تداولت وسائل إعلام سورية معارضة أنباء عن تسوية بين تنظيم داعش بريف دمشق الجنوبي والنظام، واستعداد التنظيم (داعش) للانسحاب من مخيم اليرموك المحاصر باتجاه الرقة شمال شرقي البلاد. وأكد مطلعون قريبون من المنطقة أن طرح الموضوع هذه المرة جدي أكثر من المرات السابقة، وأن الانسحاب قد بدأ فعلا، فجر أمس، من قبل الجرحى. مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات في التنظيم المتطرف تحاول منذ أكثر من سبعة أشهر الإعداد لتسوية تقضي بتأمين طريق خروج لهم من ريف دمشق الجنوبي عبر وساطة أممية، ولم تثمر المساعي عن شيء يذكر، كما لم يسبق أن تمت تسوية كهذه بين تنظيم داعش وقوات النظام. ونقلت مواقع سورية تصريحات مسؤول «أكناف بيت المقدس» ويدعى «أبو أحمد مشير»، التي تفيد بأن عناصر تنظيم داعش يحضرون للخروج من مخيم اليرموك، وقد بدأوا ببيع حاجاتهم وتسجيل أسماء العسكريين والمدنيين الراغبين في الالتحاق بهم. مع توارد أنباء عن تضمين الاتفاق خروج التنظيم ومن بايعه من جنوب دمشق إلى الرقة بسلاحه الخفيف. ولفتت تصريحات المسؤول إلى أن الاتفاقية «جرت قبل ثلاثة أشهر، لكنها تأخرت بسبب خلافات حول تسليم السلاح الثقيل». وقال إن «العدد المتوقع مغادرته قد يصل إلى 3500 مدنيًا وعسكريًا». وسيبدأ تنفيذ الاتفاق الأسبوع المقبل بإخراج الجرحى. واتهم مسؤول «أكناف بيت المقدس» تنظيم داعش بنيته تسليم المخيم لقوات النظام، إلا أنه أكد استعداد الفصائل المسلحة لدخول المخيم فور خروج عناصر التنظيم منه. ويوجد تنظيم داعش في جنوب العاصمة دمشق، في حيي العسالي والتضامن، ويتخذ من حي الحجر الأسود مقرا له، كما يوجد في مخيم اليرموك الفلسطيني الملاصق لحي الحجر الأسود، حيث تتمركز «جبهة النصرة» وعدة فصائل مقاتلة أخرى مثل «أكناف بيت المقدس» و«الجيش الحر». وبينما يختلف تنظيم داعش مع «جبهة النصرة» في غالبية المناطق السورية، ينسجمان ويتوافقان في جنوب دمشق، وقد ظهر ذلك لدى اقتحام تنظيم داعش مخيم اليرموك في أبريل (نيسان) الماضي بتسهيل من «جبهة النصرة». كما تلتبس العلاقة بين تنظيم داعش وقوات النظام وتحاط بكثير من الغموض، لا سيما بعد زيارة وفد فلسطيني لدمشق منتصف العام الحالي وبذل المساعي لتحييد المخيم عن الصراع الدائر. ونقل ناشطو «تجمع ربيع ثورة» الذي يضم ناشطين من دمشق وريفها، عن مصادر مقربة من التنظيم في معقله الرئيسي بالحجر الأسود، أن «التنظيم بدأ يوم الجمعة الماضي بالاستعداد للانسحاب وتسجيل أسماء المدنيين الراغبين بالخروج». وذكر ناشطون أن «شرط (داعش) لمن يريد الانسحاب معه هو أن يبايع التنظيم». ومن بين الفصائل الموافقة على الانسحاب «لواء العز بن عبد السلام» الموجود في حي التضامن وتتهمه بعض الفصائل العسكرية بمبايعة التنظيم بشكل سري. وكان تنظيم داعش قد هاجم في الشهرين الماضيين الفصائل العسكرية الموجودة في بلدة يلدا على محوري حي الزين، الفاصل بين الحجر الأسود - يلدا وشارع دعبول الواقع على أطراف بلدة يلدا من جهة حي التضامن، وأدى الهجوم إلى توسع سيطرة التنظيم على المحورين ووقوع خسائر كثيرة عند الطرفين. وبحسب الناشطين في تلك المناطق، يأمل المدنيون أن تكون الأنباء عن انسحاب «داعش» صحيحة لما سببه وجوده من قلق ورعب ومآس للمحاصرين من المدنيين، الذين كانوا دائما وقودا لعمليات الاختطاف من قبل التنظيم بهدف المساومة والضغط على الفصائل الأخرى، والتي استدعت سلوكا مضادا مماثلا من تلك الفصائل سبيلا وحيدا لإطلاق سراح من يحتجزهم «داعش» رهائن، حتى أصبحت قضايا الاختطاف جزءا من الحياة اليومية للسكان المحاصرين في بلدات الريف الجنوبي الدمشقي، الذي تحول منذ ظهور «داعش» فيه إلى كانتونات متناحرة يتزعمها أمراء حرب وتجار أزمات، لكن المستهدف فيها السياسيون المعتدلون والمدنيون ونشطاء الإغاثة والإعلام. يأتي ذلك في الوقت الذي أبدى فيه مسؤول فلسطيني في منظمة التحرير في لندن، قلقه لـ«الشرق الأوسط»، على مجموعة من الناشطين في مجال الإغاثة داخل المخيم بقوا لمساعدة من بقي في اليرموك ولم يتمكن من النزوح. وأضاف المسؤول: «هؤلاء الناشطون مطلوبون للنظام السوري، ونخشى على حياتهم إن تم اعتقالهم من قبل أطراف أمنية». من جهته، قال القيادي الفلسطيني أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومسؤول الملف السوري في السلطة الفلسطينية، إن مشكلة مخيم اليرموك لن تنتهي في حال خرج «داعش» منه كما هو متوقع الأسبوع المقبل، بسبب وجود أطراف أخرى من المعارضة ستبقى هناك، وصفها بـ«فروع (داعش)». وقال مجدلاني لـ«الشرق الأوسط»: «هناك معلومات ومتابعات واتصالات على أعلى مستوى في هذا الشأن، لكن لا يمكن القول إن الأمر نهائي حتى يتم الانسحاب فعلا». وتابع بقوله: «خروج (داعش) من اليرموك إذا ما تم فعلا، فإنه لن ينهي أزمة المخيم الكبيرة». وقال مبعوث الرئيس الفلسطيني إلى سوريا: «يوجد في المخيم أطراف أخرى معارضة، صحيح أن (داعش) بتنظيمه السوري يمكن أن يخرج، لكنهم يبقون لنا هناك فرعهم الفلسطيني.. (أنصار السنة)». ونفى مجدلاني صحة تقارير حول نية النظام السوري أو قوات تابعة لمنظمة التحرير تسلم المخيم بعد خروج «داعش» منه. وقال إن هذا الأمر سيكون محل نقاش في زيارته المرتقبة إلى سوريا الاثنين المقبل، مضيفا: «نحن قدمنا مبادرة حول الخروج من الأزمة بتسلم قوات المنظمة أو القوات السورية المخيم، أو القوتين معا، وسأناقش ذلك مرة ثانية الأسبوع المقبل مع المسؤولين والأطراف الأخرى».
مشاركة :