تمثّل الانتخابات التمهيدية التي ستشهدها الولايات المتحدة في مايو الجاري اختبارا جديا ليس للجمهوريين فحسب بل للرئيس السابق أيضا دونالد ترامب ومدى قدرته على التأثير في نتائجها. وبعد ثمانية عشر شهرا على مغادرته البيت الأبيض ستسلط هذه الانتخابات الضوء على حجم نفوذ ترامب السياسي الذي ستعكسه إلى حد ما نتائج الجمهوريين. وتنظم 12 ولاية انتخابات تمهيدية قبيل الانتخابات النصفية في نوفمبر بدءا من الثلاثاء في أوهايو. وترتسم معالم معارك شرسة بين متشددين يتبنون نهج ترامب في الحملات الانتخابية. وقد أعلن ترامب عن تأييد مرشحين في معظم تلك الانتخابات ما سيكون بمثابة اختبار لقدرته على التأثير بعد خسارته أمام الرئيس جو بايدن، ولاحتمالات ترشحه للبيت الأبيض في 2024. 12 ولاية ستنظم انتخابات بدءا من الثلاثاء وسط تبني متشددين لنهج ترامب في حملاتهم وفي أنحاء ولايات أوهايو وبنسلفانيا ونورث كارولاينا وألاباما، تأتي على ذكر ترامب قرابة أربعة إعلانات من كل عشرة إعلانات للانتخابات التمهيدية للجمهوريين لعام 2022، بحسب تحليل لشركة "آد إيمباكت" أرسلت نتائجه إلى "بانشبول نيوز". وأضاف "إذا لم يأت أداء المرشحين المدعومين من ترامب جيدا، فإن مسار الترشيحات الانتخابية لعام 2024 سيبدو مختلفا مع إمكانية عودة أجنحة مستقلة للحزب إلى الظهور". وقال ألكسندر هيفنر -مقدم برنامج “ذا أوبن مايند” على تلفزيون “بي بي أس” والمؤلف المشارك لـ”وثائقي تاريخي عن الولايات المتحدة” المرتقب صدوره- لوكالة فرانس برس إن “نتائج الانتخابات التمهيدية ستكون بمثابة اختبار بشأن ما إذا كانت القاعدة الجمهورية لا تزال قاعدة ترامب". وفي أوهايو أيد ترامب كاتب الروايات المعروف والمغامر الرأسمالي جي. دي فانس مرشحا لمجلس الشيوخ في سباق يحظى بنسبة كبيرة من المتابعة. واختار ترامب فانس -الذي أصبحت مذكراته “هيلبيلي إيليجي” (مرثاة هيلبيلي) من عام 2016 فيلما على نتفليكس تم ترشيحه لجائزة أوسكار- مفضلا إياه على منافسين أكثر شعبية في الانتخابات التمهيدية لملء مقعد السناتور الجمهوري روب بورتمان عقب تقاعده. ورغم ذلك أثبت الدعم الذي قدمه له الرئيس السابق أنه هبة كبيرة من راعيه الجديد الذي اعتبره ذات مرة "هتلر أميركا"، لكنه تقدم في السباق خمس نقاط بعد أن نجح في كسب تأييد ترامب. ولم يتذكر ترامب اسم فانس بالشكل الصحيح خلال مهرجان في نبراسكا الأحد. وقال في المهرجان "لقد أيدنا جي بي، صح؟ جي بي ماندل"، واختلط عليه اسم فانس مع أحد منافسيه جوش ماندل. اختبار لشعبية ترامب اختبار لشعبية ترامب وبينما تمضي أوهايو نحو تأكيد دور ترامب وقدرته على التأثير في انتخابات الجمهوريين خصّص الملياردير البالغ 75 عاما الكثير من رأسماله السياسي لسباقات تشير إلى حدود نفوذه بعد الرئاسة. وفي السابع عشر من مايو ستبدأ عملية الانتخابات التمهيدية في بنسلفانيا، الولاية المهمة التي تصدرت العناوين مع مرشح معروف لمجلس الشيوخ يدعمه ترامب. ويبدو أن دعم ترامب لمحمد أوز - الذي يتمتع بشعبية واسعة والمعروف على برنامج "أوبرا وينفري" باسم دكتور أوز- ساهم في تقدم الشخصية التلفزيونية على المسؤول السابق في وزارة الخزانة ديفيد ماكورميك. ولئن حقق أوز تقدما ضئيلا فإن الاستطلاعات لا تظهر تحقيقه قفزة كتلك التي حققها فانس. وخلال نوفمبر ستكون الرهانات مرتفعة في جورجيا، الولاية التي صوتت لمرشح ديمقراطي في الانتخابات السابقة، لكن يمكن أن تغير ميزان القوى في مجلس الشيوخ إذا عادت إلى التصويت لجمهوري، ما قد تكون له تداعيات وخيمة على رئاسة بايدن. وهي أيضا مركز حملة التضليل الإعلامي التي قادها ترامب، ومركز المعركة المريرة المتفاقمة بشأن حقوق التصويت. وكثيرا ما انتقد ترامب الحاكم الجمهوري براين كمب لتصديقه على نتائج انتخابات 2020، وهو ما كان يتعين على الحاكم القيام به وفقا للقانون بعد فوز بايدن في المعقل الجمهوري السابق. الرهانات ستكون مرتفعة في جورجيا، الولاية التي صوتت لمرشح ديمقراطي في الانتخابات السابقة، لكن يمكن أن تغير ميزان القوى في مجلس الشيوخ إذا عادت إلى التصويت لجمهوري وفي نداء مباشر لأنصار ترامب ممن يواصلون التشكيك في نتائج الانتخابات، جعل السناتور السابق المدعوم من ترامب ديفيد بيردو الحديث عن تزوير دون دليل موضوعا رئيسيا في حملته. غير أن حظوظ بيردو تراجعت منذ أن أعلن ترامب تأييده له، وتوسع الفارق بينه وبين كمب من 7 نقاط إلى 25 نقطة. وأكثر شيء يهدد قدرة ترامب على التأثير في نتائج الانتخابات جاء من ألاباما حيث أيد بحماسة لمقعد مجلس الشيوخ عضو الكونغرس مو بروكس، الخطيب المفوه، أثناء مهرجان في واشنطن خلال يناير 2021 عندما ألهب ترامب حماس الحشد الذي اقتحم مبنى الكابيتول. لكن ترامب تراجع عن ذلك الدعم بشكل محرج في الشهر الماضي فيما تظهر الاستطلاع نسبة تأييد منخفضة جدا لبروكس. وانقلب بروكس على ترامب في أعقاب ذلك، وقال إن الرئيس السابق طلب منه أن "يلغي" بشكل غير قانوني نتائج انتخابات 2020 ويسهم في عزل بايدن من منصبه. ويعتقد الكاتب والصحافي والمحلل السياسي مارك ليبوفيتش أن تذكير الجمهوريين بسلسلة انتصارات ترامب الخائبة يمكن أن يمثل للمزيد من الجمهوريين التقليديين أفضل أمل في الفوز بسباقات ترشيحاتهم. ويقول "الرجل لم يخسر فقط إعادة انتخابه وهو أمر صعب حقا، بل خسّر الجمهوريين مجلس الشيوخ ومجلس النواب والبيت الأبيض". وأضاف في مقابلة مع شبكة "أم أس أن بي سي" في نهاية الأسبوع الماضي "إنه أول جمهوري في مئة عام يخسر المجالس الثلاثة في ولاية واحدة".
مشاركة :