الناشطون المعارضون في لبنان يعولون على الانتخابات للتخلص من الطبقة الحاكمة

  • 5/10/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم تقتل الأزمات المتلاحقة الأمل لدى الناشطين اللبنانيين الذين يدخول الانتخابات البرلمانية في مسعى لإحداث تغيير صعب المنال. وبعد ثلاث سنوات من التظاهرات ضد الطبقة السياسية الحاكمة التي يقودها حزب الله الموالي لإيران، لم يتردّد مرشحون معارضون عدد كبير منهم من الناشطين الذين صنعوا “الثورة”، في خوض الانتخابات البرلمانية، سعيا لتغيير سياسي يدركون سلفا صعوبته. ويختار اللبنانيون في منتصف مايو 128 نائبا، في انتخابات لا يتوقع خبراء أن تحدث تغييرا كبيرا في المشهد السياسي العام في البلاد الغارقة في أزمة سياسية واقتصادية حادة منذ أكثر من سنتين. وتقول فيرينا العميل التي دأبت على المشاركة في تظاهرات غير مسبوقة شهدها لبنان بدءا من السابع عشر من أكتوبر 2019، وهي من بين الشباب الأصغر سنا المرشحين للانتخابات “خوض الانتخابات النيابية بالنسبة إلي هو استمرار” للمواجهة ضد الطبقة السياسية. صعوبة التغيير فيرينا العميل: خوض الانتخابات هو استمرار للمواجهة ضد الطبقة السياسية تشكّل الانتخابات النيابية أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة تصدّرت ما بات يُعرف بثورة السابع عشر من أكتوبر، وطالبت بتنحي الطبقة السياسية، محمّلة إياها مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة. واستمرت التظاهرات لأشهر قبل أن تتراجع تدريجيا على وقع تفشي كوفيد – 19 ثم انفجار مرفأ بيروت المروّع في الرابع من أغسطس 2020 الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص وألحق دمارا واسعا بأحياء العاصمة، عدا عن تسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. وتضيف العميل (25 عاما) “بعد الثورة، أصابنا إحباط وحدثت موجة هجرة كبيرة”، لكن “في ظلّ ذلك كلّه، مازلنا نريد المحاولة. أترشح حاليا لأبرهن أننا مازلنا نرغب” بالإطاحة بالطبقة الحاكمة منذ عقود. ورغم النكسات في مواجهة سلطة متجذّرة وفشل مجموعات المعارضة والمرشحين المستقلين في الانضواء ضمن لوائح موحّدة في العديد من الدوائر الانتخابية، إلا أن الحراك الشعبي أفرز عددا أكبر من المرشحين المناوئين للأحزاب التقليدية مما كان الوضع عليه في آخر انتخابات في العام 2018. وبحسب “مبادرة سياسات الغد”، وهي مؤسسة بحثيّة مقرها بيروت، يشكل المرشحون المعارضون والمستقلون 284 من إجمالي 718 يخوضون السباق الانتخابي، مقارنة مع 124 مرشحا عام 2018. ويتوزع هؤلاء على 48 قائمة انتخابية في أنحاء البلاد، بما في ذلك في المناطق في الأطراف حيث تواجه قوى السلطة في بعض الدوائر تحديا حقيقيا للاحتفاظ بكامل مقاعدها. وفي الانتخابات الماضية، مارست العميل حقّها بالانتخاب للمرة الأولى. وبعد أربع سنوات، تستعد لمنازلة قوى السلطة بعد ترشحها في دائرة المتن الشمالي (شمال شرق بيروت)، بعدما أغنت مشاركتها في التظاهرات ونشاطها المدني مسيرتها الناشئة. وتتحدث المحامية الشابة بينما تجلس في أحد مقاهي بيروت، عن مغادرة العدد الأكبر من زملائها على مقاعد الدراسة، البلاد، وتقول “سنمضي في المواجهة”. وتضيف “الخطاب الذي صدحت به حناجرنا خلال الثورة سنكمله في الحملات الانتخابية وداخل المجلس” النيابي. وللمرة الثانية بعد عام 2018، يخوض الناشط والكاتب ومخرج الأفلام لوسيان بورجيلي الاستحقاق الانتخابي. رغم النكسات في مواجهة سلطة متجذرة إلا أن الحراك الشعبي أفرز عددا أكبر من المرشحين المناوئين للأحزاب التقليدية ☚ رغم النكسات في مواجهة سلطة متجذرة إلا أن الحراك الشعبي أفرز عددا أكبر من المرشحين المناوئين للأحزاب التقليدية ويقول “النقطة الأهم هي أن ينظر الناس إلى الانتخابات بوصفها تظاهرة”. ويتابع “كما وثّقنا تعرّض متظاهرين للضرب وخسارة عيونهم والقتل على الطرقات، علينا أن نوثّق كيف تُسرق الأصوات وكيف يحصل الغش”. وتحاول أحزاب السلطة، وفق بورجيلي “ضعضعتنا وتستخدم الأموال” لجذب الناخبين في بلد يقوم نظامه السياسي على تقاسم الحصص بين الطوائف، ما كرّس شبكات زبائنية متجذرة. وتواجه مجموعات المعارضة تحديّات جمة، مع إدراكها أن أدوات المواجهة مع قوى السلطة غير متكافئة لناحية القدرة على تجييش القواعد الشعبية والإعلام والقدرات المادية، وفي ظل قانون انتخاب فصّلته القوى السياسية على مقاسها. رغم ذلك، لم تنجح المعارضة في خوض السباق الانتخابي في لوائح مشتركة، وهو ما يحدّ، وفق محللين، من قدرتها على قلب موازين القوى وإحداث تغيير حقيقي. وتقول أستاذة الإدارة العامة في الجامعة الأميركية في بيروت كارمن جحا لفرانس برس “ثمة لوائح معارضة متنافسة في غالبية الدوائر وهذا أمر غير مقبول”. انقسام غير مقبول إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع يشكّل معضلة إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع يشكّل معضلة وتتابع “كنا بحاجة إلى الأمل، والأمل لا يمكن أن يأتي إلا من حملة وطنية”. ويشكّل إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع معضلة، مع فقدان كثر الأمل بإحداث تغيير، عدا عن كلفة المواصلات الباهظة مع اضطرار الناخبين للتوجه إلى المناطق التي يتحدرون منها للإدلاء بأصواتهم. وأظهر استبيان للآراء أجرته منظمة أوكسفام أنّ نحو 54 في المئة من أكثر من 4670 شخصا شملهم الاستطلاع، أبدوا استعدادهم للاقتراع في الانتخابات. الانتخابات النيابية تشكّل أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة تصدّرت ما بات يُعرف بثورة السابع عشر من أكتوبر، وطالبت بتنحي الطبقة السياسية وقالت المنظمة التي تتخذ من بريطانيا مقرا في تقرير نشرته الشهر الماضي حول سلوك الناخبين، إنّ “تدني المعدل نسبيا.. ربما يعود إلى شعور عارم بخيبة الأمل واليأس”. وأعرب أكثر من نصف من قالوا إنهم سيمتنعون عن الإدلاء بأصواتهم عن اعتقادهم بعدم وجود “مرشحين واعدين”، وفق المنظمة. في المقابل، أفاد قرابة خمسين في المئة ممن سيدلون بأصواتهم أنهم سيقترعون لصالح مرشحين مستقلين. وبعد فترة وجيزة من إعلان ترشّحه، قرّر الناشط السياسي ماهر أبوشقرا الذي كان في عداد قياديي “لِحقي”، مجموعة معارضة برز اسمها خلال التظاهرات المناوئة للسلطة، العزوف عن خوض الانتخابات. ويقول “عمر النظام اللبناني المئات من السنين.. ومواجهته صعبة جدا”، مضيفا “لا يُواجه بطريقة عبثية وغير منظمة”.

مشاركة :