دشّنت الزميلة «الأيام» أمس كتاب «جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات.. الحسابات الخاطئة» للمفكّر الإماراتي الدكتور جمال سند السويدي، وذلك في حفلٍ أقيم بـ«مركز الأيام الإعلامي» بالجنبية، برعايةٍ نبيل بن يعقوب الحمر مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام. وشارك في حفل التدشين عدد كبير من المسؤولين والكتّاب والمثقفين والمهتمين بالدارسات الاجتماعية ودراسات حركات الإسلام السياسي. وتضمّن الحفل عرض برنامج تسجيلي تناول أبرز محاور الكتاب ومضامينه، حيث أشار إلى الجوانب التي سلّط عليها الضوء في ظلّ غياب للدراسات البحثية لجماعة الإخوان المسلمين وأفكارها المتطرفة في الإمارات العربية المتحدة. واستعرض الكتاب كيف استطاعت هذه الجماعة التي لا تؤمن بالدولة الوطنية وتعتبر الوطن «حفنة تراب»، كما كان يردد مؤسسها حسن البنا، اختراق المؤسسات الأكثر تأثيرًا على أجيال المستقبل وهي المؤسسات التعليمية، وما إن تمكنت من ذلك باشرت جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة آنذاك بث سمومها وآيدولوجيتها المتطرفة التي سعت من خلالها إلى تقسيم المجتمع إلى أحزاب موالية ومعادية لفكرها المتطرف. وتناول الفصل الثاني من الكتاب شرحا مستفيضا عن نشأة جماعة الإخوان المسلمين وتاريخها في دولة الإمارات العربية المتحدة ودورها خلال السنوات. كما تناول الكتاب كيف استطاعت هذه الجماعة الإرهابية التغلغل في مؤسسات الدولة الوطنية، حتى وصلت من خلال أجندتها الخفية إلى غرف اتخاذ القرار في بعض الأحيان. وفي كلمته بهذه المناسبة أكد مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل بن يعقوب الحمر أن كتاب المفكّر الإماراتي جمال السويدي يتسم بالجرأة في الطرح لمسألة مهمة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين سواء في الإمارات أو خارجها وما آلت إليه الحركة من فكر مظلم في منطقتنا. واستعرض الحمر علاقته الشخصية مع السويدي التي استمرت على مدى 30 عامًا كان يتابع من خلالها نشاطه المنقطع النظير، مشيرًا إلى أنه كان يتوق إلى طريقة قيادته كمفكر عروبي تنويري من خلال ما وجدناه في مؤسسة الإمارات للدراسات، مستدركًا: «هذه المؤسسة التي كما أعتقد وأجزم مؤسسة ليست إماراتية وليست خليجية فقط وإنما هي مؤسسة عربية عالمية من خلال تعاطيها مع الكثير من المفكرين والكتاب الذين لهم قدرات كثيرة وتأثير كبير في الفكر التنويري على مستوى الخليج أو المستويين العربي والعالمي». من جانبه أكد نائب رئيس مجلس الامناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أن الفكر الذي تنتهجه جماعة الإخوان المسلمين لا يقل خطرا عن أشباهه من آيديولوجيات الجماعات والأحزاب السياسية التي تتخذ من العقائد الدينية والتمايزات الإثنية غطاءً لتبرير منهجياتها الإقصائية والقسرية التي تدمر أمن وأمان مجتمعاتنا المسالمة، ولسوء الحظ فقد لقيت هذه الجماعة وأشباهها أنظمة سياسية ترعاها لتنافي بذلك مبادئ الأخوة الإنسانية. وأضاف: «إن عنوان هذا الكتاب يغطي مسارا واسعا في جهود دولة الإمارات لمكافحة التطرف الديني والتعصب الآيديولوجي، فالتطرف إجمالا هو معادلة شريرة مضادة لكل معاني السلام والتعايش والتسامح والتنوع الذي يعد من صميم مبادئ الاستقرار بكل مستوياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل حتى الثقافية في كل مكان، فالمتفحص للتاريخ سيصل حتما الى قناعة تؤكد ان كل هذه التوجهات الفكرية المتطرفة مآلها الانحسار، فهي موجات تجتاح المجتمع وفق ظروف شاقة كالحروب والفتن، وتقتات عليها، ثم تضعف بمجرد إحلال السلام والأمن مع ارتقاء المجتمعات في تقبلها لاختلافات الاخرين، وذلك يتسق مع زيادة وعي الافراد وتحصنهم ضد ما تحيكه هذه الجماعات المتطرفة من مؤامرات لخطف الحياة وتدمير المستقبل، وتنكشف أهدافهم التي لا تمت إلى الدين ولا الإنسانية بأي صلة». وفي كلمته في حفل تدشين الكتاب أشار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السيد زهرة في صحيفة «أخبار الخليج» إلى أن المهمة الاستراتيجية الكبرى الملقاة على عاتقنا اليوم من حكام وقوى ومجتمع مدني تكمن في الحفاظ على الدولة الوطنية، وتقوية مؤسساتها في مواجهة محاولات الهدم والتدمير. وأكد زهرة أن جماعات الدمار والخراب مثل جماعة الإخوان وغيرها التي تشكل أو تريد أن تشكل دولة داخل الدولة وأن تصادر دور الدولة يجب أن يتم القضاء على خطرها، كما يجب ألا يكون لها وجود فاعل في دولنا. واستعرض زهرة دور بعض الحكومات العربية التي سبق أن تحالفت مع الجماعة وأطلقت لها العنان كما حدث في مصر أيام الرئيسين السادات ومبارك تحت ذريعة مواجهة القوى اليسارية، فقد دفعت الدولة والمجتمع ثمنًا فادحًا، مشيرًا إلى أن هناك حكومات تغض النظر عن الجماعة ونفوذها وما تفعله لمجرد أنها لا تجاهر بمعارضة الحكومة أو تتظاهر بتأييدها. وأضاف: «بعد كل ما جرى، آن الأوان لوقف هذه التحالفات المشبوهة». وأكد السيد زهرة أن الكتاب كشف عن خطر الجماعة والتجربة المريرة معها، فهو ينبهنا إلى أنه على الرغم من أن الإمارات والبحرين ومصر نجحت في إحباط مؤامرة الجماعة (مؤامرة 2011) بقيادتها وإرادة شعبها فإن الخطر على دولنا مازال قائمًا ونخطئ كثيرًا إن تصورنا غير هذا، فالمؤامرات الأجنبية مازالت قائمة، والجماعات التدميرية كالإخوان وغيرها لم ينتهِ خطرها، وأوضاعنا الداخلية مازالت بحاجة إلى الكثير جدًا من الإصلاح الفكري والسياسي والاجتماعي. ولفت إلى أن الكتاب يسد فراغًا بحثيًا؛ إذ إنه بالرغم من أن هناك مئات الكتب والدراسات عن تجربة الإخوان بكل جوانبها منذ نشأتها في مصر، ولكن لا توجد مثل هذه الدراسات فيما يتعلق بالإمارات ودول الخليج العربية. وأشار إلى أن نجاح الجماعة يدور حول عدد من الدوائر إحداها على سبيل المثال قيام الجماعة في مصر ودول عربية أخرى باستغلال الحالة الاجتماعية السيئة لقطاع كبير من المواطنين وتجنيد أعداد كبيرة منهم عبر استغلال العمل الخيري وتقديم خدمات اجتماعية. وأضاف: «الجماعة استغلت فراغًا تركته الدولة، فراغا فكريا وسياسيا واجتماعيا، وملأته لحساب أفكارها ومخططاتها.
مشاركة :