أكد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح أن "الحقول النفطية ستفتح بعد تثبيت آلية توزيع عوائد النفط بشكل عادل على كافة الأقاليم"، مشيرا إلى أنه سيسعى جاهدا لحلحلة هذه الأزمة، في وقت تواصل الولايات المتحدة ضغوطها لإعادة ضخ النفط من جديد في البلد النفطي. جاء ذلك خلال لقائه مع مبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نورلاند الأحد بالعاصمة المصرية القاهرة، في اجتماع تناول عدة ملفات، أهمها إغلاق الحقول النفطية، والميزانية العامة، وعمل الحكومة من مدينة سرت. وأوقفت الصراعات السياسية بين الأطراف الليبية، خصوصا بين الحكومتين المتنافستين، قبل أيام، معظم إنتاج النفط الليبي، بعدما أغلق زعماء قبائل في شرق وجنوب البلاد حقول وموانئ نفطية رئيسية، احتجاجا على استمرار رئيس الحكومة الوحدة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة في منصبه، وعدم تسليمه السلطة للحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، وللمطالبة بتجميد إيرادات النفط وحمايتها من الفساد إلى حين التوافق حول توزيعها بشكل عادل على كافة الأقاليم الليبية. وتسبّب هذا الإغلاق في تراجع الإنتاج بمقدار 600 ألف برميل يوميا، مما أدى إلى خسائر مادية يومية قدّرتها وزارة النفط الليبية بنحو 60 مليون دولار. وأشار صالح إلى أن "جلسة مجلس النواب القادمة ستدرس مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للعام 2022 المقدم من الحكومة الجديدة". ووفق تصريح للناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق مساء الأحد، "فقد تناول لقاء صالح ونورلاند "مستجدات الأوضاع في ليبيا وعددا من الملفات، أهمها إغلاق الحقول والموانئ النفطية والميزانية العامة للدولة للعام 2022، وعمل الحكومة من مدينة سرت". وفي هذا الشأن أشار صالح إلى أن عمل الحكومة من مدينة سرت سوف "يمكّنها من العمل بحرية تامة، ولن يتركها ضحية لابتزاز الميليشيات أو غيرها"، مؤكدا أنه "عندما اقترح مدينة سرت كمقر مؤقت للمجلس الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال منتهية الولاية لاقى المقترح ترحيبا محليا ودوليا واسعا". وقبل أيام، قال رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا إن حكومته يهمها "ممارسة مهام عملها من العاصمة طرابلس دون سقوط قطرة دم واحدة"، لكنه رأى أن تمارس الحكومة مهام عملها من مدينة سرت، وذلك بعد تعذر وصولها إلى طرابلس في ظل رفض رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة قبل الانتخابات. ولم تتمكن حكومة باشاغا من دخول العاصمة طرابلس حتى الآن بسبب رفض حكومة الدبيبة تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة. وعلى إثر ذلك قامت مجموعات داعمة للحكومة الجديدة التي يرأسها باشاغا بإغلاق حقول وموانئ نفطية في جنوب وشرق البلاد بمنتصف أبريل الماضي، الأمر الذي يكلف ليبيا فرصة تصدير نحو نصف إنتاجها الذي كان يقدر بـ1.1 مليون برميل في اليوم. وأوضح السفير الأميركي أن لقاءه مع صالح جاء لمناقشة آخر التطورات المتعلقة بالانتقال السياسي بليبيا، في الوقت الذي يستعد فيه مجلس النواب لمناقشة ميزانية وطنية جديدة. وفي تغريدة على حساب السفارة بموقع تويتر، جدد السفير تأكيده التزام الولايات المتحدة بدعم آلية بقيادة ليبيا لإدارة عائدات النفط بطريقة تعزّز تحقيق أقصى قدر من الشفافية والتعاون بين جميع القوى السياسية في ليبيا، وتسهل الاتفاق المبكر على مسار للانتخابات البرلمانية والرئاسية في أسرع وقت ممكن. وقال نورلاند "تظل الانتخابات الوطنية ضرورية لإضفاء الشرعية على المؤسسات والقيادة السياسية الليبية في نظر الشعب الليبي والعالم". ونقل السفير عن صالح تأكيده مشاركة مجلس النواب في المحادثات الدستورية مع المجلس الأعلى للدولة المقرر استئنافها في القاهرة في الخامس عشر من مايو الجاري، بتيسير من المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز. وتواصل ويليامز لقاءاتها الداخلية والخارجية، حيث التقت الأحد في طرابلس رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله، وناقشت معه أوضاع قطاع النفط والصعوبات والتحديات التي مر بها خلال الفترة الماضية. ووفقا لبيان لمؤسسة النفط الليبية، أكدت المستشارة ويليامز دعم بعثة الأمم المتحدة الكامل لقطاع النفط واستقراره، ليتسنى للمؤسسة تحقيق خططها وأهدافها لزيادة معدلات الإنتاج خدمة لمصالح الشعب الليبي، كما أكدت أيضا دور المؤسسة الفني وغير السياسي الرامي إلى دعم الاقتصاد الليبي، رغم كل التحديات التي واجهها. وأشار بيان المؤسسة إلى أن ويليامز وصنع الله ناقشا تأثير إغلاق النفط على المستوى المحلي والدولي، بما في ذلك الصعوبات التي تحدث للبنية التحتية جراء الإغلاق المطوّل، بالإضافة إلى خسارة الإيرادات. وجددا التأكيد على أهمية إنهاء إغلاق النفط في أسرع وقت ممكن، وكذلك على ضرورة حماية الموارد الوطنية الليبية من الاستغلال والتسييس. كما التقت ويليامز الأحد أيضا الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة وعضو المجلس عبدالرحمن السويحلي، وناقشت معه الوضع السياسي الراهن في ليبيا وآفاق الجولة المقبلة لاجتماعات اللجنة المشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة في القاهرة، في الخامس عشر من مايو الحالي. واتفق الاثنان على أهمية الحفاظ على الهدوء بشكل تام في ظل الظروف الحالية، مع الضغط باتجاه إجراء انتخابات لإنهاء الفترة الانتقالية الطويلة في البلاد. كما التقت ويليامز الأحد سفير جمهورية مالطا لدى ليبيا تشارلز صليبا في طرابلس، وناقشت معه الوضع الحالي في البلاد، وغردت ويليامز حول اللقاء قائلة "لقد كانت فرصة لإطلاع السفير على اجتماع اللجنة المشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة، المخطط عقده في القاهرة في الخامس عشر من مايو الجاري، لإعادة بناء التوافق على مسار دستوري متين للتمكين من إجراء الانتخابات الوطنية في غضون فترة زمنية قصيرة وبجدول زمني واضح". وجددت ويليامز خلال اللقاء دعمها لعملية سياسية، يقودها ويملكها الليبيون مع الحفاظ على الهدوء على الأرض. ويترقب الليبيون استئناف اللجنة الدستورية الممثلة لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة جلساتها في القاهرة برعاية أممية منتصف مايو الحالي، من أجل بحث مسألة التوافق على أطر دستورية تنظم الانتخابات المؤخرة لأجل غير مسمى. وفي اجتماعات اللجنة السابقة التي عقدت منتصف أبريل الماضي في القاهرة أيضا، اختلف المجلسان على جدول الأعمال بين صياغة قاعدة دستورية تفضي إلى انتخابات سريعة، وهو الأمر الذي تؤيده البعثة ومجلس الدولة، أو تعديل نصوص خلافية في مسودة الدستور وطرحه للاستفتاء كدستور دائم ينظم الحياة السياسية والانتخابات، ويمثل هذا الاتجاه رغبة مجلس النواب.
مشاركة :