تعزيز حضور المرأة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: أهمية تأسيس منظومة رقمية تمكينية وتثقيفية شاملة

  • 5/8/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي أصبحت فيه المجتمعات تشق الخطى نحو المساواة والتكافؤ بين الجنسين، يكتسب تمكين المرأة أهمية خاصة. وبالرغم من أن المرأة هي أساس الحضارة الإنسانية، وأساس أي مجتمع حديث ونابض بالحياة، إلا أنه تاريخياً نادراً ما حصلت النساء على الفرصة نفسها التي قُيّضت للذكور لتشكيل وبناء هويتهن الخاصة والتفوق في المجتمع. وخلال السنوات القليلة الماضية تبوأت النساء مراكز متقدمة، وتقلدن أدواراً رئيسية في جهود التنمية العالمية والاقتصاد. وفي الوقت الذي يسارع العالم فيه الخطى نحو المساواة بين الجنسين، برز تمكين المرأة كعامل مهم في الجهود الرامية إلى ضمان تكافؤ الفرص والقدرات والأدوار للمساهمة الفعالة في تنمية المجتمع ككل. وفي عالم اليوم الذي بات غاية في الترابط ومدفوعاً بالتحول الرقمي، تعد زيادة مساهمة المرأة في قطاع العلوم والتكنولوجيا أمراً بالغ الأهمية. فإعدادهن بالمهارات وشحذ هممهن وتمكينهن من انتقاء خياراتهن بكل حرية والسعي نحو تحقيق أهدافهن وطموحاتهن سيساعد بشكل إيجابي في إحداث تغيير اجتماعي ملموس، والارتقاء بمكانتهن للوصول إلى أعلى المستويات في عالم التكنولوجيا. ومما لا شك فيه أن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هي من المقومات الضرورية لأي اقتصاد لتعزيز قدراته التنافسية العالمية. وفي حينحققت النساء تقدماً هائلاً في مجالات رئيسية أخرى مثل القانون وريادة الأعمال والطب، إلا أنمشاركتهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ظلت منخفضة بشكل كبير، حيث تقل نسبة النساء المتخصصات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على مستوى العالم عن 30%. ورغم أن العديد من الدراسات تشير إلى أن الفتيات يتمتعن بقدرة أكبر على استيعاب وفهم مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتحقيق درجات عالية فيها، إلا إنهن عادةً ما يعزفن عن استكمال دراساتهن، أو لا يعملن في تخصصات تقنية، لا سيما التخصصات المتعلقة بالهندسة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتعود أسباب هذا التوجه بشكل كبير إلى العوائق الهيكلية والثقافية الناشئة عن الصور النمطية والتحيزات المتأصلة في معظم الثقافات. ومن ثم تؤثر هذه العوائق سلباً على الدوافع والقيم الفردية، ما يؤدي إلى إحساس المرأة بعدم ملاءمتها لهذه المجالات، وهو ما يثنيها عن العمل في ميادين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ومن الأمثلة التقليدية على التنميط الجنساني الضمني الشائع عالمياً في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، التجربة الاجتماعية التي أجراها الخبير الاقتصادي إرنستو روبن وفريقه في عام 2014. حيث وجدت التجربة، التي أجريت في الولايات المتحدة، أن الرجال ذوي الأداء المنخفض يتم اختيارهم في كثير من الأحيان دون النساء ذوات الأداء العالي في الرياضيات، وخلصت التجربة إلى أن فرص الرجال في التوظيف هي أكبر بمرتين مقارنة بالنساء، وذلك لأن الاختيار يتم على أساس نوع الجنس وليس الأداء. لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل تمثيل المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ففي الوقت الذي تتعاون فيه الدول لمعالجة قضايا جوهرية يواجهها الكوكب مثل تغير المناخ، وحصول الجميع على المياه، وانتشار الأمراض، والطاقة المتجددة، يعد تنوع المواهب شرطاً أساسياً لتحقيق نتائج مبتكرة وحلول جديدة. وفي ضوء وجود عدد قليل جداً من النساء العاملات في مجال العلوم والتكنولوجيا على مستوى العالم، فإن المجتمع الدولي يكاد يكون محروماً من الاستخدام الأمثل لمجموعة المواهب الهائلة هذه. كما يمكن تسخير الرقمنة والتطوير السريع للاتصالات الإلكترونية لتعزيز الإنجازات النسائية في مجال العلوم والتكنولوجيا وإبرازها والاحتفاء بها. وهذا من شأنه أن يبعث برسالة إلى النساء مفادها أن مساهماتهن في قطاع العلوم والتكنولوجيا هي محل تقدير وستظل كذلك. ويمكن أن تكتسب هذه المساعي زخماً كبيراً إذا ما توافرت الظروف والبيئة الرقمية الملائمة التي تشجع على تعزيز وجود الفتيات على وجه الخصوص، والمجتمع ككل، في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. والأهم من ذلك هو أن وجود بيئة رقمية آمنة وسليمة ويسهل الوصول إليها منذ سن مبكرة، هو أمر ضروري للسير على الطريق الصحيح. فإذا كانت النساء غير قادرات على الوصول إلى الإنترنت، أو لا يشعرن بالأمان في العالم الافتراضي، فإنهن بالتالي غير قادرات على اكتساب المهارات الرقمية اللازمة والانخراط في هذا الفضاء الواسع. وهذا بدوره يقلل من فرصهن في الحصول على وظائف في مجالات ذات الصلة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المستقبل. وبالتالي، يقع عبء المسؤولية على عاتق الحكومات والسلطات التنظيمية لتوفير الظروف المثالية لتعزيز مشاركة المرأة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. و الجدير بالذكر أن مملكة البحرين تركز بشكل كبير على النهوض بواقع المرأة، وتسعى حثيثاً إلى ضمان المساواة في الحقوق وتمثيل المرأة في مختلف مجالات المجتمع. فبصمة المرأة البحرينية على رحلة التحول الاجتماعي والاقتصادي في المملكة واضحة وكبيرة، فهي تساهم بفاعلية في مختلف مجالات وقطاعات الحياة العامة بما في ذلك السياسة والتنمية الاجتماعية والتكنولوجيا والأعمال التجارية وغيرها من المجالات. ومن بين أهم جهود المملكة في هذا الاتجاه، تأسيس المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 والذي يسعى أساساً إلى تمكين المرأة البحرينية وزيادة مشاركتها في المجتمع وإيجاد بيئة أكثر شمولاً وتوازناً بين الجنسين. ويعمل المجلس بشكل نشط، من خلال مجموعة من المبادرات والسياسات التي تهدف إلى توفير فرص متنوعة للمرأة البحرينية لتحسين نوعية حياتها، و تعزيز دور المرأة في تشكيل مجتمع حديث يسعى إلى الحفاظ على مبادئ المساواة في جهود وخطط التنمية الوطنية. وتعد زيادة مشاركة المرأة وحضورها في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أولوية استراتيجية رئيسية لهيئة تنظيم الاتصالات. لذلك، تحرص الهيئة باستمرار على التعاون مع مختلف الهيئات والجهات الحكومية للتوعية بالثقافة الإلكترونية الآمنة في المملكة وتعزيزها، فضلاً عن إيجاد الفرص في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمرأة، وتمكين المرأة من تولي أدوار أكبر في مختلف الأقسام والقطاعات، وبذل جهود منسقة لجذب المواهب النسائية وتنميتها والمحافظة عليها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن عدد الموظفات في هيئة تنظيم الاتصالات قد شهد زيادة مطردة على مر السنين، حيث باتت النساء يمثلن 40% من إجمالي القوى العاملة. وفي الختام، تؤكد هيئة تنظيم الاتصالات أنها ستواصل جهودها في تمهيد الطريق للنهوض برحلة التحول الرقمي في المملكة وتعزيز دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تمكين البحرينيين، والوصول إلى مجتمع حيوي وشامل يتسم بتكافؤ الفرص والإمكانات.

مشاركة :