الأردن في حاجة إلى المزيد من الدعم الأميركي

  • 5/4/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تخوض الولايات المتحدة والأردن محادثات من أجل التوصل إلى مذكرة تفاهم جديدة أو تحديث النسخة الحالية التي سينتهي العمل بها العام الحالي. وتقدم الولايات المتحدة إلى الأردن دعما ومساعدات باعتباره حليفا في منطقة يصعب إرساء استقرار دائم فيها خاصة في ظل الحرب السورية وانتشار الميليشيات الموالية لإيران وأيضا النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. على مدار السنوات الماضية قدمت الولايات المتحدة مساعدات مرتفعة للأردن حيث يعتبر من مصلحة واشنطن تعزيز الاستقرار في المملكة الهاشمية التي تستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري يمثلون حوالي 15 في المئة من سكان الأردن. وتعهدت "مذكرة التفاهم" السابقة التي جرى توقيعها في عهد الرئيس دونالد ترامب بتخصيص 6.375 مليار دولار على مدى خمس سنوات، أو 1.275 مليار دولار سنويا، في إشارة ملحوظة إلى دعم الإدارة الأميركية للأردن وسط تخفيضاتها للمساعدات الأجنبية التي تقدمها إلى دول أخرى حول العالم. وكانت اتفاقية السنوات المالية 2018-2022 ثالث مذكرة تفاهم بين الولايات المتحدة والأردن، علما أن المذكرتين السابقتين غطّتا السنوات المالية 2009-2014 و2015-2017. مساعدات مرتفعة حصيلة إيجابية حصيلة إيجابية اعتبر بين فيشمان، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في ورقة بحثية له، أنه “على الرغم من أن هذه الاتفاقيات غير ملزمة قانونا، إلا أنها أرست ركيزة قوية للدعم الأساسي وسمحت للأردن بالتخطيط لجزء من ميزانيته الذي يعتمد على المساعدات الخارجية". ويعتبر الأردن ثاني أكبر متلقّ للمساعدات الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، بعد أن تخطى مصر في السنة المالية 2018 والعراق في السنة المالية 2013. وتتلقى إسرائيل حوالي 3 مليارات دولار سنويا كمساعدات عسكرية. واعتبارا من السنة المالية 2021، كان الأردن ثالث أكبر دولة تتلقى مساعدات أميركية في العالم بعد أفغانستان وإسرائيل. وسيؤدي التحول الأخير في سياسة الولايات المتحدة في ما يتعلق بأفغانستان وبداية الأزمة الأوكرانية إلى تغيير هذا الترتيب في عاميْ 2022 و2023. بين فيشمان: الأردن يتمتع بدعم قوي من الجمهوريين والديمقراطيين ومنذ توقيع مذكرة التفاهم في 2019 قدمت الولايات المتحدة مبالغ متساوية للمساعدات الاقتصادية والعسكرية، لكن هذا التوازن لم يعد قائما اليوم إذ يفوق المبلغ المخصص للاقتصاد أربعة أضعاف قيمة المساعدات العسكرية، حيث نمت الاحتياجات الاقتصادية للمملكة بينما بقيت متطلبات المشتريات للقوات المسلحة الأردنية مستقرة، على الرغم من أن التطويرات المطلوبة لأسطولها من طائرات "أف- 16" سيتطلب تمويلا إضافيا. وخلال الفترة نفسها، ازداد إجمالي المساعدات الأميركية إلى الأردن بأكثر من الضعف، وارتفعت قيمتها من 776 مليون دولار في عام 2012 إلى 1.65 مليار في عام 2021. وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت غالبية المساعدات الاقتصادية مخصصة مباشرة لدعم الميزانية الأردنية. وقدمت الولايات المتحدة منحا للميزانية بلغ مجموعها 745 مليون دولار في عاميْ 2019 و2020، و845 دولارا في عام 2021، وخصصت المبلغ نفسه في مشروع قانون الاعتمادات المالية الذي أُقر في مارس من العام الحالي. وقال فيشمان إن "ذكر مبلغ الدعم المباشر للميزانية في الاعتمادات يعتبر دليلا على الدعم القوي للأردن من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأميركي. فنادرا ما تقدّم الولايات المتحدة مثل هذا التمويل لأي دولة، ولا تقترب قيمته من مبلغ 845 مليون دولار على الإطلاق. وناهيك عن المساعدات المباشرة المخصصة للميزانية والجيش، يتلقى الأردن تمويلا أميركيا آخر لمشاريع التنمية الاقتصادية والحوكمة، وأمن الحدود، والاحتياجات المحدودة النطاق". ورغم الدعم القوي نسبيا الذي تلقاه من قبل الولايات المتحدة إلا أن الأردن لا تزال أمامه تحديات اقتصادية هائلة بسبب تداعيات انتفاضات ما يعرف بالربيع العربي وفايروس كورونا وغيرها. فالأردن اضطر مع اشتعال الأوضاع في عدة دول عربية ما أفضى إلى سقوط العديد من القادة على غرار العقيد الليبي معمر القذافي والرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك وغيرهم، إلى تخصيص مبالغ أكبر للنفقات الاجتماعية ما فاقم الضغوط على موازنة البلد. تحديات اقتصادية هائلة تحد صعب تحد صعب كما تزامن ذلك مع قطع مصر لإمداداتها من الغاز بسبب الهجمات التي طاولت خط الأنابيب ما دفع عمان إلى اللجوء لشراء مواد هيدروكربونية أغلى ثمنا وأدى بالتالي إلى زيادة ديون "شركة الكهرباء الوطنية". ويفتقر الأردن للموارد الطبيعية من المياه والطاقة الكافية لتحقيق أمنه الذاتي بنفسه. ومن ناحية أخرى استضاف الأردن أكثر من مليون لاجئ سوري خارج المخيمات الخاضعة لإشراف الأمم المتحدة، وسبّب ذلك صعوبات في تمويل قطاع الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية. وتنافس اللاجئون مع الأردنيين على الوظائف أيضا. وتسببت كل هذه العوامل في ضغوط إضافية على موازنة الأردن الذي لجأ إلى صندوق النقد الدولي للحصول على المساعدة وتلقّى ثلاثة قروض بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 4 مليارات دولار بموجب ثلاث اتفاقيات على مدى العقد الماضي، بالإضافة إلى 400 مليون دولار أخرى كإغاثة في حالة الطوارئ خلال تفشي وباء فايروس كورونا في عام 2020. رغم الدعم القوي نسبيا الذي تلقّاه من قبل الولايات المتحدة إلا أن الأردن لا تزال أمامه تحديات اقتصادية هائلة بسبب تداعيات فايروس كورونا وغيرها وفي مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب وجه صندوق النقد الدولي الأردن للقيام بمجموعة من الإصلاحات بينها خفض ديون "شركة الكهرباء الوطنية" من خلال تقليص الدعم الحكومي المكلف للوقود وزيادة تحصيل الضرائب وخفض الرواتب وغيرها. وقال فيشمان إن "الأردن رغم الدعم الأميركي والقروض التي تحصل عليها لا يزال في وضع اقتصادي مليء بالتحديات". وبالفعل، بلغت نسبة البطالة في البلاد 23.2 في المئة، فيما سجلت نسبة نمو سلبية في 2021 بسبب تداعيات جائحة كوفيد - 19. وأكد فيشمان أن “التساؤلات المحيطة بمذكرة التفاهم الرابعة المرتقبة لا تتعلق بحجم المساعدة وأمدها فحسب، ولكن أيضا بما إذا كان ينبغي أن تكون المساعدة مشروطة بإصلاحات اقتصادية أو سياسية بالنظر إلى حجم المساعدة الأميركية". وأوضح أنه "على المسؤولين الأميركيين تشجيع الأردن بشكل كبير على تنفيذ "برنامج الأولويات الاقتصادية"، والذي يُلزم المملكة بتحسين بيئة أعمالها وتعزيز برامج وعمليات تمويل ضرورية لاستحداث فرص العمل. ويُعتبر تطبيق الإصلاحات الضرورية في قطاعيْ الكهرباء والمياه اللذين تديرهما الدولة أساسيا أيضا".

مشاركة :