تحولت أغلب الأراضي الزراعية في سوريا خلال الموسمين الحالي والماضي إلى أراض جافة بسبب انحباس الأمطار والتغيرات المناخية، وطول فترة فصل الشتاء والذي أتى على الأشجار المثمرة والخضر والمحاصيل الشتوية. وأكثر المناطق تضررا بالتغير المناخي هي مناطق شمال شرق سوريا والتي تعرف بالجزيرة، ومساحتها أكثر من 35 في المئة من مساحة البلاد التي تبلغ 185 ألف كيلومتر مربع، وتعد سلة غذاء سوريا في مختلف المحاصيل وخاصة الاستراتيجية… القمح والشعير والقطن والذرة الصفراء والملايين من الثروة الحيوانية. وأكد مدير زراعة الرقة المهندس محمد الخذلي، أن “مظاهر التصحر بدأت تجتاح مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا وذلك بسبب قلة الأمطار والمحاصيل التي تعتمد على الأمطار في عموم محافظة الرقة ومناطق شمال وشرق سوريا هي في وضع سيئ جدا هذا الموسم، وأغلبها لم تنبت لعدم هطول الأمطار، وسُجل انخفاض كبير في كمية الأمطار مقارنة مع الأعوام السابقة، في مركز مدينة الرقة سجل هذا الموسم 80 ملم في حين بلغت كمية الأمطار 208 ملم في عام 2019، وأثر انخفاض كمية الأمطار حتى على الزراعة المروية”. نورالدين منى: سوف يتعرض أكثر من 300 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا للعطش وبذلك تظهر الهجرة البيئية وأضاف المسؤول السوري أن “انخفاض كمية الأمطار وعدم إنبات الأعشاب والمحاصيل دفعت أصحاب الثروة الحيوانية إلى التنقل بها بحثا عن الغذاء، وسط مساحات تتحول إلى أراض جافة بعد أن كانت مراعي وحقولا”. هذه التغيرات المناخية نحو انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون درجة الصفر بعدة درجات أدت إلى خسائر كبيرة في الثروة الحيوانية والنباتية، فقد تعرضت قطعان الأغنام في مناطق جنوب سوريا لنفوق المئات من رؤوس الأغنام بسبب البرد الشديد وتلف الآلاف من البيوت الزراعة المحمية في الساحل السوري. وأكد المزارع محمد قاسم من ريف دمشق الجنوبي الشرقي، أن “انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر وقلة الغذاء وعدم قدرة المربين على تأمين الأعلاف لمواشيهم أدت إلى نفوق المئات من رؤوس الأغنام والماعز في مناطق ريف دمشق الجنوبي، كما أتلفت موجة البرد المئات من الهكتارات المزروعة بالمحاصيل الشتوية والورقية في مناطق جنوب سوريا عموما”. من جانبه أوضح الخبير الزراعي محمد يوسف من محافظة طرطوس الساحلية أن “الطقس في عام 2022 كان شبيها بالطقس الذي شهدته سوريا عام 1993 فقد كان الشتاء متأخرا إلى نهاية شهر ديسمبر، ولكن الأشهر الثلاثة الأولى من العام بل وحتى بداية شهر أبريل شهدت شتاء وربيعا قاسيين في درجات حرارة منخفضة وثلوج وأعاصير دمرت الآلاف من البيوت الزراعية المحمية وأخرجتها من الخدمة وأتلفت المزروعات وخاصة الخضر وبلغت خسائرها عشرات الملايين من الدولارات”. ودعا الخبير الزراعي الجميع من أفراد ومؤسسات ودول للعمل جميعا على مواجهة التغير المناخي، مضيفا “هذا واقع جديد يحتاج إلى إجراءات كبيرة، فنحن نرى ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الثلوج وزيادة التصحر إذن نحن أمام أزمة غذاء عالمية، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم”. سنوات الحرب التي تجاوزت العشر أوقفت وأجّلت الكثير من المشاريع في سوريا ومن بينها القطاع الزراعي والبيئي وبقيت المنظمات العربية والدولية تعمل وفق ما هو متاح في سوريا. ◙ التدخل البشري في الطبيعة لعب دورا كبيرا في التغير المناخي ما أدى إلى انخفاض درجات الحرارة في غير وقتها وقال مدير أكساد نصرالدين العبيد، إن “المنظمة العربية لدراسة المناطق الجافة والقاحلة (أكساد) قامت ومنذ حوالي 15 عاما بتنفيذ دراسات على التغيرات المناخية المتوقعة في المنطقة العربية، وبينت أن درجات الحرارة قد ترتفع 5 درجات نهاية هذا القرن وفق السيناريو الأسوأ”. وأضاف مدير أكساد، “الدراسات بينت تأثيرا سلبيا للتغيرات المناخية في مناطق شرق سوريا وانعكساتها على المحاصيل الزراعية وخاصة القمح والشعير بحيث تنخفض الإنتاجية لأكثر من 30 في المئة ونسبة انخفاض إنتاجية المحاصيل المروية بين 7 إلى 15 في المئة حسب نوع المحصول، لذلك قمنا بتطوير العديد من أصناف القمح والشعير المقاومة للجفاف والملوحة والأمراض وتم اعتماد أكثر من 80 صنفا في الدول العربية بالتعاون مع منظمات الإسكوا والفاو واليونسكو والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (جي.آي.زد) من أجل تقييم التغيرات المناخية على قطاع الزراعة والمياه وتطوير أدوات التكيف مع هذه التغيرات”. وحذر وزير الزراعة السوري الأسبق نورالدين منى وحذر من آثار التغير المناخي خلال الـ30 عاما القادمة بقوله، “سوف يتعرض أكثر من 300 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا للعطش وبذلك تظهر الهجرة البيئية، والأخطر من ذلك ربما نشهد ارتفاع مياه البحار وغرق السواحل (تسونامي) وهذه الحالة لم تحدث منذ أكثر من 100 عام ونشهد ما يرافقها من آثار على النبات والحيوان”. وحمل الوزير منى “الإنسان الدور الأكبر وراء التغيرات المناخية؛ لأن التدخل البشري في الطبيعة لعب دورا كبيرا في التغير المناخي وكان له أثر سيئ، هذه التغيرات والتقلبات الجوية أدّت إلى انخفاض درجات الحرارة في غير وقتها ما أدى إلى تلف المحاصيل وليس الأثر فقط على النبات بل كان لها أثر كبير حتى على صحة الإنسان وعموم النبات، بل تسبب بموت الكثير من الحيوانات، رغم كل ما يحدث لا تعمل الحكومة على أخذ الاحتياطات بل تنتظر الحدث وتجد له المبررات، يجب العمل بشكل جاد على وضع كل البرامج واتخاذ كل الإجراءات”.
مشاركة :