تطل الروائية التركية إليف شفق، في معرض جدة الدولي للكتاب بروايتها «الفتى المتيم والمعلم»، وتعود الرواية إلى مجد القصر الذهبي، وهناك الكثير من الأدبيات التي تناولت تلك حياة السلاطين الأتراك، ولقيت متابعة كبيرة من المشاهد العربي تحديدا؛ فضلا عن القارئ الذي يتتبع ما تصدره الكاتبة بعد أن أصدرت 13 كتابا أغلبها قصص وروايات بدأتها بـ «لقيطة إسطنبول» ورواية «شرف». وتعود الكاتبة في روايتها «الفتى المتيم والمعلم» الصادرة 2015م من دار الآداب إلى ثنائية المعلم ومريده، وتصور الحياة الشاملة والفاخرة داخل أحد القصور في إسطنبول، لتقص حكاية الفتى القادم من الهند كهدية للسلطان فيتبناه أحد المعماريين في أعمال العمارة والهندسة، ويدخل عوالم القصور وخفاياها، وتتعمق الكاتبة في السلوك البشري ونسيجه عبر شخوص تحركها المطامع والغايات المتضاربة والمتقاربة. وتعد إليف شفق من الكتاب الذين بقوا تحت الظل، بالنسبة للقارئ العربي، ولا يكاد يعرف عنها شيء، فواقع الأدب التركي متصل بالتجربة الأوروبية، وندر ترجمة الأعمال التركية عربيا إلا عن طريق لغة وسيطة، وقد اكتسبت شفق شهرة روائية فائقة خارج الحدود لكونها درست وكتبت باللغة الإنجليزية، ووصلت عدد اللغات التي ترجمت إليها أعمالها ما يفوق 30 لغة حول العالم، وعاشت سنوات خارج تركيا بحكم عمل أمها كدبلوماسية والتي حملت اسمها بدلا من اسم والدها بيلغين الفيلسوف التركي المعروف. وشفق ترسخ ما يتداول في أوساط النقد أن ولادة الحكاية من فم المرأة، وهي تنطلق من هذا الوعي بقيمة النساء في الحكاية ونقلها، وكأنها تنتصر لبنات جنسها بريادة السرد، كما تقول فإن غياب والدها منع عنها المحيط الذكوري مما دفعها إلى التحرر من تلك السلطة الذكورية التي تردعها عن مفاصل مهمة في الكتابة، وذلك الفضاء المفتوح لم يكن ليحدث لو لا إصرارها على عيشه قبل التقدم في السن، وهو ما جعل لها صيتا في العالم؛ لم يتحقق لسواها من الأدباء الرجال حتى وفي وقت قصير، وخاصة أولئك الكبار في الأدب التركي وخير مثال لهم الراحل الروائي يشار كمال. وإليف كاتبة قادمة من ثقافة إسلامية تؤكدها باستمرار في حواراتها، وتثقل أعمالها بكثير من قيم تلك الثقافة والتي وظفتها بشكل كبير في رواية أعطتها وهجا فائقا وهي «قواعد العشق الأربعون» التي أصدرتها باللغة الإنجليزية في أمريكا فبراير 2010م ثم في بريطانيا، فصارت الرواية الأكثر مبيعا في وقت وجيز داخل تركيا إذ فاق عدد النسخ المباعة نصف مليون نسخة، وقد نشرت باللغة العربية بعدها بسنوات قليلة وحضر اسم شفق بعد ذلك باستمرار في المشهد. وفي هذه الرواية تحديدا تتبع الكاتبة التركية آثار جلال الدين الرومي وأستاذه الدرويش الصوفي شمس التبريز، وتتقصى سحر قواعد العشق، وتؤسس فهما خاصا بذلك الحب الخالد الذي يجمع الشعوب والأديان فيما بينها، وتفتش عن الحب المخبوء داخل كل فرد معتمدة على الضوء الخاص للشغف والبحث.
مشاركة :