عادة ما تعني انتخابات التجديد النصفي التي تُجرى في الولايات المتحدة في شهر نوفمبر، بالنسبة لجميع مقاعد مجلس النواب وحوالي ثلث مقاعد مجلس الشيوخ، أن أداء الحزب الحالي في السلطة ضعيف. ويعتقد «الجمهوريون» هذا العام أن لديهم الزخم للفوز بأغلبية في مجلس النواب وفرصة جيدة للفوز بالسيطرة على مجلس الشيوخ. ومن الواضح أن استمرار الوباء وتعب الجماهير من ارتداء أقنعة الوجه وعمليات الإغلاق وإغلاق المدارس، ووصول التضخم إلى أعلى مستوى له في أربعين عاماً، مع ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة والإسكان، وتزايد معدلات الجريمة في المدن، وتزايد وتيرة الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الأميركية المكسيكية.. كل هذه المشاكل تأتي ضمن القضايا الرئيسية التي تعمل ضد الرئيس بايدن وإدارته «الديمقراطية». وبالإضافة إلى ذلك، ثمة مخاوف بشأن صحة بايدن (إذ سيبلغ الثمانين من العمر في شهر نوفمبر المقبل) ومخاوف من أن نائبة الرئيس كامالا هاريس غير فعالة. ومن ثم هناك شائعات بأن بايدن لن يترشح لولاية ثانية في عام 2024، فيما لا يوجد إجماع على مَن سيكون البديل الفعال. وعلى الرغم من هذه النظرة القاتمة، يأمل «الديمقراطيون» أن تحدث بعض التطورات لإنقاذهم. إذا بدأت معدلات التضخم في الانخفاض، بما في ذلك أسعار الغاز الهامة للغاية، بينما تظل معدلات التوظيف مرتفعة، ففي هذه الحالة سيمثل الاقتصاد مشكلةً أقل بالنسبة لشاغلي الوظائف مما هو عليه اليوم. وتشير استطلاعات الرأي حول السياسة الخارجية إلى أن قيادة الرئيس بايدن للتحالف الغربي خلال حرب أوكرانيا كانت إيجابية. إذا تمكن من تحقيق انتصار أوكراني على روسيا، أو على الأرجح، المساعدة في التفاوض على إنهاء الحرب بشروط مواتية لأوكرانيا والغرب، فسترتفع مكانته، الأمر الذي يمكن أن يساعد الديمقراطيين. وهناك عامل آخر يمكن أن يساعد الديمقراطيين، وهو القلق بشأن استمرار قيادة دونالد ترامب للحزب الجمهوري والانقسامات التي ظهرت بين الناخبين الجمهوريين، حيث يدعو البعض حرفياً إلى ترك ترامب لقيادة الحزب والسماح بظهور مرشحين أصغر سناً. وكما هو الحال مع بايدن، فإن الأسئلة المتعلقة بصحة ترامب وحالته الذهنية هي مسألة تكهنات يومية. وهناك عامل جديد يتعلق بمسألة الإجهاض، وهي من المسائل الخلافية. ففي الثاني من شهر مايو الجاري، أدى تسريب غير مسبوق لوثيقة قانونية تتألف من 98 صفحة إلى مجلة «بوليتيكو» حول مسودة قرار صادر عن أغلبية المحكمة العليا الأميركية، إلى خلق عاصفة سياسية في جميع أنحاء البلاد. هذا القرار الذي كتبه القاضي المحافظ صمويل أليتو، من شأنه أن يلغي قانون «رو ضد وايد» التاريخي لعام 1973 الذي حكم دستور الولايات المتحدة والذي يحمي حق المرأة في اختيار إنهاء الحمل. وعلى مدى 50 عاماً تم قبول هذا القانون باعتباره «سابقة» لن يتم الطعن فيها من قبل قرارات المحكمة العليا المستقبلية. إذا أصبح مشروع الحكم الجديد قانوناً خلال هذا الصيف، فإنه سيزيد من إضعاف احترام المحكمة العليا ويمكن أن تستخدمه الأغلبية الجمهورية في الكونجرس للنظر في قوانين جديدة قد تقوض الحقوق المدنية الأخرى، بما فيها تلك المتعلقة بالزواج المثلي. وإذا كانت هذه القضية العاطفية للغاية تمثل حافزاً للديمقراطيين لشن دفاع قوي عن القوانين القائمة وتنشيط مؤيديهم والناخبين المستقلين لمنع فوز الجمهوريين في نوفمبر، فسيكون ذلك عاملاً جديداً في الحملة. والمعضلة بالنسبة للديمقراطيين هي ما إذا كان ينبغي عليهم محاولة تمرير تشريعات اجتماعية رئيسية في الأشهر القليلة المقبلة، والتي قد تحظى بشعبية لدى العديد من الناخبين، أم التركيز على فشل الجمهوريين في تقديم أي أفكار جديدة حول تلبية الاحتياجات الأساسية للأميركيين العاديين؟ وهل يجب أن يحاولوا جعل ترامب القضيةَ الرئيسيةَ بالتركيز على عيوب رئاسته، بما في ذلك تمرد السادس من يناير 2021 ضد مبنى الكابيتول هيل في واشنطن؟ أم يجب أن يعترف الديمقراطيون بأخطائهم، لكن في نفس الوقت عليهم أن يقارنون شفافيتهم وصدقهم بالخطاب السلبي والسلوك الانقسامي العلني للحزب الجمهوري الذي يمكن أن يجادلوا بأنه أصبح «طائفةً» لم تعد مهتمةً أو قادرةً على الحكم الرشيد. جيفري كمب مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشونال انترست» -واشنطن
مشاركة :