لم يكن موسما رمضانيا روحانيا؛ عاديا؛ لرئاسة الحرمين على الإطلاق؛، وبكل المعايير كان موسما استثنائيا؛ غير مسبوق؛ لكثافة المصلين وتدفق القاصدين؛ وحشود المعتمرين الهائلة؛ بكل ما تعنيه من كلمات؛ إن كان تنظيميا؛ إدارة للحشود؛ أو تشغيليا أو خدماتيا ؛ أو فنيا وتقنيا .. بلا مبالغة .. - لا أقول ذلك من خلال مشاهدة حية تلفزيونية؛ أو أنقل عن رواة؛ أو قراءة لمقال أو تقرير صحفي؛ بل من خلال تواجد ميداني على أرض الواقع داخل الحرم وفي جنباته وفي ساحاته وأسطحه معظم شهر رمضان. - «ليس من رأى كمن سمع».. «وليس من شاهد كمن استمع». «وليس ليلة بارحة رمضان أشبه بسابقتها» إطلاقا.. - لقد شرفني وأكرمني معالي الرئيس الفاضل الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس؛ بأن أكون ضمن فريق الرئاسة؛ من أولو العزم من القيادات الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه؛ وقاموا بأداء المسؤولية التي شرفهم الله بها لخدمة الحرمين والتزموا بالخطة التشغيلية لموسم رمضان المنصرم؛ قولا وفعلا؛ ونصا وروحا؛ وأوفوا بما عاهدوا معالي الشيخ السديس عليه؛ من البذل والعطاء وتعظيم الحراك الميداني والإتقان والجودة والإبداع وتكريس فريق العمل الجماعي؛ وتقديم مبادرات نوعية وعدم التراخي والتساهل وحوكمة العمل لخدمة القاصدين والزائزين في موسم رمضان.. - حين قرر معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس البدء في وضع خارطة طريق الخطة التشغيلية للرئاسةً لموسم شهر رمضان؛ قبل عدة أشهر؛ فإن معاليه؛ استشعر كقيادي محنك وإداري ذي بصيرة؛ لديه تجربة تراكمية في التنظيم لعدة عقود وضبط لبوصلة الحوكمة؛ فضلا عن إتقانه لإدارة العمل الميداني والخبرة العلمية والتوجيهية والدينية المبنية على التسامح والوسطية والاعتدال والفهم العميق لخصوصية وقدسية المكان؛ الى جانب بعد نظره وحنكته كإمام وخطيب للحرم المكي؛ وقرأ ببعد نظره السيناريوهات المتوقعة للموسم المنصرم.. - وعليه فإن الشيخ الجليل عبدالرحمن السديس أخضع الخطة التشغيلية لكثير من الدراسة العميقة؛ والعصف الذهني؛ لتكون ملبية لطموحات القيادة الحكيمة -حفظها الله- التي سخرت الغالي والرخيص لخدمة الحرمين؛ ومواكبة للحشود المتدفقة المتوقعة؛ فأعلن في شعبان الماضي عن أكبر خطة تشغيلية لرئاسة الحرمين في تاريخ الرئاسة؛ استعدادا لاستقبال الملايين من القاصدين والتهيؤ لكثافة عددية هائلة بعد رفع الإجراءات الاحترازية وعودة الطاقة التشغيلية كاملة في الحرمين بعد سنتين من الإغلاق بسبب جائحة كورونا. - مضت الأيام العشرة واتضح للشيخ الجليل صوابية الحشدنة المبكرة ... ومع نهاية الثلت الثاني؛ قرع الشيخ القائد للمنظومة والاداري المتمرس؛ الجرس؛ وطلب من قيادات رئاسة «شدّ المئزر» وتحمل المسؤولية كاملة والمحاسبة؛ في اجتماع استثنائي ليلة التاسع عشر من شهر رمضان حضره كاتب هذه السطور؛ حيث كانت الشفافية اجندته والمكاشفة موضوعه.. - المعالي بقدر ما كان شفافا وصريحا في أطروحاته وملاحظاته في ذلك الاجتماع الهام؛ فبنفس القدر كان محفزا وشاكرا ومقدرا ومثنيا على قيادات الرئاسة مجددا الثقة في امكانياتهم وقدراتهم.. - ومع مرور كل ليلة وترية كان هناك تأهب وجاهزية قصوى وحوكمة صارمة للعمل؛ ودراسة وعصف ذهني على مدار الساعة مع المنظومة الامنية وشركاء النجاح؛ حيث كان الجميع في اصطفاف كامل وعلى مسافة واحدة وكالبنيان المرصوص قيادة وضباط ومساعدين ووكلاء ومدراء ومنسوبي والجنود ورجال الأمن الذين كانوا يعلمون على مدار الثانية.. - وجاءت ليلة السابع والعشرين الذي شهد المسجد ذروة الكثافة العددية وتلتها ليلة التاسع والعشرين وهي ليلة ختم القرآن؛ حيث كانت تلك الليلتين من الليالي ذات الروحانية العظيمة والتدفق البشري غير المسبوق والهائل حيث أغلقت جميع الطرقات المؤيدة للحرم لدخول الملايين من القاصدين للمسجد.. - ولايمكن وصف السيل البشري الهائل للقاصدين والمعتمرين المتوجهين للحرم؛ وكانت تلك الليلتين أكبر تحدٍ للرئاسة والمنظومة الأمنية، وبفضل الله نجحت المنظومتان بامتياز وانهت الرئاسة الموسم بجدارة وحسن ادارة وتنظيم، وخدمة للقاصدين والطائفين والركع السجود بلا تدافع وبلا اختناقات وبخدمات حظيت بالثناء من القاصي والداني.. - وليس هناك عمل كامل والكمال لوجه الله سبحانه؛ وحتما هناك دروس مستفادة وايجابيات يجب تعظيمها وسلبيات وتحديات يجب تحويلها لفرص وايجاد حلول مبتكرة لادارة الحشود وإنسابية الحراك بشكل اكبر والذي يعتبر أحد الاسباب الرئيسة في نجاح موسم رمضان المنصرم حيث لم يشهد الحرمان أي تدافعات أو اختناقات أو وجود تكتلات بشرية تمنع المسارات فضلا عن تسخير جميع الوكالات الخدمية والتشغيلية والفنية والتقنية لكل امكانياتها لخدمة القاصدين على مدار الثانية.. - خلاصة: - هنيئا لقيادتنا الرشيدة هذا الانجاز الكبير؛ غير المستغرب كون خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد؛ كانا يتابعان لحظة بلحظة الاستعدادات وتلبية الاحتياجات للحرمين وتسخير الامكانيات للقاصدين و المعتمرين على السواء.. - وتهنئة قلبية خالصة لمعالي الرئيس القائد والرئيس الاداري والرئيس القدير الذي كان يحفّز من جهة ويعمل بكل طاقاته من جهة ويخطط مع قيادات الرئاسة ويحوكم ويرصد ويتابع ويحاسب؛ ويربتّ على كتف المبدع .. ويعمل بيد ويسمح دموع ذوي الاعاقة بيده الاخرى. - كلمة سر نجاح الخطة التشغيلية كانت «التناغم والتماهي والتكامل والحراك الميداني بين قادة منظومة الرئاسة؛ والمنظومة الامنية وشركاء النجاح.. - القصص الرمضانية انتهت .. ولكن قصص الحرمين لن تنتهي بعد!؟ ونحن على موعد آخر لسرد قصص النجاح من الحرمين ... *المستشار الإعلامي (الغير متفرغ) للرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي
مشاركة :