قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن مجلس الاحتياطي الفدرالي طبق الخطوة الأكثر تشدداً لسياساته النقدية، «التي لم نشهد مثلها منذ عقود عديدة برفعه سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ليرتفع نطاق سعر الفائدة إلى 0.75 في المئة و1 في المئة. بحسب التقرير، تعتبر تلك الخطوة أكبر زيادة يقوم بها الفدرالي منذ عام 2000 وهي أول مرة يرفع فيها أسعار الفائدة في اجتماعات متتالية منذ عام 2006. في التفاصيل، تم التصويت على رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بالإجماع، وأعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول رفع أسعار الفائدة في المستقبل بنفس الوتيرة، مما هدأ من مخاوف إمكانية رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس حالياً. كما أعلن الفدرالي بدء تقليص ميزانيته العمومية البالغة 8.96 تريليونات دولار الشهر المقبل، ومن المقرر أن يتم تخفيض الميزانية العمومية على مراحل، إذ سيسمح الاحتياطي الفدرالي بمستوى محدد من عائدات السندات المستحقة للتداول كل شهر أثناء إعادة استثمار الباقي. واعتباراً من يونيو المقبل، سيبدأ الفدرالي بخفض حيازته من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بوتيرة شهرية مجمعة تبلغ 47.5 مليار دولار (30 مليار دولار من سندات الخزانة و17.5 ملياراً من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري) لمدة ثلاثة أشهر، ثم ترتفع إلى 95 ملياراً (60 ملياراً من سندات الخزانة و35 ملياراً من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري). وأدلى باول بتصريحات تؤكد ثقته بقدرة الاحتياطي الفدرالي، على تحقيق هبوط ناعم للاقتصاد الأميركي، وقال إن التضخم «مرتفع جداً، وندرك أنه يسبب صعوبات، ونحن نتحرك بسرعة لإعادته إلى مستويات أقل من ذلك». الاقتصاد الأميركي وعلى الرغم من تراجع الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي بنسبة 1.4 في المئة في الربع الأول من العام الحالي بالتزامن مع بدء ظهور تداعيات ارتفاع الأسعار بوضوح، فإن الاقتصاد الأميركي لم يظهر علامات على حدوث أي تباطؤ جوهري. كذلك على الرغم من انخفاض الأرقام، فإن نشاط قطاعي التصنيع والخدمات كان أعلى من المستويات التي تشير إلى حدوث نمو. وأدى ضعف نمو الطلبات والإنتاج والتوظيف إلى تراجع قراءة مؤشر مديري المشتريات لقطاع الصناعة بشكل غير متوقع في أبريل ووصوله إلى 55.4، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ عام 2020، مقابل 57.1 الشهر الماضي. كما تراجع أداء مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في أبريل إلى 57.1 مقابل 58.3 الشهر الماضي، إلا أنه سجل نمواً للشهر الثالث والعشرين على التوالي. ولا يزال سوق العمل في وضع جيد. وكان أداء الوظائف غير الزراعية في أبريل مماثلاً لأرقام الشهر الماضي، إذ تخطت التقديرات بإضافة 428 ألف وظيفة بينما استقر معدل البطالة عند مستوى 3.6 في المئة. وعلى صعيد أكثر إشراقاً، سجل متوسط الدخل في الساعة نمواً وإن كان بمعدل أقل من المتوقع بنسبة 0.3 في المئة، أي اقل من نسبة 0.4 في المئة المتوقعة. واتخذت الأسواق منعطفاً حاداً بعد أن سجلت أعلى معدل نمو منذ مايو 2020 على خلفية نتائج اجتماع الاحتياطي الفدرالي والتفاؤل الناجم عن رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس. وما يزال النمو القوي الذي شهدته الوظائف والأجور في الولايات المتحدة مصدراً دائماً للضغوط التضخمية. وأنهت مؤشرات داو جونز وستاندرد آند بورز 500 وناسداك تداولات الأسبوع على تراجع، في حين ارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات متخطية نسبة 3 في المئة. من جهة أخرى، ارتفع مؤشر الدولار الأميركي قرب مستويات 104، مما يعد أقوى مستوياته المسجلة منذ عام 2002 قبل أن يتعرض للتقلبات بعد إصدار البيانات، لينهي الأسبوع عند مستوى 103.66. وعلى الرغم من هذا التراجع، فإنه ما يزال متفوقاً على أقرانه. عملية الركود وتجنبت أوروبا بصعوبة خطر الانزلاق إلى الركود وسط معركتها المستمرة ضد التضخم والحرب الأوكرانية وقضايا سلسلة التوريد التي تتكالب مجتمعة لجر اقتصاد المنطقة إلى الأسفل، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي الألماني نمواً بنسبة 0.2 في المئة في الربع الأخير مقابل تراجعه في الربع الماضي بنسبة 0.3 في المئة. لكن على الرغم من ذلك ساءت توقعات الاقتصاد الألماني في الأسابيع الأخيرة وسط الصعوبات التي تواجه قطاع التصنيع من نقص المدخلات ووصول ضغوط الأسعار إلى مستويات قياسية نتيجة للحرب. وانخفضت طلبيات المصانع في ألمانيا بنسبة 4.7 في المئة في مارس الماضي، فيما يعتبر أعلى بكثير من معدل التراجع المتوقع بنسبة 1 في المئة وانخفاض الشهر السابق بنسبة 0.8 في المئة، مما يعكس الاضطرابات التي تتعرض لها سلاسل التوريد العالمية وعدم إمكانية الوصول إلى السوق الروسية، التي تعد وجهة تصدير رئيسية للشركات الألمانية. من جهة أخرى، انخفضت معدلات البطالة الألمانية في أبريل بمقدار 13 ألف فقط، فيما يعد أبطأ وتيرة لها في عام مقارنة بانخفاض قدره 18 ألفاً الشهر السابق، مما يبرز نقاط ضعف سوق العمل نتيجة لتداعيات الحرب في أوكرانيا وارتفاع معدلات التضخم في أكبر اقتصاد على مستوى أوروبا. وستكون مقترحات الاتحاد الأوروبي للحد من اعتماده على إمدادات الطاقة الروسية بمنزلة رياح معاكسة للنمو هذا العام، إذ ستستغرق مصادر الطاقة البديلة وقتاً للوفاء بمتطلبات اقتصاد المنطقة. ولايزال التضخم في منطقة اليورو مدفوعاً بصفة رئيسية بأسعار الطاقة، التي ارتفعت بنسبة 38 في المئة في أبريل مقارنة بمستويات العام السابق. وتم الكشف عن ضغوط الأسعار في المنطقة من خلال ارتفاع قراءة مؤشر أسعار المنتجين الشهرية في أبريل بنسبة 5.3 في المئة مقابل 1.1 في المئة الشهر السابق، وتجاوزت التوقعات التي أشارت إلى نموها بنسبة 4.9 في المئة. وقفة للتدبر وتعرض الجدول الزمني للسياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي لبعض التعقيدات بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، وأشار بالفعل إلى عزمه إنهاء برنامج التيسير الكمي في الربع الثالث من العام، على أن يتم بعد ذلك النظر في رفع أسعار الفائدة. لكن وفقاً لأحدث البيانات الاقتصادية والنهج البطيء الذي يتبعه المركزي الأوروبي بدأ يظهر تناقضه مع نظرائه الرئيسيين، مما قد يضطره لاتخاذ خطوة في القريب العاجل. وارتفعت عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات متخطية حاجز 1 في المئة للمرة الأولى منذ عام 2015، لتنهي تداولات الأسبوع مغلقة عند مستوى 1.13 في المئة. وعلى صعيد آخر، تراجع اليورو متأثراً سلباً بتزايد التوقعات الاقتصادية المقلقة والتداعيات الجيوسياسية المستمرة. وبعد تراجعه دون مستوى 1.0500 للمرة الأولى منذ عام 2016، واصل انهياره متراجعاً إلى مستوى 1.0483 نقطة قبل أن ينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.0555. استمرار التشاؤم ورفع بنك إنكلترا أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع مايو، ليرتفع بذلك معدل الفائدة من 0.75 في المئة إلى 1 في المئة، وهو مستوى لم نشهده منذ عام 2009. وكان البنك بدأ تقليص ميزانيته العمومية في فبراير الماضي، مما قلل بشكل سلبي الرقم القياسي البالغ 875 مليار جنيه إسترليني من السندات البريطانية المحتفظ بها في بداية العام، من خلال عدم إعادة استثمار الأصول المستحقة، مما يسمح بتقليص سندات بقيمة 28 مليار جنيه إسترليني. لكن بنك إنكلترا قرر خلال هذا الاجتماع تأجيل اتخاذ قرار بشأن تقليص الميزانية العمومية الحالية البالغة 847 مليار جنيه إسترليني بوتيرة نشطة حتى وقت لاحق من العام الحالي، بما يتعارض مع توقعات السوق. وتبدو آفاق نمو الاقتصاد البريطاني شديدة القتامة حتى الآن في ظل توقعات بنك إنكلترا التي تحذر من تضخم ثنائي الرقم وفترة ممتدة من الكساد أو حتى الركود. ومن المقرر أن يرتفع معدل التضخم ليتخطى أكثر من 10 في المئة في أكتوبر على خلفية زيادة أخرى قد تشهدها أسعار الطاقة في المملكة المتحدة بنحو 40 في المئة. وتواجه الأسر البريطانية انخفاضاً بنسبة 1.75 في المئة في الدخل الحقيقي المتاح هذا العام، فيما يعد ثاني أكبر معدل تراجع منذ عام 1964، حتى بعد تدابير الدعم الحكومية لتخفيف أزمة تكلفة المعيشة. وهذا العام، من المقرر أن يرتفع نمو الأجور بنسبة 5.75 في المئة، أي بمعدل أعلى من توقعات فبراير، قبل أن ينخفض عامي 2023 و2024. ومن المتوقع أن تنخفض معدلات البطالة هذا العام قبل أن ترتفع إلى 5.5 في المئة في عام 2025. وسيستمر الركود الاقتصادي حتى عام 2024، مع تسجيل نمو ضعيف بنسبة 0.25 في المئة. وتراجع الجنيه الإسترليني بشدة ليصل إلى أدنى مستوياته المسجلة في 22 شهراً حتى بعد رفع سعر الفائدة، إذ حاول جاهداً التخلص من المخاوف المتعلقة بالتوقعات الاقتصادية، ووصل إلى 1.2277 قبل أن يغلق الأسبوع عند مستوى 1.2341. ويعزى ذلك الأداء إلى التحذيرات تجاه الركود، وذلك نظراً لأن ارتفاع معدلات التضخم تضر بالدخل الحقيقي للأسر والشركات. استمرار الاضطرابات أدى الحظر الأخير الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي الذي زاد من احتمالات نقص الإمدادات إلى تجاهل مخاوف الطلب من الصين، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بشدة. وتجاهل أعضاء «أوبك» وحلفاؤها نداءات الدول الغربية لزيادة الإنتاج، وتمسكوا بالخطة المستهدفة لزيادة الإنتاج لشهر يونيو بمقدار 432 ألف برميل يومياً فقط. وأنهى خام غرب تكساس الوسيط تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 109.77 دولارات، في حين وصل سعر مزيج خام برنت 112.39 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع. وتعثر الذهب تحت وطأة ضغوط الدولار والموجة العالمية لارتفاع أسعار الفائدة، وأنهى تداولات الأسبوع مغلقاً دون مستوى 1900 دولار للأوقية. اختناق الصين تحت وطأة إجراءات الإغلاق انكمش النشاط الاقتصادي في الصين بشكل حاد في أبريل الماضي، حيث طبقت سلسلة من الإغلاقات لاحتواء الفيروس سريع الانتشار، مما أثر سلباً على انتاج المصانع وتعثرت سلاسل التوريد وألحق خسائر شديدة بالاقتصاد. وانخفض نشاط التصنيع والخدمات إلى أسوأ مستوياته منذ فبراير 2020. إذ انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي إلى 46 مقابل 48.1 الشهر الماضي، كما تراجع مؤشر مديري المشتريات إلى 36.2 مقابل 40.1 الشهر الماضي. ولا توجد دلائل على تخفيف إجراءات الإغلاق حتى الآن، لكن كبار القادة يواصلون تقديم التعهدات لتعزيز النمو الاقتصادي. ووسط محاولات تجنب اتباع سياسات التيسير الكمي طوال فترة الأزمة، اتجهت الصين نحو اتخاذ وضعيه التحفيز وتطبيق تدابير مستهدفة لتوفير التمويل للشركات الصغيرة وإحياء القطاع العقاري الجريح.
مشاركة :