مهرجان الحرف التقليدية في العين..عودة إلى الأسواق الشعبية

  • 12/10/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على وقع العروض الشعبية وفي مقدمتها العيالة واليولة، شاركت مجموعة من الحرفيات ممن يتقن الصناعات القديمة كصناعة التلي والسدو والخوص، وغيرها من الحرف التي تشدو بتراث الإمارات، في فعاليات مهرجان الحرف والصناعات التقليدية الثاني الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في سوق القطارة التراثي بمدينة العين. وتميز المهرجان هذا العام بتنوع فعالياته وأجنحته التي شكلت لوحة معبرة تجسد جمال وأصالة التراث الإماراتي، إذ أبدعت الحرفيات في ورش عمل حية لتعليم زوار المهرجان الصناعات التقليدية، كما عرضت الأسر المنتجة المقتنيات التراثية والمنتجات الإماراتية من مشغولات يدوية وملابس تقليدية وعطور وبخور وتوابل وأكلات شعبية، وعلى مدار أيام المهرجان تنافس زواره في مسابقات تراثية وثقافية في إعداد القهوة العربية والأكلات الشعبية والحرف اليدوية واليولة. ويرى سعيد حمد الكعبي، رئيس قسم الحرف والمنتجات التقليدية بالهيئة، في هذا المهرجان فرصة كبيرة لإحياء التراث الإماراتي، ونقله للأجيال الجديدة، قائلاً: يشكل المهرجان فرصة للعودة بالذاكرة إلى تلك الأسواق القديمة المبنية من العريش، ودفء العلاقة بين البائع والمشتري، ورائحة العود والبخور والقهوة العربية والمأكولات الشعبية، المصنوعة بأيدٍ وطنية، فتشعر وأنت تتناولها بأنك تتذوق نكهة الماضي بكل ما تحمله من معانٍ ونفحات تحملك معها إلى زمن الأجداد، ولا شك أن هذا المهرجان أصبح يمثل جزءاً من الجهود التي تبذلها الأسر المنتجة في الحفاظ على الصناعات التقليدية، تنفيذاً لتوجيهات قيادتنا الرشيدة في صون رموز تراثنا الأصيل، إذ يعمل المهرجان على تنمية مهارات منتجي هذه الصناعات، وترويج منتجاتهم، واحتضان جهود الأسر المنتجة من أجل توفير الدعم المادي والمعنوي للاستمرار في الإنتاج، وشهد هذا العام إقبالاً كبيراً من قبل الأسر المنتجة التي جاءت لتشارك في تعليم الأجيال الجديدة فنون الصناعات القديمة التي تمثل جزءاً من التراث الإماراتي الأصيل. وتتحدث منى المهيري، مسؤولة سوق القطارة، عن أبرز ملامح المهرجان في دورته الثانية، قائلة: نظم هذا المهرجان بمشاركة 100 أسرة منتجة، منها 30 أسرة من إمارات الدولة، و70 من مدينة العين، و12 حِرفية ممن يتقن مختلف الأعمال اليدوية التراثية القديمة، وقدمت الحرفيات عروضاً حية وورش عمل في صناعة التل والخوص والسدو والحبال وغيرها من المهن والحرف التقليدية الخاصة بالتراث الإماراتي، كما عرضت الأسر المنتجة منتجاتها من الصناعات التقليدية كالمشغولات اليدوية والملابس التراثية والعطور والبخور والتوابل والأكلات الشعبية، إذ أبرزت معروضاتهم الحرفية العالية التي تميز بها المنتج الإماراتي قديماً. وتضيف: قدمت الفرق المشاركة في المهرجان عروضاً متنوعة من الرقصات الشعبية كاليولة والعيالة، وكان الشعر النبطي حاضراً في هذه الاحتفالية، بأبياته وطقوسه التي تعكس طبيعة الحياة التي كان يعيشها الآباء والأجداد في الماضي، أيضاً قدم منظمو المهرجان باقة من المسابقات التراثية والثقافية للكبار والصغار، شملت مسابقة الحرف اليدوية، ومسابقة اليولة، وإعداد القهوة العربية وفق الطريقة التقليدية، والأكلات الشعبية. وفي جناح الحرفيات، كانت تجلس كل واحدة منهن وحولها مجموعة من زوار المهرجان، لتعلمهن فنون ما يقمن به من صناعات تقليدية، وتحديداً في ورشة السدو. تقول مريم جمعة، الحرفية في صناعة السدو والمنتجات التراثية، عن صناعتها: استخدم السدو قديماً في مجالات وأشكال متعددة، منها صناعة المزاود والخروج والمركي والمفارش والمساند، كما تدخل هذه الحرفة أيضاً في حياكة الملابس والبشوت التي يلبسها الرجال في منطقة الخليج العربي. وتضيف: السدو يشبه النول المستخدم في صناعة النسيج في بعض الدول العربية، وتعتمد صناعته على وبر الإبل وصوف الماعز والأغنام، ومجموعة من المعدات منها، المغزل والأوتاد الخشبية، وفي الماضي كان الرجال والنساء يمارسون هذه الحرفة، أما اليوم فأصبحت المرأة هي أساس استمرار هذه الصناعة، وهي المسؤولة عن صونها والحفاظ عليها. وفي ورشة التلي، نجد الحرفية مريم الكعبي، تضع أمامها الكاجوجة، مؤكدة لكل من يراها أنها تمارس عملها، وتقوم بدورها في الحفاظ على تراثها وهويتها الوطنية. تقول: التلي نوع من التطريز التقليدي، يصنع باستخدام خيوط ملونة مجدولة، ويستخدم عادة في تزيين الجزء الأعلى من الثوب والأكمام في اللباس التقليدي للمرأة الإماراتية، وتعلمت هذه الصناعة منذ أكثر من 15 سنة، وكنت أمارسها في محيطي العائلي، وبعد أن تزايد الاهتمام بإحياء الصناعات والحرف التقليدية بتوصيات من قيادتنا الرشيدة، حفاظاً على موروثنا الشعبي وهويتنا الإماراتية، صرت عضوة في برامج الأسر المنتجة التي تدعمها الدولة من خلال مؤسساتها ومشاريعها الوطنية، ما أتاح لي فرصة المشاركة في المهرجانات والفعاليات الوطنية والتراثية، وعرض منتجاتي وتعليم الأجيال الجديدة فنون صناعة التلي وغيرها من المشغولات التراثية. وتتخذ أم هزاع مكاناً لها بجانب الحرفيات، لتجهيز الأكلات الشعبية وتقديمها لزوار المهرجان. تشير إلى أنها ليست المرة الأولى التي تشارك في المهرجان. تقول: أكثر ما جذبني لهذه الفعالية أنها تحتضن جميع ألوان وأصناف وأقسام التراث الإماراتي المادي والمعنوي، من خلال مشاركات أبنائه من الأسر المنتجة والحرفيين والفرق الشعبية والشعراء والصقارة وغيرهم ممن أحبوا تراثهم، وبادروا للمشاركة في إحيائه من خلال هذا المهرجان الكبير، ومن جهتي لم أتردد في الوجود في المهرجان ليتذوق زواره من يدي روعة طعم الهريس الإماراتي، وقرص التمر والمرقوقة والبرياني. فاطمة درويش، حرفية في صناعة البهارات من أبوظبي جاءت لتعرض منتجاتها في المهرجان، تقول: بعد حصولي على رخصة مبدعة من غرفة صناعة وتجارة أبوظبي، بدأت أسوق منتجاتي من خلال الأنشطة والفعاليات التراثية والوطنية، وكنت في السابق أسوقها بالاعتماد على جهودي الشخصية، وتعلمت صناعة البهارات من جدتي، وتتميز صناعة التوابل عن غيرها من الصناعات التقليدية، بأنها تحتاج إلى وقت طويل للتجهيز، إذ إننا بعد أن نجفف النبتة الأصلية مثل نبتة الكركم أو الكمون، نحمصها ونطبخها، للحصول على مذاق متميز للبهارات، يجب أن تكون لدينا القدرة على تقدير الكميات المناسبة في خلطة البهار. لمسات تشكيلية في المجلس الإماراتي صمم فريق استديو (دي 04) الذي يضم كل من فاطمة الزعابي وخالدة الجاك، نورا العوار وريان حنفي، مجلساً إماراتياً معاصراً في إحدى قاعات مركز القطارة للفنون، ضمن فعاليات المهرجان، بلمسات تشكيلية جمالية تمنح المجلس الإماراتي بعداً حداثياً معاصراً. وصممت عضوات الفريق، وهن تخرجن في قسم هندسة العمارة بالجامعة الأمريكية في الشارقة، مجلسهن بحيث يضم عدة جلسات تتفاوت في ارتفاعها، بين المقاعد المنخفضة والمرتفعة، والموائد ذات التشكيلات المتنوعة. ويحتوي المجلس على زخارف أضفت لمسة معاصرة عليه، وفي الوقت ذاته أعادت استخدام الأنماط التقليدية من رسم بسيط، إلى تجربة ثلاثية الأبعاد تتفاعل مع روح المكان وأحاسيس ضيوفه. أما القطع التي استخدمت في تزيين المجلس، فهي ذات أشكال محدودة، تبرز نوعية المواد التي كانت تصنع منها الأغراض التقليدية، مع إضافة لمسات فنية عليها. ويشكل المدخن الذي يجول المجلس قبل وصول الضيوف، أحد عناصر المجلس المتماهية مع التصميم، بإطاره الحديدي ورائحته التي تحمل عبق الماضي الجميل، وكان للمرش مكاناً خاصاً في المجلس، إذ يحتفل البيت الإماراتي برائحة العود والعنبر في الحياة اليومية وفي جميع الأعياد والمناسبات، ومثلت قطعة المرش المستخدمة في المجلس، نموذجاً جديداً من المرش التقليدي يتماشى مع حياة البيت الإماراتي الحديث. أما الجرة التي كانت تستخدم في الماضي لتخزين الماء وحفظه من الحرارة، استخدمه فريق (دي 04) بشكله المبسط المستوحى من الجرة التقليدية في تزين المجلس.

مشاركة :