لم تصب التوقعات بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستغل خطاب يوم النصر الذي يأتي في إطار استعراض عسكري مهيب محمل بالرموز من العصر السوفياتي، لإعلان مهم يتعلق بالحرب في أوكرانيا، فقد اكتفى بوتين بتبرير الغزو، ملقياً اللوم على الغرب، في خطوة قد تعني في رأي مراقبين أن الحرب ستطول. في خطاب تبريري لحرب أوكرانيا، خلا من أي إعلان مهم، كما توقعت وسائل إعلام غربية، حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلقاء اللوم على الغرب في الحرب الذي شنّتها بلاده على أوكرانيا، مشدّداً على أن الغرب كان يستعد لغزو أراضي بلاده، وواصفًا غزو أوكرانيا بأنه «ردّ وقائي، والقرار الصائب الوحيد». وقال بوتين، في خطاب ألقاه من الساحة الحمراء في موسكو، إن اوكرانيا كانت «تشكّل تهديدًا وجوديًا لروسيا»، متهما إياها بالسعي لحيازة سلاح نووي وتلقّي دعم عسكري من حلف الناتو، وبأنها كانت تعد لمهاجمة الانفصاليين الموالين لموسكو في إقليم دونباس شرق أوكرانيا «مباشرة على حدودنا». وفي إشارة الى مبادرة الضمانات الأمنية التي قدّمها قبل أشهر قليلة من الغزو، والتي قوبلت برفض غربي حاسم، قال بوتين: «قدّمنا مقترحات للغرب لضمانات أمنية، لكنهم رفضوها ورفضوا الاستماع، مما يعني أنهم كانوا يستعدون لغزو أراضينا، ومنها القرم». وتوجه الى آلاف الجنود الذين شاركوا في عرض عسكري ضخم لمناسبة ذكرى الانتصار السوفياتي على النازيين عام 1945 في ظل جدران «الكرملين» الحمراء قائلا: «أنتم تقاتلون من أجل مستقبل الوطن، ويجب بذل كل ما يمكن حتى لا تتكرّر أهوال حرب شاملة جديدة». واختتم حديثه بصيحة قوية للجنود المحتشدين «المجد لروسيا»، ليردد آلاف المحتشدين والجنود هذا الشعار وراءه. وقبل خطاب بوتين، وعندما دقت أجراس برج سباسكايا في «الكرملين»، استعرض قائد الجيش أوليغ ساليوكوف ووزير الدفاع سيرغي شويغو القوات في سيارات القيادة المكشوفة. وبعد خطابه، مرّ 11 ألف جندي وعشرات المركبات، بما في ذلك قاذفات صواريخ استراتيجية ودبابات، عبر الساحة الحمراء، ومن بينها وحدات عائدة من الجبهة الأوكرانية على وقع الموسيقى التي صدحت من قلب موسكو. وكان لا بدّ من إلغاء العرض الجوي «بسبب سوء الأحوال الجوية» كما أعلن «الكرملين»، فيما كان يُنتظر رؤية «طائرة نهاية العالم»، وهي طائرة من طراز «إليوشن إيل- 80» مصممة للقادة الروس في حالة نشوب حرب ذرّية. وارتدى عناصر الشرطة المنتشرة على طريق العرض عبر وسط المدينة بزات علّق على كتفها الأيمن الحرف Z الذي صار رمزًا لمناصري الحرب في أوكرانيا. زيلينسكي في المقابل، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده لن تدع روسيا «تستأثر بالانتصار على النازية» في 1945. وفي رسالة فيديو ظهر فيها ماشيا في الجادة المركزية بالعاصمة كييف، قال: «نحن نعتز بأسلافنا الذين هزموا النازية مع شعوب أخرى في إطار التحالف ضد هتلر». وتابع: «عدونا كان يحلم بأن يرانا نعدل عن الاحتفال بـ 9 مايو وبالانتصار على النازيين لإعطاء فرصة لتعبير اجتثاث النازية». وأكد أنه «في يوم الانتصار على النازيين، نحن نقاتل من أجل انتصار آخر، الطريق إلى هذا الانتصار طويل، لكن لا يساورنا أدنى شكّ في انتصارنا». تقبّل الخسارة! من ناحيته، اعتبر وزير الدفاع البريطاني بن والاس، أن «بوتين والمحيطين به يجسدون الفاشية والطغيان اللذين سادا قبل 70 عاماً»، مشدداً أنه «على بوتين تقبّل حقيقة أن موسكو قد خسرت على المدى الطويل، ولا يمكن أن يكون هناك يوم نصر للرئيس الروسي، وإنما يوم هزيمة في أوكرانيا». وقال: «من الممكن جدا أن تدمّر أوكرانيا الجيش الروسي لدرجة أن يضطر للعودة إلى ما قبل فبراير». الذخائر الدقيقة ميدانياً، نفت موسكو صحة تقديرات لوزارة الدفاع البريطانية بأن المخزون الروسي من الذخائر الدقيقة قد نفد، مما دفع بموسكو للجوء إلى ذخائر قديمة أقل دقة، وسهلة الاستهداف. وفي وقت أعلنت كييف مقتل نائب قائد البحرية الأوكرانية إثر استهداف مروحيته بصاروخ روسي، أكدت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها دمرت محطة رادار أميركية الصنع مضادة للبطاريات قرب بلدة زولوت الأوكرانية شرق البلاد. في المقابل، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية، أن روسيا تجري «عمليات اقتحام» لمصنع آزوفستال للصلب في ميناء ماريوبول على بحر آزوف، بمساعدة الدبابات ونيران المدفعية. وأمس ، تعهّد نائب رئيس الوزراء الروسي، مارات خوسنولين، وهو أكبر مسؤول حكومي يزور ماريوبول، بتشغيل الميناء «خلال أسابيع». في غضون ذلك، كشف صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أن موسكو بدأت عملية لسحب بعض قواتها المرابطة في سورية لتعزيز قواتها في أوكرانيا. وأوضحت أن روسيا نقلت العديد من الوحدات العسكرية من قواعد في جميع أنحاء سورية إلى 3 مطارات لم تكشف عنها في البحر المتوسط، لنقلها لاحقاً إلى أوكرانيا، مشيرة إلى أن «القواعد التي أخليت، نقلت بدورها إلى ميليشيات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني». «السبع» والخلافات وبعد يوم من إعلان مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7 فرض عقوبات جديدة على موسكو تستهدف قطاع الطاقة الروسي الذي يحظى بأهمية في تمويل الحرب على أوكرانيا، قال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن دول التكتل الذي يضم 27 دولة، يجب أن تدرس مصادرة احتياطيات النقد الأجنبي الروسية المجمدة للمساعدة في دفع تكاليف إعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب. وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، أوضح بوريل أنه «سيكون من المنطقي أن يحذو الاتحاد الأوروبي حذو واشنطن فيما فعلته بأصول البنك المركزي الأفغاني بعد سيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم هناك». في غضون ذلك، ظهرت خلافات بين بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي فور إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلاين مقترح الحزمة السادسة من عقوبات الاتحاد على روسيا والتي تتضمن حظرا كاملا على استيراد النفط الخام الروسي ومنتجاته. وأعربت المجر عن اعتراضها الشديد على مقترح حظر استيراد النفط الروسي ومنتجاته وقالت إنها لم تلتزم بالقرار، فيما طالبت كل من سلوفاكيا وبلغاريا والتشيك باستثنائها من التطبيق. وقالت فوندرلاين، اليوم، إن المفوضية ستوجه أول رد على طلب أوكرانيا الانضمام الى الاتحاد في يونيو. 5 نقاط من خطاب بوتين فيما يلي 5 نقاط بارزة من خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال العرض العسكري الذي أقيم في الساحة الحمراء بموسكو اليوم، إحياء للذكرى الـ77 لدحر النازية: 1- مقاتلو دونباس وجنود الجيش الروسي يقاتلون من أجل الوطن والمستقبل، وفي أرضهم حيث حارب أسلافهم معشر الأعداء. 2-روسيا كانت تدعو الغرب إلى حوار نزيه لكن دول «الناتو» لم ترغب في سماعها، وبدأ الحلف الزحف عسكريا إلى مناطق جوار روسيا، وكانت هناك استعدادات لشن هجوم على القرم. 3- الصدام مع النازيين الجدد كان أمرا لا مفر منه، وروسيا صدت العدوان بتحرك استباقي وكان ذلك هو القرار الصائب الوحيد. 4- بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بدأت الولايات المتحدة تتحدث عن «فرادتها»، مهينة ليس العالم بأسره فحسب بل ومن يدور في فلكها وهم قبلوا ذلك بخنوع. 5- نحن بلد مختلف ولن نتخلى أبدا عن حب الوطن والإيمان والقيم التقليدية واحترام جميع الشعوب والثقافات.
مشاركة :