«الإخوان المسلمين» لا يؤمنون بالدولة الوطنية

  • 5/9/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الحركة نجحت بالتغلغل في المجتمع الخليجي بعدما فرّت من الملاحقات الأمنية في مصر استطاعت من خلال برامجها ومخططاتها من الوصول إلى قمة وزارة التربية وجامعة الإمارات قال نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجي، المفكر والخبير الاستراتيجي د. جمال سند السويدي إن الدول التي ما زال الاخوان المسلمين ضمن العملية السياسية فيها لا يزال أداؤهم دون التوقعات، ولا يتناسب مع التراكم التاريخي للعمل الحركي والتنظيمي للجماعة في هذه الدول. وأشار السويدي في حــوار مع «الأيام» الى أن الحركات الدينية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين قد شهدت تصاعدًا وازدهارًا خلال فترات الأزمات التي تمر بها دول المنطقة، لافتًا الى أنه ليس من المستغرب على جماعة الاخوان المسلمين استغلال الدين الإسلامي الحنيف، وكذلك القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب مادية او سياسية. واعتبر السويدي أن كتابه «جماعة الاخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، الحسابات الخاطئة»، الذي سيطلق مساء اليوم في مؤسسة «الأيام»، جاء ليشغل فراغًا بحثيًا مهمًا عن نشأة هذه الجماعة الإرهابية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكيف استطاعت هذه الجماعة الإرهابية التغلغل في مؤسسات الدولة الوطنية، حتى وصلت من خلال أجندتها الخفية إلى غرف اتخاذ القرار في بعض الأحيان. وفيما يلي نص الحـــوار: ] في البداية، لماذا اتجهتم نحو أهمية إصدار كتاب حول جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات؟ وبتقديركم، هل هناك قصور في وجود مؤلفات تطرح نشأة جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات وتطور تحركاتها على أساس تحليلي وواقعي؟ - واقعيًا، رغم كثرة ما ينشر في شأن التطرف الفكري والجماعات الدينية المتطرفة، لكن بلا شك هناك حاجة ملحة إلى إنتاج وإخراج دراسات وبحوث علمية رصينة في مجالات الجماعات والتنظيميات الإرهابية، منها جماعة الإخوان المسلمين. ولعل كتابي الأخير «جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، الحسابات الخاطئة» جاء ليشغل فراغًا بحثيًا مهمًا عن نشأة هذه الجماعة الإرهابية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكيف استطاعت هذه الجماعة الإرهابية التغلغل في مؤسسات الدولة الوطنية، حتى وصلت من خلال أجندتها الخفية إلى غرف اتخاذ القرار في بعض الأحيان. واستطاعت هذه الجماعة التي لا تؤمن بالدولة الوطنية وتعتبر الوطن «حفنة تراب»، كما كان يردد مؤسسها حسن البنا، من اختراق المؤسسات الأكثر تأثيرًا على أجيل المستقبل وهي المؤسسات التعليمية، وما أن تمكنت من ذلك باشرت جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة آنذاك ببث سمومها وأيدولوجيتها المتطرفة التي سعت من خلالها إلى تقسيم المجتمع إلى أحزاب موالية ومعادية لفكرها المتطرف، ومن هنا أحيل القارئ الكريم إلى الفصل الثاني من كتابي «جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، الحسابات الخاطئة» الذي شرحت فيه بشكل مستفيض نشأة جماعة الإخوان المسلمين وتاريخها في دولة الإمارات العربية المتحدة. ] شكّل العمل الدعوي - الاجتماعي دائمًا البداية بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين للتوغل والانتشار في معظم مجتمعات الدول العربية.. ألا تعتقدون أن جماعة الإخوان المسلمين قد استفادت مما يمكن تسميته بحالة اليأس في بعض المجتمعات، ومنها انحياز الشيوعية والمد القومي، وكذلك الإحساس بالهزيمة الذي عززته فكرة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، تحت «يافطة» العودة إلى الدين؟ - لا شك، عبر التاريخ شهدت العديد من الحركات الدينية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين -مثلها مثل الأحزاب السياسية المحافظة- تصاعدًا وازدهارًا خلال فترات الأزمات التي تمر بها الدول والمناطق الجغرافية من حين لآخر. ولا غرابة في استغلال جماعة الإخوان المسلمين للدين الإسلامي الحنيف أو حتى القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب مادية أو سياسية. وعلى سبيل المثال: في الفترة التي شهدت فيها جمهورية مصر العربية الشقيقة حكم جماعة الإخوان المسلمين، كان الرئيس المصري المعزول الدكتور محمد مرسي، والمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، والكثير من القيادات الإخوانية من مثل: خيرت الشاطر، وصفوت الحجازي، ومحمد البلتاجي، وغيرهم يمارسون الاستغلال الديني لتحقيق مكاسب سياسية. وما أكثر القضايا الدينية والعاطفية المؤثرة في الشارع المصري التي عملت الجماعة على استغلالها بشكل متواصل وبمخطط خفي من خلال توظيف العديد من الشعارات الدينية والحزبية، منها طبعًا القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، والدعوة إلى الجهاد لتحرير المسجد الأقصى المبارك من الصهاينة المعتدين. بالطبع، لم تكن هذه الشعارات البراقة سوى وسيلة خبيثة لتخدير الشعب المصري حتى تتمكن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من تمرير أجندتها السياسية والإخوانية، في محاولة لفرض الاستحواذ الكامل على مفاصل الدولة حتى يبوء لها الحكم المطلق في جمهورية مصر العربية، ونحمد الله أن هذه المخططات الخبيثة باءت بالفشل، بفضل يقظة القوات المسلحة المصرية، ورجال الدولة المصرية المخلصين. من وجهة نظري، إن مشكلة الجماعات الدينية -وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين- أنها تعتقد أن نقدها هو نقد للدين، مع أن فكرها عبارة عن اجتهادات بشرية قابلة للصواب والخطأ، لذا أصبحت «تجارة الدين» من أبرز السمات الواضحة للمرحلة التاريخية الراهنة. وفقد تطرقت بشكل تفصيلي في كتابي السراب الذي ناقش ظاهرة الجماعات الدينية السياسية، من زوايا بحثية متعددة؛ فكرية وسياسية وعقائدية وثقافية واجتماعية، كما ركز الكتاب على الفكر الديني السياسي بشتى تجلياته. ] ألا تتفق مع الرأي القائل إن بعض الدول العربية قد أطلقت يد الإخوان المسلمين في المجتمعات تحت مظلة العمل الخيري، ومنه انطلقت الجماعة نحو التغلغل في التعليم والثقافة حتى دور النشر، وسهلت للإخوان هذا الانتشار في المجتمع من أجل محاصرة المد الشيوعي؟ بمعنى إذا لم نستطع التحكم بالطلب على الشيوعية، فلنغير العرض أمام الجمهور عبر إبراز جماعة الإخوان في المجتمع؟ - نعم أتفق معك في الرأي، فقد تعددت مراحل انتشار جماعة الإخوان المسلمين خارج الأقطار المصرية، في الدول العربية والأجنبية، فعلى سبيل المثال: في فترة حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وتحديدًا منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي، إذ اتجه عدد كبير من عناصر الإخوان المسلمين إلى دول الخليج العربي هربًا من الملاحقات الأمنية، ونجحوا في التغلغل في المجتمع الخليجي، مستغلين في ذلك الدعم الذي قدمته تلك الدول إليهم آنذاك، وكانت نتيجة تلك الظروف بروز قادة جدد للإخوان المسلمين في منطقة الخليج العربي، خاصة في الجامعات والمؤسسات التعليمية والجمعيات الخيرية. وقد استخدمت الجماعة من أجل تحقيق أهدافها منذ سنوات التأسيس الأولى وسائل ومناهج وتقنيات مختلفة مثل التربية الفردية، والتدريب البدني والفكري، والدعاية ووسائل الإعلام من صحف ومجلات، وكذلك الكتابات والمؤلفات والمساجد. ويمثل مبدأ الالتزام والطاعة أحد أهم ضوابط عمل الجماعة داخليًا، وقد لجأت، خاصة بعد صدامها الأول مع النظام الملكي في مصر قبل عام 1952، إلى العمل السري واستمرت فيه بصفته منهجًا أساسيًا، وأصبح إحدى أهم خصائص عملها، بل ربما السبب الرئيس في غموض نشاطها وتطوير أهدافها، ومن ثم الامتعاض الرسمي منها، بل محاربتها أحيانًا، وهذا كان أحد العوامل الرئيسة في فشل تجربتها في الحكم بجمهورية مصر العربية خلال عام 2012-2013، إذ تعاملت بصفتها جماعة منغلقة، وليست ضمن نظام سياسي له قواعده ومؤسساته في الحكم، وفشلت الجماعة تمامًا في الخروج من الأطر الأيديولوجية والقوى السياسية على الساحة المصرية. ] تعتبر جماعة الإخوان المسلمين من أكثر الأحزاب السياسية -إذا جاز التعبير- تنظيمًا وقدرةً على بناء الشبكات داخل المؤسسات المؤثرة مثل التعليم والنقابات... والخ، والتسلسل القيادي الذي يشبه «مجالس الإدارة» عندما نتحدث عن توزيع الأدوار بين المنظرين أغلبهم أما من مصر أو سوريا أو فلسطين، بينما توكل مهمة التمويل وجمع التبرعات لقيادات الجماعة في دول خليجية.. السؤال: من خلال بحثكم، هل نجح الإخوان في تسجيل أي تجربة سياسية ناجحة لهم في الساحات التي وصلوا فيها إلى السلطة، أم أن جماعة الإخوان -بصراحة- هم ناجحون في صياغة الخطاب المؤثر ومفلسون عند وضع البرامج السياسية؟ - لا شك أن جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها عام 1928 ظلت تسعى للوصول إلى الحكم والسلطة، وتتخذ من حديثها عن إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف نواحي الحياة ستارًا سياسيًا براقًا. وقد تبنت وسائل عدة في سبيل تحقيق ذلك خلال نحو 93 عامًا مضت، واهتمت طوال هذه العقود والسنوات بالتعليم والإعلام. واستطاعت هذه الجماعة الإرهابية من خلال إنفاذ برامجها ومخططاتها الظلامية من الوصول الى مستوى قمة الهرم في وزارة التربية والتعليم وجامعة الإمارات العربية المتحدة، الى أن أصبحت تتحكم في المناهج الدراسية، والهيئات التدريس في المدارس والجامعات، وحتى مستقبل الطلبة والدارسين والخريجين في دولة الإمارات العربية المتحدة. واعتمدت بشكل كبير على عنصر التنشئة السياسية للأعضاء الذين ينتمون إليها وفقًا لنهجها ومصالحها من جهة، والانخراط في الشأن العام متى أتاحت الظروف ذلك من جهة أخرى، وقد تغلبت المصلحة التي تتعارض في كثير من الأحيان مع المبادئ التي تنادي بها الجماعة، بل إن هذا التعارض قد طال الضوابط الشرعية والمنهجية أحيانًا. لقد مثل طموح جماعة الإخوان المسلمين نحو الوصول إلى السلطة، بعد الأحداث والاحتجاجات الشعبية في نظر الكثير من المحللين والمراقبين، أوج الانتهازية السياسية التي تقودها المصلحة بعيدًا عن الثوابت والمبادئ. وعلى الرغم من صعوبة إطلاق أحكام عامة على تجارب جماعة الإخوان المسلمين في السلطة أو الحكم في الأقطار العربية والإسلامية المختلفة، بسبب التفاوت الواضح بين الأذرع السياسية للجماعة في مختلف الدول من حيث الممارسة والخبرة من جهة، وتفاوت الفترات الزمنية التي أتيحت لها في الحكم من جهة أخرى، فإن النسق العام الذي يمكن استنتاجه هو أنها بشكل عام لم تحقق ما كانت تسعى إليه، وبشكل خاص لم تنجح في تحقيق طموحات الشعوب وتوقعاتها، كما أن النتائج المحققة - حتى الآن - في الدول التي استمرت فيها جماعة الإخوان المسلمين ضمن العملية السياسية لم تزل دون التوقعات، ولا تتناسب مع التراكم التاريخي للعمل الحركي والتنظيمي للجماعة في هذه الدول.

مشاركة :