تمثل بلدة الطفيل اللبنانية الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، حالة فريدة بين القرى والبلدات اللبنانية التي ستستضيف مقترعين في الانتخابات النيابية المقبلة، بالنظر إلى أن مراكز اقتراع البلدة، ستنقل إلى قرية أخرى بسبب التوتر بين سكانها ومسلحين ينتقلون من الأراضي السورية إليها. وتقع البلدة في إحدى قمم سلسلة جبال لبنان الشرقية في القلمون على الحدود السورية. ولم يكن هناك طريق إليها إلى الداخل اللبناني، إلا عبر الأراضي السورية. وتتغذى البلدة من الكهرباء السورية، وكان سكانها يتلقون التعليم والعلاج في المدارس والمستشفيات السورية. في العام 2018 وبعد خروج المجموعات المتطرفة منها، أعيد تأهيل طرقات إليها، قبل أن يدخل عامل آخر على وضع البلدة التي يسكنها أكثر من ألف شخص، إذ باتت عُرضة لهجمات مسلحة من الجانب السوري على خلفية نزاع عقاري بين شركة اشترت قسماً منها، وسكان يشغلون الأراضي الزراعية. ولطالما امتاز الاقتراع في البلدة بالمشقة والصعوبة. ففي الانتخابات التي سبقت العام 2018 كانت القوى الأمنية اللبنانية وعناصر الجيش تتولى نقل صناديق الاقتراع ورؤساء الأقلام ولوازم العملية الانتخابية والموظفين بثلاث طائرات مروحية تابعة للقوات الجوية اللبنانية. وكانت تلك المروحيات تتحرك صباحا قبل فتح أقلام الاقتراع لتعود بعد إقفالها إلى مطار رياق العسكري في البقاع، ومنها تنقل النتائج والموظفين والصناديق إلى قصر العدل في بعلبك لتتم بعدها عمليات فرز الأصوات وإصدار النتائج. في العام 2018، طلب أهالي البلدة من وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق نقل صناديق اقتراع الطفيل إلى بلدة معربون، وأحضر الناخبون من الأراضي السورية من بلدة عسال الورد شمال الطفيل، بواسطة حافلات للنقل قبل انتقال صناديق الاقتراع إلى معربون للاقتراع، وذلك نتيجة الأوضاع الأمنية. واليوم، يناشد أهالي بلدة الطفيل وزير الداخلية بسام مولوي إبقاء أقلام البلدة في بلدة معربون، تلافيا للاحتكاك والتأثير على الناخبين بسبب نزاع دفع معظم الناخبين للإقامة في بلدات في العمق اللبناني مثل سعد نايل وطرابلس وغيرهما، ما ينبئ بنسبة تصويت خجولة تقل عن سابقاتها نتيجة تكاليف بدل الانتقال إلى بلدة معربون التي تبعد 35 كيلومترا عن بعلبك و55 عن سعد نايل. وتبدو نسبة التصويت هاجساً للسكان. ففي انتخابات العام 2018، وبعد نقل صناديق الاقتراع إلى معربون، تدنت نسبة التصويت نتيجة مشقة مسافة الطريق، حيث سجل اقتراع 250 من الناخبين في هذه الأقلام، علما بأن هناك 930 صوتاً في الطفيل. وانتقل السكان في انتخابات العام 2018 بواسطة حافلات سورية صغيرة من سوريا إلى بلدة معربون التي تبعد مسافة 24 كيلومتراً عبر عسال الورد في ريف دمشق إلى دمشق فالزبداني وسرغايا السورية باتجاه معربون عبر ساتر ترابي غير شرعي ليعودوا بعد عملية الاقتراع إلى عسال الورد بنفس الطريقة. ومنعاً لتجاوز عقبتي تدني نسبة الاقتراع، ومشقة العبور إلى الصناديق، طرح موضوع استحداث مراكز اقتراع أخرى على السلطات اللبنانية. لكن محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر قال خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن الفرعي في مركز المحافظة بحضور رؤساء الأجهزة الأمنية والقضاة، «إننا تلقينا طلبات لاستحداث مراكز جديدة لأقلام الاقتراع، لكن لا مجال لاستحداث أي مركز جديد، ذلك أن زيادة أو نقل أي مركز يحتاج إلى زيادة في العناصر الأمنية»، وقال إنه «بعد الكشف رأينا أن هناك استحالة، والوقت لم يعد كافياً». وخلال السنوات الماضية، اتسعت دائرة الهجرة الداخلية والحدودية من بلدة الطفيل إلى الداخل السوري والداخل اللبناني، وانخفض عدد المقيمين في البلدة ما انعكس انخفاضا في نسبة التصويت. ومعظم سكان الطفيل فلاحون يعملون في الزراعة. وهجرها 70 في المائة من السكان. وتقول مصادر في البلدة إن عائلات اتجهت إلى عسال الورد السورية، وآخرين (أي المسيحيين) انتقلوا إلى صيدنايا، فيما انتقل آخرون إلى سعد نايل في البقاع وطرابلس في الشمال، وضواحي مدينة بعلبك في الشرق.
مشاركة :