الخلط بين الخاص والعام كارثة كُبرى مِن كوارث العربي؛ الذي يفرض خصوماته الشّخصيّة على القضايا الفكريّة والأدبيّة والثَّقافيّة! فمتى كان للإنسان العربي خصومة شخصيّة مع قرين آخر له، نقل هذه الخصومة إلى الميدان العام، وجعلها مؤثِّرة فيما يقوم به مِن أعمال! خُذ مَثلاً على ذلك: عندما كان الأديب طه حسين مسؤولاً عن تحرير إحدى الصّحف المصريّة، كان يكره المُطربة الرَّقيقة نجاة الصّغيرة، وهذا الكُرْه الشَّخصي حَرم القُرَّاء مِن نَجاة، حيث أمر السيد طه حسين بأن لا يُنشر شيء عنها، لأنَّها في نظره فنَّانة دلّوعة! وهنا تَعامل طه حسين مع الصحيفة وكأنَّها محميّة خاصَّة به, أو ملكيّة تخصّه! خُذ مثلاً آخر.. الدّكتور عبدالله الغذَّامي في حوالى عام 1413هـ؛ جعل الشَّاعر حسين العروي أفضل شاعر في الوطن العربي –وهو يستحق شيئاً مِن هذا-، ولكنَّه عندما اختلف معه أقصاه، ولم يذكر الغذَّامي شيئاً عَن شعر هذا الشَّاعر في أي مِن كُتبه! خُذ مثلاً ثالثاً.. سعد الحميدين المُشرف على الثَّقافة في جريدة الرّياض، وبحُكم خلافه مع شعراء أمثال: علي الدّميني، محمد جبر الحربي، وعبدالله الصّيخان، هذا الخلاف أدَّى إلى أن يُحرم القارئ مِن قراءة أي شيء لهؤلاء؛ في ملحق الرّياض الثَّقافي! وفي مثالٍ رابع.. فقد أسَرَّ لي الصّديق قينان الغامدي؛ بأنَّه عَانى ضغطاً مِن أحد المُدراء -الذين عَمل معهم- لكي يَتجاهل نشر أي خبر أو نص أو دراسة؛ تأتي عن شاعر معروف، –فقط- لأنَّ هذا الشَّاعر غير مرغوب فيه لدى هذا المدير، ولولا أنَّ الأستاذ قينان طلب مني عدم ذكر الاسمين لذكرتهما ولا أُبالي! مع الأسف هذا ما يحدث في السَّاحة الفنيّة والأدبيّة والثقافيّة، ولكنَّه لا يحدث في السَّاحة الرّياضيّة، وهذا ما يُفسِّر أنَّ رؤساء التَّحرير النَّاجحين أكثرهم جَاء مِن سَاحة النَّقد الرّياضي! وحتى أُثبت أنَّ الميدان الرّياضي لا يُعاني هذه اللوثة المَرَضيّة، خُذ مثلاً.. الشَّاعر سعد الرّفاعي.. في ديوانه (العشق ينبع)، كتب قصيدة كَاملة يمدح فيها فوز فريق الاتحاد حين حقق بطولة آسيا؛ بفوز أشبه بالمعجزة، لأنَّه فاز بخمسة أهداف كان لزاماً عليه أن يُسجّلها، حتى يُحقِّق البطولة، وفعلها هناك في كوريا! هذا الفوز استنطق الشّاعر الرّفاعي فكَتَب القصيدة –رغم أنَّه أهلاوي صَميم-، ولكن الإنجاز والإرادة استنطقاه؛ ليقول في قصيدة طويلة: عِملَاقُ جُدَّة: قَد نَهَضْت فَلَم يَعدْ للخصم إلَّا أنْ يُبارِك مُرغَما إنّي رأيتُك يا اتحاد وَلَم أَرَ فِي سَاحة الإقدَام إلَّا ضيغَمَا رُوحُ العَميدِ تَجسَّدت برِجَالهِ فَبَدَا الجَميع مَع العَزيمَة أنجمَا فَوَقفتُ مَبهُوراً بِعَزمٍ خَارقٍ وَحَمَاسَة جَعَلَت صعَابك سُلّما كي تَرتقي للمَجد حَتَّى نلته لتَعود للوَطن الأشم مُكرما! حسنا ، ماذا بقي ؟ بقي القول يا قوم.. هل رأيتم الفرق بين المُثقَّف المُنغلق، والرّياضي المُنطلق؟!. أحمد عبدالرحمن العرفج [emailprotected] رابط الخبر بصحيفة الوئام: أنا أكرهك..إذن أنا أُسحقك ..!
مشاركة :