استجابت لجنة العفو الرئاسي لمطالبات قوى سياسية ومعارضين بتوسيع قاعدة عملها، ودشنت منصة إلكترونية لاستقبال طلبات الإفراج عن المحبوسين تمهيداً لتقديم قوائم جديدة إلى الجهات الأمنية، وسط ترقب وانتظار ما ستسفر عنه قائمتها الأولى التي سلمتها قبيل عيد الفطر، وشملت عددا من السياسيين البارزين. وأعلنت اللجنة الثلاثاء عن إطلاق منصة “الاستمارة الإلكترونية” لاستقبال طلبات العفو الرئاسي، وحددت آليات أخرى لاستقبال طلبات الإفراج، بينها البريد الخاص بلجنة حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ، ولجنة شكاوى المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأعضاء لجنة العفو الرئاسي. كمال أبوعيطة: العفو أداة لإزالة الاحتقان بين السلطة والقوى الوطنية وعلمت “العرب” أن القائمة الأولى التي تقدمت بها اللجنة شملت العديد من المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بالرأي، بينهم علاء عبدالفتاح وهيثم محمدين وأحمد دومة وهشام فؤاد ويحيى حسين عبدالهادي، وتضمنت أسماء شباب جرى إثبات القبض عليهم بشكل خاطئ، علاوة على عدد من المحبوسين احتياطيًا. وتشير طريقة إعادة تفعيل عمل اللجنة، مع منح ثقل للمعارضة فيها بإضافة طارق العوضي وهو محام إلى العديد من المحبوسين على ذمة قضايا رأي ووزير القوى العاملة سابقا كمال أبوعيطة، إلى أنها أداة لدعم جسور الثقة بين المعارضين والحكومة. وثمة توافق بين قوى سياسية على أن الاستجابة لمطالب اللجنة وإتاحة الفرصة أمامها لوضع قواعد متفق عليها للإفراجات كي تطال محبوسين احتياطيًا ومتهمين في قضايا رأي وحريات تسهمان في تقليص الفجوة بين الحكومة وتيار معارض مازال غير مقتنع بجدية الحوار السياسي الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أخيرا. وقال عضو لجنة العفو الرئاسي الوزير السابق كمال أبوعيطة لـ”العرب” إن “تقييم قدرة اللجنة على تمرير قوائمها يتوقف على الاستجابة للقائمة الأولى التي من المقرر الإعلان عنها قريبا جدا، وأن الأجواء العامة وسرعة الإفراج عن 41 محتجزاً بجانب ثلاثة صحافيين تشيران إلى وجود حالة إيجابية مغايرة لتلك التي كانت سائدة من قبل”. وأوضح أن حجم التواصل مع اللجنة خلال الأيام الماضية لتقديم أسماء جديدة ضمن قوائم العفو يتجاوز قدرات أعضائها، وأن وجود منصة إلكترونية يجعل هناك فرصة لأن يكون عمل اللجنة بعيداً عن العلاقات الشخصية، فالتوصيل الشخصي قد تشوبه أخطاء في المعلومات، وكان من الضروري وجود آلية إلكترونية تسهّل العمل. واعتبر أبوعيطة أن اللجنة أداة مناسبة لإزالة الاحتقان غير المبرر بين السلطة الحاكمة والقوى الوطنية وستترتب على جهودها تهيئة الأوضاع المناسبة لنجاح الحوار السياسي، وأن تمرير “قائمة العيد” سيؤدي إلى مردود إيجابي على قطاعات متعددة تنتظر حدوث انفراجة كبيرة في المجال العام. ويحظى ملف السجناء السياسيين بأولوية لدى جهات داخلية وخارجية، وبه يضرب النظام المصري عدة عصافير بحجر واحد، إذ يسعى لتأكيد أنه يمضي في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ويخلق أجواء مناسبة تدعم جعل العام الجاري عاماً للمجتمع المدني بحق، وهي فرصة للمزيد من الانفتاح على قوى سياسية وطنية بإمكانها أن تملأ الفراغ الحالي. وسيكون عمل اللجنة هذه المرة محل تقييم جهات عديدة، لأن اللجنة السابقة التي تشكلت في العام 2016 لم تحقق نتائج جيدة، ولم تكن هناك ظروف تساعدها على النجاح. السيسي يدشن مرحلة جديدة السيسي يدشن مرحلة جديدة كما أن أغلب محاولات المجلس القومي لحقوق الإنسان عبر تشكيل لجان لتلقي طلبات الإفراج لم تكلل بالنجاح، وفي أحيان كثيرة اعترضت جهات أمنية على القوائم التي قدمتها. وافتقدت التجربة الأخيرة، التي قادها البرلماني السابق محمد أنور السادات عبر “لجنة الحوار الدولي” التي تقدمت بقوائم عديدة للإفراج عن المحبوسين، الآليات التي تجعلها محل قبول سياسي داخلي. وأكد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) علاء شلبي أن اللجنة الجديدة من المتوقع أن تتحمل مشاق كثيرة في سبيل إنجاز عملها في الفترة المقبلة، وقد يكون من السهل أن تتبنى المئات من الطلبات المقدمة إليها، لكنها سوف تصطدم لاحقا بصعوبات بالغة كي تتوصل إلى قرار بشأن كل حالة. وأضاف لـ”العرب”أنه “يحلو لمرتكبي جرائم العنف السياسي، ومرتكبي جرائم الإرهاب، تصوير أنفسهم كضحايا ومظلومين، وبالتالي فإن تدشين منصة إلكترونية يساعد على الفرز ويمكّن من استيعاب أكبر عدد من الأسماء”. وشدد على أن اللجنة كان من يمكن عبر عملها قبل خمس سنوات إدراج عناصر تنتمي إلى تنظيم الإخوان ضمن القوائم، وهو أمر لن يكون بوسع اللجنة الحالية تكراره، ففي السابق كان هناك أمل يحدو بعض القوى السياسية والمنظمات الحقوقية في أن تتراجع جماعة الإخوان عن تبني التحريض والعنف والإرهاب. لجنة العفو الرئاسي تعلن عن إطلاق منصة "الاستمارة الإلكترونية" لاستقبال طلبات العفو الرئاسي وشهد عام 2017 جرائم عديدة لتنظيم “حسم” الإرهابي التابع للإخوان، وجرى توفير التمويل لحركات وشخصيات حرضت على توسيع دائرة العنف، بما شكل مرحلة فارقة لم يعد معها بوسع الإخوان العودة، ما يجعل الإفراج عن عناصر الجماعة مرتبطا بمستوى التورط السياسي والأمني لكل شخص والتعهد بوقف الارتباط بالتنظيم. وأشار شلبي إلى أن اللجنة ستواجه بشكل مستمر انتقادات وسط سيولة إعلامية وحراكات موجهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بلا شك “بوسع المختصين من خبراء حقوق الإنسان الحكم على دقة وموضوعية جهود اللجنة، كما أن وجود معارضين داخلها يعزز جهودها ويطور مقارباتها الموضوعية”. ودشنت منظمات حقوقية مصرية، محسوبة على المعارضة، استمارة موجهة إلى ذوي السجناء ومحاميهم بغرض جمع بيانات المحبوسين وإرسالها إلى لجنة العفو الرئاسي في شكل قوائم، وإمداد اللجنة بمعلومات عن القضايا التي حُبسوا على ذمتها وأماكن وظروف احتجازهم ومدة حبسهم لضمهم إلى قوائم العفو المفترض إصدارها لاحقاً. وقالت منظمات وقعت على بيان مشترك، بينها مركز النديم ومؤسسة حرية الفكر والتعبير والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنها ستراقب مدى التزام اللجنة بالعمل على إطلاق سراح السجناء السياسيين المحكوم عليهم أو المحبوسين احتياطياً. وتتعلق مهمة لجنة العفو بدراسة الحالات المستحقة للعفو والتوصية بشأنها، وهو أمر يتيح توفير مناخ سياسي ملائم للحوار الوطني الشامل، غير أن مسألة بناء الثقة بين الحكومة والمعارضة سوف تتوقف على أداء الطرفين وانخراطهما في حوار جاد وصريح يتحرى المصلحة الوطنية.
مشاركة :