمرار زيادة الدعم، وكذلك المساعدات الإنسانية التي تقدمها فرنسا". وأكد في بيان "تمديد مهمة الخبراء الفرنسيين المساهمين في جمع الادلة لمحاربة الافلات من العقاب وتسهيل عمل القضاء الدولي المتعلق بالجرائم المرتكبة في اطار العدوان الروسي". من جانبهه قال متحدث من مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن جونسون أبلغ الرئيس الأوكراني، في اتصال بين الزعيمين، اليوم السبت بأنه ملتزم أكثر من أي وقت مضى بدعم أوكرانيا. وأضاف المتحدث أن جونسون "أكد أن بريطانيا ستواصل تقديم مساعدات عسكرية إضافية لمنح الأوكرانيين العتاد الذي يحتاجون إليه للدفاع عنم أنفسهم". وتابع أن جونسون عرض أيضا مواصلة الدعم البريطاني في المجالين الاقتصادي والإنساني. وزودت الولايات المتحدة وفرنسا وجمهورية التشيك وحلفاء آخرون كييف بمئات القطع المدفعية البعيدة المدى للمساعدة في التصدي للهجوم الروسي على دونباس. وترسل باريس من جانبها بنادق قيصر الذاتية الحركة والفائقة الحداثة. وأكد الإليزيه السبت أن المساعدات الإنسانية الفرنسية لأوكرانيا تمثل في هذه المرحلة "أكثر من 615 طنا من المعدات المرسلة، بينها المعدات الطبية، ومولدات الكهرباء للمستشفيات، والمساعدات الغذائية، والسكن، وسيارات الطوارئ". وشدد ماكرون على "رغبته في العمل بنشاط خلال فترة ولايته الثانية لاستعادة سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، مع الحفاظ دائماً على تنسيق وثيق مع الشركاء والحلفاء الأوروبيين". كما أشار إلى "استعداد فرنسا للمساهمة في اتفاق يوفر ضمانات أمنية لأوكرانيا". وأبلغ ماكرون الى زيلينسكي "قلقه" بعد القصف الروسي على كييف الخميس، وكذلك في شأن "الوضع الذي لا يحتمل في ماريوبول، رغم مناشداته المتكررة للرئيس الروسي لاحترام القانون الإنساني الدولي". وتواصل القوات الروسية السبت ضغوطها على المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا خصوصا حول خاركيف (شمال شرق) حيث تحاول تعزيز سيطرتها بأي ثمن رغم انتكاسات ميدانية تحدثت عنها كييف. فقد سمع دوي انفجارات عنيفة ليل الجمعة السبت في خاركيف، ثاني أكبر مدينة في البلاد تقصفها المدفعية الروسية منذ أسابيع. وأدت عمليات القصف هذه الجمعة إلى مقتل شخص واحد على الأقل وجرح آخرين حسب الإدارة العسكرية لمنطقة خاركيف. واعترف زيلينسكي بأن الوضع "صعب" في هذه المنطقة الشمالية الشرقية حيث أعادت القوات الروسية تركيز هجومها. لكنه أضاف أن "جيشنا يحقق نجاحات تكتيكية". في الوقت نفسه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلة مع وكالة أنباء الصين الجديدة نشرت السبت، أن "العملية العسكرية الخاصة التي بدأت في 24 شباط/فبراير تسير وفق الخطة بدقة". وأضاف الوزير الروسي "ستتحقق كل أهداف العملية العسكرية الخاصة على الرغم من العرقلة من جانب خصومنا"، داعيا حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة إلى الكف عن مد كييف بالأسلحة إذا كانا "مهتمين فعلا بحل الأزمة الأوكرانية". من جهة ثانية، قال ألكسندر بوغوماز حاكم منطقة بريانسك الروسية الواقعة في شمال أوكرانيا إن "أنظمة الدفاع الجوي الروسية رصدت طائرة للقوات المسلحة الأوكرانية" السبت عند الساعة 06,50 بالتوقيت المحلي. وأوضح على تلغرام "أثناء تنفيذ الإجراءات التي تهدف إلى منع الجسم من دخول الأراضي (الروسية)، سقطت قذيفتان على بلدة جيتشا في مقاطعة ستارودوبسكي" في منطقة بريانسك أيضا، من دون أن تسفر عن إصابات لكنّ مباني في محطة نفطية تضررت من موجة الصدمة. وتعززت المساعدات العسكرية للحكومة الأوكرانية بشكل واضح منذ بداية النزاع. ويرى مراقبون ان آثار الدعم الغربي والفرنسي ذلك تظهر على الأرض حيث تواجه القوات الروسية صعوبات في بعض الأحيان. وهذا ما ينطبق على روسكا لوزوفا وهي قرية تقع في شمال خاركيف سيطر عليها الأوكرانيون بعدما كان الروس يقصفون المدينة انطلاقا منها. وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية إنه تم تحرير القرية بعد قتال عنيف وتم إجلاء أكثر من 600 من سكانها. مثل الجحيم وروت ناتاليا (28 عاما) التي تم اجلاؤها لوكالة فرانس برس "عشنا شهرين في خوف رهيب. الخوف فقط، لا راحة". وقالت زفيتلانا بيريبيليتسا (23 عاما) لوكالة فرانس برس "أمضينا ليلتين مخيفتين مثل الجحيم". وأضافت "في الليلة قبل الأخيرة كنا نعتقد أن السماء تحترق والقرية كلها تحترق". من جهته، أكد سفياتوسلاف (40 عاما) الذي احمرت عيناه من التعب، رافضا ذكر اسم عائلته "بقينا في الطوابق السفلية من دون غذاء لمدة شهرين وأكلنا ما توفر لدينا". من جانبه، قال أولكسندر سكاتشكو (47 عاما) وهو من سكان سلاتيني القريبة من روسكا لوزوفا التي أعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها أيضا، إن 15 شخصا من القرية قتلوا وأضاف "بغض النظر عما يُقال، وبغض النظر عما يقوله بوتين، فإن شعبنا يموت هنا". إلى الجنوب والشرق في منطقة دونباس التي يريد الكرملين السيطرة عليها بالكامل، أكد زيلينسكي أن "القصف المستمر على البنية التحتية والمناطق المأهولة يظهر ان روسيا تريد تجريد هذه المنطقة من سكانها". وقالت هيئة الأركان العامة للقوات الأوكرانية السبت إنه تم صد 14 هجوما شنتها القوات الروسية في منطقتي دونيتسك ولوغانسك خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. لكن واشنطن ترى أن الهجوم الروسي متأخر. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن القوات الروسية "بعيدة كل البعد عن تحقيق اتصال" بين القوات التي تدخل منطقة خاركيف في شمال دونباس بتلك القادمة من جنوب البلاد. ويسعى الجيش الروسي إلى وضع القوات الأوكرانية المنتشرة على خط المواجهة حول المناطق الانفصالية في دونيتسك ولوغانسك، بين طرفي كماشة. وأضاف المسؤول الأميركي "نعتقد انهم يواصلون تهيئة الظروف لهجوم مستمر أوسع وأطول". ولتأكيد تصميمها، اعلنت القوات الروسية بشكل واضح الجمعة أنها قصفت العاصمة كييف في اليوم السابق، عندما كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزورها. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن "القوات الروسية دمرت بأسلحة بعيدة المدى وعالية الدقة ورش شركة الفضاء أرتيوم" في كييف. وأدى هذا القصف إلى سقوط عشرة جرحى. إذلال وحشي من جهته، عبر زيلينسكي في خطاب بالفيديو مساء الجمعة عن أسفه "لأن مثل هذا الإذلال الوحشي والمتعمد للأمم المتحدة لم يتم الرد عليه". أما واشنطن فقد اتهمت الرئيس الروسي الجمعة بـ "الفساد" و"الوحشية" في الطريقة التي تتصرف بها القوات الروسية في أوكرانيا. وزار الأمين العام للأمم المتحدة الخميس بوتشا ومواقع أخرى بالقرب من كييف قالت أوكرانيا إن القوات الروسية ارتكبت انتهاكات فيها. وقد دعا موسكو إلى "التعاون" مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب محتملة. والسبت، عثر في حفرة قرب بوتشا على جثث ثلاثة رجال تعرضوا للتعذيب وقتلوا بالرصاص، أيديهم موثقة وأعينهم معصوبة، كما قالت شرطة كييف السبت. وأوضح أندريه نيبيتوف قائد شرطة كييف في بيان "تعرض الضحايا للتعذيب لفترة طويلة... وفي نهاية المطاف أصيب كل منهم برصاصة في الرأس" مضيفا أنه تم توثيق أيديهم وتعصيب عيونهم وبعضهم كممت أفواههم. من جهة أخرى، كشف مكتب النائبة العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا أن عشرة جنود روس اتهموا بارتكاب جرائم حرب مفترضة في بوتشا. وهو أول إجراء من نوعه منذ عثرت وكالة فرانس برس على جثث عشرين شخصا يرتدون ملابس مدنية في الثاني من نيسان/أبريل في أحد شوارع هذه المنطقة، ما أثار إدانات في جميع أنحاء العالم. وحمل الأوكرانيون الروس مسؤولية ذلك لكن موسكو نفت أي تورط لها وتحدثت عن "فبركة" أوكرانية. وقالت النائبة العامة إنه تم تحديد "أكثر من ثمانية آلاف حالة" لجرائم حرب مفترضة في أوكرانيا. في ماريوبول المدينة الساحلية الواقعة في جنوب أوكرانيا، كان من المقرر إجراء عملية إجلاء لسكان الجمعة. لكن دينيس بوشيلين رئيس منطقة دونيتسك الانفصالية، اتهم القوات الأوكرانية "بالتصرف كإرهابيين" واحتجاز مدنيين رهائن في مجمع آزوفستال للصلب. ويتحصن مئات من الجنود والمدنيين الأوكرانيين في أنفاق تحت الأرض في مجمع آزوفستال الهائل للصناعات المعدنية. وسمع صحافيون دوي قصف عنيف في آزوفستال من صباح الجمعة حتى منتصف بعد الظهر، وذلك خلال رحلة لإعلاميين إلى ماريوبول نظمها الجيش الروسي. دبلوماسيا وبينما دعي الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني إلى قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في تشرين الثاني/نوفمبر في إندونيسيا، قالت الولايات المتحدة إنها ترفض التعامل مع فلاديمير بوتين "وكأن شيئًا لم يحدث".
مشاركة :