أوعية صناعة الوعي لا تتجاوب مع دعاوى التجديد ولا تتفاعل معها!

  • 5/7/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يرفضُ الذايدي أن تُؤسس الهوية السعودية على الهوية الدينية فقط، وذلك باقتباس قول للكاتبة السعودية فضيلة الجفال، تقول فيه: «وزارة التعليم يجب أن تؤسس لثقافة لا تعتمد فيها فقط على ضمير الثقافة الدينية، بل الحضارية كهوية وطنية سعودية»، متسائلاً وباحثًا عن هوية إنسان الجزيرة العربية، استضاف «بيت عبدالله الزايد»، التابع لـ«مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث»، الكاتب والإعلامي السعودي مشاري الذايدي، مساء الإثنين (25 أبريل)، لتقديم محاضرة بعنوان «من نحن؟»، متفحصًا فيها المصادر التاريخية، ومعرجًا على مجموعة من الجزئيات المتعلقة بهوية الإنسان الخليجي. وانطلق الذايدي من تأكيده بأن سؤال «من نحن؟»، سؤالٌ بالغ التعقيد، فهو «سؤال وجودي يتعلق بتعريف الذات والوجود»، مستعينًا بالعديد من التعريفات التي قدمها علماء الاجتماع، والمؤرخين، ليتبصر بها التاريخ المتعلق بهذه المنطقة التي عانت من شح الموارد التي يمكنُ للباحث الاستناد عليها، وذلك عائدٌ لكون أبناء منطقة الخليج العربي، هم أبناء الثقافة الشفاهية؛ «ما تبقى لنا من ثقافة القرون الماضية، شحيح نظراً لشح الموروث الكتابي»، لافتاً إلى أنهُ وفي تلك الأزمنة، كانت الحواضر الإسلامية الأخرى، تمتاز بتوثيقها وشيوع الكتابة فيها، إلا أن هذا الأمر لم يطل الجزيرة العربية. وفيما يتعلق بأصول أهل الجزيرة العربية، لفت الذايدي لعددٍ من آراء الباحثين، مؤكدًا بأن «هناك فرق بين سكان الجزيرة العربية وسكان المناطق المجاورة»، مستعينًا برأيٍ للأنثروبولوجي السعودي سعد الصويان، الذي أكد وفق بحوثه، بأن عرب الصحراء، لم يكونوا مجموعة من الجهلة كما هو شائعٌ عنهم، «بل كانوا على اختلافهم (حضر وبدو)، أشبه بالإغريق»، وذلك وفق عددٍ من المقاربات للواقع الاجتماعي، والجغرافيا، وغيرها مما يتعلق بهذه المجموعة البشرية التي أنتجت العديد من الملاحم التي وثقها الصويان. كما تطرق الذايدي إلى السبب الذي لم تنشأ فيه إمارة في الجزيرة العربية خلال المراحل المبكرة من التاريخ، لافتاً إلى أن هذه المنطقة فقدت دورها السياسي، مع هجرة الخلافة الإسلامية إلى العراق، وكان دور المنطقة يتلاشى «لولا وجود مكة والمدينة»، فمنذُ ذلك الحين، لم يقم أي كيانٍ عربي قوي في المنطقة، كما يبين الذايدي، فيما كان دور الحواضر الكبرى، في بغداد، ودمشق، منعدمًا، «إذ اقتصرت تدخلات تلك الحواضر على التدخلات الأمنية فقط، دون أية تدخلات تنموية أو سياسية». بعد ذلك انتقل الذايدي للقرن الثامن الهجري، مسلطًا الضوء على حركة التوثيق التي انطلقت في نجد، حيثُ «شهد شمال الجزيرة العربية، كمنطقة نجد حركة توثيقية»، منوهاً بأن الحديث لا يتعلق بسواحل الخليج التي يتخذُ تأريخها منحاً آخر، وشواهد أخرى. ثم انتقل الذايدي لعصر تأسيس المملكة العربية السعودية، مع مجيء الملك عبدالعزيز آل سعود، في ظل ثنائية الحضارة والبداوية، وما أطلقهُ من حركة توطين للبداية، لأغراض ثلاث: مدنية، تتمثل في تنشيط الزراعة، وأمنية، لكف يد البادية عن السلب والنهب، بالإضافة للغرض السياسي المتمثل في إيجاد ثكنات عسكرية ثابتة في أمكنتها. ومن هذه الحركة، وصولاً لما تعنيه الأمة، إذ يؤكد الذايدي بأن الأمة هي «إرادة العيش المشترك، ووعي بالذات، وانتماء عاطفي»، معرجًا على الهوية السعودية التي يرفضُ أن تؤسس فقط على الهوية الدينية، وذلك باقتباس قول للكاتبة السعودية فضيلة الجفال، تقول فيه: «وزارة التعليم يجب أن تؤسس لثقافة لا تعتمد فيها فقط على ضمير الثقافة الدينية، بل الحضارية كهوية وطنية سعودية»، وهو ما حصل، كما يؤكد الذايدي، مع انطلاق العهد الجديد في المملكة العربية السعودية، بقيادة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، والذي يعول على الإرث العريق الذي تمتاز به الجزيرة العربية، «مستثمراً له، وساعياً بحرص وثقة للمستقبل بروح جديدة». كما عرّج الذايدي على مسألة التجديد الديني، مؤكدًا بأن أحدًا لا يقوم بدوره، لا التعليم، ولا الإعلام، وبأن هناك ضمورًا فكريًا، وضعفًا في المشاريع الفكرية، على صعيد تجديد الخطاب الديني، إلى جانب عدم وجود مزامنة بين الخطاب السياسي والخطاب الثقافي، إلا على صعيد بعض الأفراد. ومن هذا المنطلق يشدد الذايدي على الحاجة الملحة لأن تقوم المؤسسات المعنية بأدوارها كالتعليم، والمؤسسات، والجامعات، والإعلام، متسائلاً عن دور الأخير، وما إذا كان خائفاً من الدعوة للتجديد الديني؟ أم أنهُ متجاهلٌ لها؟ أم قاصرٌ عن فهمها وإدراكها! مختتمًا بأن أوعية صناعة الوعي والرأي العام، لا تتجاوب مع دعوى التجديد ولا تتفاعل معها، على الرغم من الحاجة الماسة لهذه الدعاوى

مشاركة :